تألمنا كثيراً على مدى السنين الماضية وقبل قيام ثورة (25 يناير) من ما أُطلق عليه تزاوج المال والسُلطة، عندما اجتاح رجال الأعمال حكومتنا المصرية السابقة .
وحصلوا على العديد من الوزارات واختلطت السياسة ومصالح البلاد بالأعمال الخاصة والبيزنس والمصالح الشخصية وكانت النتيجة الحتمية هى فساد الحياة السياسية في مصر وإنتشار عمليات النهب والسرقة لموارد البلاد وخيراتها وإستغلال النفوذ لتسيير مصالح الأشخاص وليس الوطن.
وها نحنُ نُعيد الماضي دون أن نلتفت لما يحدُث بالبطئ حيث "يستشرى" بعض رجال الأعمال كمرض السرطان بسيطرتهم على جميع نواحي حياتنا ودون أن نشعُر فنحن نتحدث من خلال شبكاتهم، ونُشاهد قنواتهم الفضائية – التي أصبحت كالإعلام المصري السابق المُوجه-.
ونُصبح أعضاءاً في أحزابهم، ونتعامل مع شركات أدويتهم، ونقرأ جرائدهُم، ونسكُن في ُمنشآتهم..... ولازلنا نتعرف على العديد من الحقائق والنشاطات التي يقومون بها في جميع أنحاء البلاد وما خُفي كان أعظم.
كيف نٌسلم أنفُسنا مرة أخرى إلى أشخاص لهم أهدافهم الخاصة لتحقيق المزيد من الشُهرة والمصالح، كيف لنا أن ننسى طبيعة الأغلبية من رجال الأعمال عندما يحصُلون على النفوذ والسُلطة بجانب المال.
كيف لنا أن نتجاهل أننا بالتفافنا حولهم وإعطاء كل منهم الشعور بأنه "الأب الروحي" لمجموعة من شبابنا نجعلهُم يشعُرون أنهم على أعتاب تكوين إمبراطورية كاملة مُتكاملة تجعل من كل منهم "إخطبوطا" يكون أخطر وأشرس من النظام السابق قبل (25 يناير).
أنني حقاً أتعجب كيف أُصدق قنوات فضائية لرجال أعمال اختلطوا بالحياة السياسية وأصبح مُذيعوا قنواتهم يتصارعون لإرضائهم وبشكل مُستفز لا يتميز بالمصداقية.
أعتقد أنه حان الوقت لكى يختار هؤلاء بين أعمالهم الخاصة والمُشاركة في الحياة السياسية وأن يكون هناك مُراقبة من قبل المُختصين والمسئولين على تلك المُمارسات التي انتشرت بشكل ملحوظ مؤخراً وتحول بعض رجال الأعمال إلى ناشطين سياسيين أو مُنصحين إجتماعيين.
أخيراً أود أن أوجه رسالة وأقول، احترسوا يا شباب مصر ولا تنصاعوا وراء الكلام المعسول والأُنشودات الوطنية التي تخفي وراءها أهدافاً ليست في صالح الوطن .
لأن من كان يُريد إصلاح الوطن لكان أصلحه أو على الأقل حاول المُساهمة في إصلاحه من قبل ايام النظام السابق الذي استمر اكثر من ثلاثين عاما وكانوا هم رموز هذا النظام ورجال اعماله .
وعليكم أن لا تنسوا تضارُب التصريحات والأقاويل بين ما قبل الثورة وأثناءها، وما بعد الثورة وحالياً، فأصحاب المبادئ فقط هم من يُحترمون ومن يجب أن نلتف حولهم وهذا لن يظهر حالياً في ظل الساحة الساخنة بالأحداث والتغُيرات والتضارُبات والمُنافسة الشرسة للحصول على قبول الشعب المصري والشباب بشكل خاص.
ولذلك فعلينا أن نهدأ ونُعطي فُرصة إلى وجوه أخرى تلتزم الصمت حتى الآن أو جديدة لكى تظهر على الساحة وتُعبر عن نفسها.
* باحثة مصرية في مجال الدراسات الإعلامية والمعلوماتية