كيف تحول "فلول" وأعمدة النظام السابق إلى مناضلين؟!!.. وكيف تحول المناضلون إلى خونة وعملاء؟!!.. لماذا غابت المهنية الإعلامية أو الموضوعية فى هذا الوقت الحرج؟!!.. لماذا فشل الإعلام فى هذا الوقت العصيب؟!!.. وهل يمكن أن يلعب الإعلام دورا محوريا فى تحقيق أهداف الثورة؟!!.. بعد أن اختلط الحابل بالنابل. حول دور الفضائيات بعد ثورة 25 يناير؟!! أقيمت ندوة ضمن فعاليات المحور الرئيسى بعنوان «الفضائيات والثورة» شارك فيها د. ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامى والأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة. تحدث الدكتور ياسر عبدالعزيز فى البداية عن الأنواع المختلفة للفضائيات الموجودة حالياً على الساحة، مؤكداً أن السؤال عن الفضائيات المصرية موضوع شائك جداً ولا يمكن الوصول إلى تشخيص متكافئ إلا باستعراض أنواع الفضائيات المصرية المختلفة. وقال: النوع الأول من الفضائيات تلك المملوكة للدولة المصرية أو الحكومية من ضمنها تليفزيون الفضائية المصرية وقطاع قنوات النيل الثقافية وقطاع النيل للأخبار وغيرها الكثير وهى معلومة للجميع، الفضائيات الحكومية هى مملوكة للدولة ولكن الذى يمولها هو الشعب وتدار بواسطة الحكومة إلا أن المستفيد من هذه الفضائيات كان النظام الحاكم. أما النوع الثانى فيتمثل فى الفضائيات الخاصة المملوكة لرجال الأعمال ومنها ما كان يعمل قبل الثورة ومازال حتى الآن وهناك خصوصية تحكم كل نوع من تلك الأنواع. وعن التليفزيون الحكومى قال ياسر عبدالعزيز: مبنى التليفزيون وحده يعمل به 43 ألف شخص، وهذا العدد يفوق ثلاث جيوش عربية مجتمعة وتصدر عنه 30 قناة تليفزيونية و9 قنوات إذاعية إلا أن هذا العدد الكبير لم يستطع أن يكون قادراً على الوفاء بدوره الوظيفى فيما يتعلق بالتثقيف والترفيه والتنمية على الرغم من تراكم مبالغ فائقة من الديون تصل من 12 إلى 16 مليار جنيه. والدليل على غياب هذا الدور أنه فى حالة حدوث قضايا تشغل الرأى العام المصرى مثل غرق العبارة أو انقلاب قطار سكة حديد أو حتى تزوير انتخابات مجلس الشعب فى 2010 كان الناس يتجهون إلى الفضائيات لمتابعة هذه الأحداث وهذا يدل على أن وظيفة هذه القنوات غير متحققة وهذه المنظومة كانت تعمل فقط على تلميع أشخاص بعينهم وهم التابعين للنظام السابق وتلطيخ سمعة المعارضين لهم بدلا من العمل على توعية وتثقيف المواطنين وهذا الجهاز المهم كان ومازال مسروقاً من ملاكه الحقيقيون وهم الشعب. وأضاف: فى عام 1996 حدث تحول مهم فى الإعلام العربى بظهور قناة الجزيرة العربية حيث ظهر بها هامش من الحريات كان بمثابة «حجر ألقى فى بركة راكدة» على الرغم من أنها كانت تمارس انحياز بالغ السوء أحياناً ولكنها سمحت للمشاهد المصرى بأن يرى الاتجاه المعاكس من المعارضين للحزب الوطنى فالجمهور لم يعد محبوسا فى هذا الصندوق الذى يمثل الإذاعة والتليفزيون المصرى فقط لكنه أصبح من خلال الدش يشاهد قنوات كثيرة كان منها قناة الجزيرة. ظهور مثل هذه الفضائيات جعل النظام السابق يتخذ بعض الإجراءات فى هذا الصدد منها زيادة هامش الحرية فى الإعلام الرسمى ولكنها زيادة محسوبة وغير مطلقة بالإضافة إلى فتح المجال أمام بعض الشخصيات الممنوعة من الظهور فى الإعلام الرسمى ولكن كل هذا كان يحدث تحت خط معين لا يمكن تجاوزه تحت أى ظرف من الظروف، كما اتجه صانع القرار بفتح المجال لإنشاء الفضائيات الخاصة من خلال رجال الأعمال الذين لهم علاقة بالنظام السابق، وكل التمويل الموجه لهذه القنوات جاء عن طريق التجارة فى الأراضى المملوكة للدولة. وأشار د. ياسر إلى أن من يشاهدون التليفزيون المصرى لا تشاهدوه من أجل الموقف السياسى فقط ولكن من أجل أشياء أخرى كثيرة فعلى مدى 150 عاماً كانت صحيفة الأهرام على سبيل المثال بالرغم من ولائها الدائم للحاكم إلا أنها تنافس على الصدارة.. يمكن أن تكون ضد المحتوى الذى يتضمنه الأهرام ولكنك تشتريها لأن اسمها مرتبط فى وجدانك بتاريخها. كذلك التليفزيون المصرى لا نقبل المحتوى السياسى الذى يأتى به لكننا نشاهده باعتباره وسيلة عريقة مرتبطة بالوطن فوسيلة الإعلام تتضمن ثلاثة أشياء "اسم تجارى وخدمة ومحتوى" والتليفزيون وصحيفة مثل الأهرام والأخبار لديها اسم تجارى ونطاق خدمة واسعة بالإضافة إلى المحتوى الذى تقدمه باستثناء الاتفاق مع هذا المحتوى أو معارضته. و قال: عندما دعت الحاجة صانع القرار السياسى إلى إنشاء بديل آخر للإعلام الحكومى ظهرت القنوات الخاصة وما حدث أن هذه الفضائيات لعبت دور فى إظهار الغضب عن طريق المناقشات التى كانت تديرها وهذا الشعور بالغضب استطاع أن يبلور حالة من التعبئة والحشد وفى تصورى أنها لعبت دور فى التعبئة والحشد لثورة 25 يناير على الرغم من أنها كانت تناوئ النظام السابق بصفة أساسية وبسبب ظهور الفضائيات الناطقة بالعربية كان بمثابة المارد الذى استطاع أن يفتح مجال جديد أمام ما كان يحدث فى الإعلام الرسمى المملوك للدولة. وعن دور التليفزيون الحكومى أثناء الثورة أضاف: الفضائيات الرسمية بدأت أثناء 25 يناير القيام بحالة من التعتيم والإنكار وبعد المرحلة الأولى من الثورة بدأت فى إحداث حالة من الترويع والرعب وبعد سقوط النظام بدأت فى مرحلة غسل اليد من مساوئ النظام السابق بل زادت على ذلك بإلقاء اتهامات كثيرة عليه، وما أن أحكم المجلس العسكرى قبضته على مقاليد الحكم فى البلاد حتى بدأت فى البحث عن طريق تستطيع من خلاله خدمة النظام الجديد والمتمثل فى المجلس والإشكالية الأساسية فى الفضائيات الخاصة المملوكة للدولة أنها تفقد الرؤية وتبحث عن سيد مطاع لتخدمه على الرغم من أن المفروض عليها أن تخدم سيد واحد فقط وهو الشعب لأنه مالكها الحقيقى. وفى إشارة للفضائيات التى ظهرت بعد الثورة قال: على الرغم من الحالة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد إلا أنه كان هناك ثلاث صناعات مزدهرة جداً وهى «سرقة السيارات وتجارة السلاح وظهور الفضائيات» وهذا ما شاهدناه من الأعداد الكبيرة للقنوات الفضائية التى انطلقت بعد الثورة وهذا يعود إلى وجود مصالح خارجية وداخلية سياسية أرادت أن توجد لها قدم فى مصر ولم تجد غير الفضائيات. ومن ينظر فى الوضع الحالى لتلك الفضائيات يلاحظ أن هناك أموال سياسية ساخنة مشبوهة تم ضخها لهذه الفضائيات ويتم استثمارها بدون دراسات جدوى سابقة بغرض إحداث تأثير سياسى يحقق أهداف معينة لأن هذه الأموال دخلت إلى مصر ليس بغرض ازدهار مثل هذه الصناعة ولكن بغرض إحداث بلبلة فى الرأى العام المصرى فمصر الآن تعانى من انكشاف إعلامى خطير. وأضاف: أنا لا أريد أن أتهم كل من دخل مجال الفضائيات بعد ثورة 25 يناير ولكنى أؤكد أن معظم تلك القنوات لها أهدافها الخاصة وقد أشار الفريق عنان إلى ذلك متحدثا عن أربع تحديات تواجه مصر فى المرحلة المقبلة وذكر من ضمنها الإعلام وهذا ما شاهدناه أيضاً فى مناقشات مجلس الشعب التى وجهت أصابع الاتهام إلى الإعلام واتهامه بتأجيج الأوضاع فى مصر. وأضاف هناك شعور عارم مليء بالغضب من الإعلام شارك فيها أكثر من مصدر وأكثر من جهة وهذه تعد حالة من إثارة الدخان وليس هدفها إزاحة من كانوا فى الإعلام واستبدالهم بأفواه أفضل ولكن هدفها الأساسى إحداث حالة من التعتيم على ما ارتكبه الإعلام مازال يرتكبه حتى الآن. وأكد على أن إلقاء المسئولية على الإعلام لا يتحقق عن طريق التشويه والتخوين ولكن يأتى من خلال تشريع يضع هذا الإعلام تحت قوانين ضابطة وإنشاء هيئة ضابطة تراقب على هذا الإعلام لأن مصر تعمل فى ظل انفلات إعلامى وأى حديث خلاف التشريع الحاكم ووجود لجنة ضابطة يعتبر تضيع للوقت.