فجرت الأحداث الأخيرة علي الساحة وتصريحات المهندس حسين صبور في العدد الماضي ل"الأسبوعي" قضية احتراف رجال الأعمال للسياسة. واصلنا فتح الملف بصورة محايدة وتركنا للخبراء كل يدلي برأيه. بداية لابد من الاشارة إلي أنه عندما يختلط المال بالسياسة يظهر الفساد وعندما تتقدم الشركات أو ممثلوها للعب دور في الحياة السياسية والاجتماعية عادة لا يكون هذا الدور منزها عن الأهواء والمصالح التي تعد الحاكم الأول لسلوكيات الشركات والقائمين عليها بمجرد انتقالهم من المجال العام الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلي المجال العام السياسي والثقافي والاجتماعي. مما لا شك فيه أن ممارسة رجال الأعمال للعمل السياسي حق مشروع ودستوري ولا يمكن لأحد أن يمنعهم من ممارسته وهي ظاهرة عالمية وتصاحبها نجاحات كثيرة تحفز علي تكرارها ولكن الوضع في مصر له خصوصية فلا أحد يستطيع أن ينكر أن أغلب رجال الأعمال الذين دخلوا إلي العمل السياسي دخلوه من أجل حماية مصالحهم الاقتصادية من خلال الحصانة البرلمانية أو الضغط علي الجهات الرقابية أو التغلغل بمراكز النفوذ الاقتصادية في البلد حيث إن السياسة كانت وسيلة لزيادة الثروة وأن بعضهم دفع ملايين في مقعد برلماني ليس رغبة منه في خدمة أبناء دائرته ولكن علي أمل أن يسترد تلك الملايين أضعافا مضاعفة من خلال خدمة مصالحهم الاقتصادية لذا فإنهم في كل موقع سيتواجدون فيه سيكون هدفهم الأول هو مضاعفة أرباح شركاتهم وزيادة ثرواتهم دون النظر إلي مصلحة الجهات التي يديرونها. والسؤال الذي طرحناه هل يوجد حد فاصل بين العمل العام ومصالح رجال الأعمال في ظل اختلاط الأوراق الذي شهدته الساحة السياسية والاقتصادية في الفترة الأخيرة؟ الوزارة الحالية تضم عددا من رجال الأعمال مثل المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة القادم من القطاع الخاص والمهندس محمد منصور وزير النقل القادم من ثاني أكبر عائلة في عالم البيزنس الذي يمتلك توكيل سيارات شهير وكذلك أمين أباظة وزير الزراعة والذي يمتلك شركات خاصة بالاستصلاح الزراعي وأحمد المغربي وزير الاسكان والذي يمتلك أنشطة متعددة في مجال السياحة قبل اختياره وزيرا والدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والذي يمتلك مستشفي شهيرا وكلهم رجال أعمال يعملون علي دمج الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي وكانوا أكثر الوزراء الذين وجهت إليهم انتقادات بسبب أو بدون. قيوط وضوابط في البداية يري د.مصطفي السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أن رجل الأعمال يمتلك كل الحق في مباشرة العمل السياسي وذلك في ظل النظام الحالي والقائم علي العمل وفق اقتصاديات السوق حيث يلعب القطاع الخاص دورا رئيسيا في هذه المنظومة ولكن يجب عند قيام رجل الأعمال بممارسة العمل السياسي أن تكون هناك قيود وضوابط حتي لا يختلط الأمر بين السلطة والمال وحتي لا يتمكن رجل الأعمال من توظيف مركزه ونفوذه السياسي في اذكاء مصالحه الخاصة وفي دعم هذه المصالح. وينوه السعيد إلي وجود ضوابط من الممكن أن يلتزم بها رجل الأعمال عند توليه منصب عام حيث توجد وسائل عديدة في الدول الرأسمالية المتقدمة يمكن الاستعانة بها في وضع ضوابط تفصل ما بين مباشرة العمل السياسي وعدم استغلال النفوذ وهو الأمر الذي قد يؤدي إلي مزيد من الفساد وعلي سبيل المثال في الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما يتولي أحد رجال الأعمال منصبا سياسيا يقوم أولا بالإعلان عن ثروته من خلال تقديم اقرار بحيث يترك إدارة ثروته لجهة مستقلة عنه ومن ثم يبتعد عن الشبهات من خلال عدم الخلط بين عمله السياسي وإدارة ثروته. وينوه السعيد إلي أن تطبيق مثل هذه الخطوة أمر يصعب حدوثه في مصر في الفترة الحالية والسبب كون الادارة الحكومية ضعيفة إلي جانب المجاملات وعدم وجود سبل للمحاسبة اليقظة لرجال الأعمال وهو الأمر الناتج عن عدم وجود رقابة كافية مما يدعو بعض رجال الأعمال إلي استغلال الموقف وذلك بسبب طبيعة النظم السياسية في الدول النامية التي تتسم بالضعف وعدم القدرة علي اتخاذ القرار.