عالم أفضل بدون بوش! أحمد ذيبان ربما يتمنى كثيرون من المظلومين والمقهورين في العالم زوال اميركا عن الخارطة، بسبب سياساتها الرعناء وما تسببه للبشرية من أزمات، لكن هذه امنية خيالية، فمع شرور اميركا الكثيرة، فان بقاءها مهم ايضا للعالم، فبعد ان تعولم الاقتصاد، فان اي عطسة في وول ستريت تصيب الاسواق العالمية بالانفلونزا، وانهيار اميركا اقتصاديا يعني كارثة عالمية، ولا يستبعد ان يقود الانهيار الى مزيد من الحروب والدمار، للهروب من الازمة!. نحن اليوم في اواخر عهد الرئيس بوش الابن، وهي فترة سوداء بالنسبة للولايات المتحدة والعالم، فقد قادت سياساته المتهورة، العلاقات الدولية الى احتقان وتوتر سياسي غير مسبوق منذ عشرات السنين، حيث احتلت اميركا العراق وافغانستان في حربين لا شرعية لهما، تسببتا بدمار هائل للبلدين وتأزيم للاوضاع الاقليمية والدولية، فضلا عن اطلاق سباق تسلح جديد مع روسيا يستنزف اموالا ضخمة، اما سياسات بوش الاقتصادية الداخلية فهي لا تقل سوءا، ويؤكد ذلك معظم الخبراء والمحللين الاقتصاديين، وفي كل الاحوال فان الكارثة المالية التي تعصف بالعالم اليوم، ستسجل ضمن تركة بوش البائسة، فهل ثمة اسباب اكثر وجاهة من هذه لكي نقول ان العالم سيكون أفضل بدون بوش ، مستعيرين العبارة التي كان يكررها الرئيس الاميركي دائما لتبرير حروبه وحماقاته ان العالم سيكون افضل بدون صدام حسين !. عالم يحبس انفاسه، وبورصات تنهار، وخسارات هائلة يتكبدها المستثمرون تقدر بمبالغ فلكية، فيما يخيم القلق والارتباك والخوف من الايام والاسابيع المقبلة، على الاوساط السياسية والاقتصادية في مختلف انحاء العالم، خاصة الدول الكبرى ذات الاقتصادات القوية في اوروبا وشرق اسيا، وانتقلت الارتدادات العنيفة الى بورصات عربية، رغم التطمينات التي تقول ان الاسواق العربية محصنة وفي منأى عن تداعيات الازمة!. كان ثمة رهانات، بتأثير تعبئة سياسية ونفسية داخل الولاياتالمتحدة، على خطة الانقاذ المالي، للشركات والبنوك المنهارة، وبفعل هذه التعبئة تخيل البعض ان اقرار الخطة يحمل الترياق ، لكن الرهانات على خطة الانقاذ تبخرت بسرعة، فلم تنجح خطط ضخ تريليونات الدولارات من قبل الحكومة الاميركية وحكومات اخرى في اوروبا ودول اخرى في وقف النزيف والانهيارات، بل بدا وكأن النتائج عكسية!. ساسة العالم والاقتصاديون، في حالة صداع نصفي، وثمة اتصالات ولقاءات متسارعة للبحث عن حلول وطمأنة المستثمرين على الاستقرار المالي، وفقا لحسابات المصالح الوطنية والاقليمية، و ثمة تحالفات اقتصادية تتشكل لن تكون بعيدة عن السياسية، تحت ضغط الاعصار المالي، حتى الدول الأوروبية التي يجمعها اتحاد وتكامل اقتصادي، بدت مواقفها متباينة نسبيا بشأن سبل صد رياح الاعصار الاميركي!. هذا الفيروس الرهيب الذي وصل الى عصب القطاعات الانتاجية والخدمية، مصدره الولاياتالمتحدة، وهو يعيد الى الاذهان الكساد الكبير في اواخر عشرينات القرن العشرين، الذي بدأ ايضا في اميركا، وانتقل الى بقية انحاء العالم، وربما كان احد الأسباب التي هيأت البيئة المناسبة لاشعال الحرب العالمية الثانية بكل ما جلبته من كوارث للعالم!. عن صحيفة الرأي الاردنية 30/10/2008