الرهان علي أوباما! أحمد ذيبان لم نر باراك أوباما عن قرب خلال زيارته القصيرة لعمان، فشاهدنا صورته وتابعنا تصريحاته عبر شاشات التلفزيون، كما هو الحال في خطاباته وتصريحاته خلال حملته الانتخابية الديناميكية، وربما شعرنا بوقع خطوات الرجل بين ظهرانينا من الناحية النفسية، بحكم ما فرضه الرجل علي الرأي العام الامريكي والدولي من اهتمام استثنائي في الانتخابات الرئاسية الامريكية، فهو أول أسود يصل إلي الشوط النهائي في السباق، بعد أن أخرج السيناتور هيلاري كلينتون من المنافسة وفاز بترشيح الحزب الديمقراطي!. ثمة تعاطف واضح مع اوباما من قبل غالبية العرب والمسلمين، ونسبة كبيرة من الرأي العام العالمي، بسبب لونه وأصوله الأفريقية وما يقال عن انتماء عائلته الاسلامي، وطروحاته التي تحمل شعار التغيير، مقارنة مع خصمه الجمهوري جون ماكين المدعوم من قبل متطرفي المحافظين الجدد الذين أورثوا أمريكا كما كبيرا من الكراهية بسبب الكوارث التي احدثوها في مناطق عديدة وزيادة منسوب التوترات في العالم. ليس لدينا وهم، بأن أوباما سيحدث تحولا دراماتيكيا في السياسة الخارجية الأمريكية، ربما باستثناء أسلوب التعبير عن هذه السياسة بالقول والفعل، ولعل أوباما اذا نجح يكون اقل تطرفا وغطرسة، ذلك أن أمريكا لها استراتيجية خارجية محكومة بخطوط حمراء يصعب تجاوزها، بينها الالتزام الثابت بدعم اسرائيل وتبني سياساتها العدوانية، وقد اكد أوباما في مؤتمره الصحفي بعمان التزام واشنطن بعلاقات التحالف الخاصة مع تل أبيب سواء كان ساكن البيت الأبيض ماكين أو أوباما، لا فرق!. من حيث الجوهر لم يخرج أوباما عن ثوابت السياسة الامريكية مع اختلاف في التفاصيل والتكتيكات، في تصريحاته خلال جولته الحالية في المنطقة، التي بدأها في افغانستان ثم الكويت والعراق والأردن وإسرائيل قبل التوجه إلي اوروبا، من حيث اعتبار أفغانستان "الجبهة المركزية للحرب علي الإرهاب ، وضرورة تعزيز قوات الاحتلال هناك، ووضع جدول زمني للانسحاب من العراق رغم الضبابية التي رافقت موقفه بهذا الشأن خلال زيارته لبغداد!. وفي إسرائيل سنسمع اليوم تصريحات لأوباما تؤكد انحيازه المطلق لها وتأكيد الولاء لها، بالزيارة التي تفرض علي أي زائر كبير للدولة العبرية بالقلنسوة اليهودية الي ما يعرف ب حائط المبكي ومتحف المحرقة ولن ينسي أوباما تقديم بعض البهارات للفلسطينيين بالدعوة الي إقامة دولة لهم قابلة للحياة، ومطالبتهم بمكافحة الإرهاب !، وربما يكون أوباما - إذا أصبح رئيسا - أكثر جدية من بوش في رعاية عملية التسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل. أوباما شخص تبدو عليه البساطة، نظرا لجذوره الاجتماعية المتواضعة، يصعد سلم الطائرة حاملا شنطة أمتعته، ويعلق في حزامه هاتفه الجوال، لكن من السذاجة ان يحاول العرب تعويض عجزهم بالرهان عليه - إذا نجح- لإنقاذهم مما هم فيه من أحوال بائسة، فإجراء أي تعديل في السياسة الامريكية ممكن، ولكن ذلك يتطلب توفر إرادة سياسية واستخدام أوراق ضغط متوفرة بيد العرب، أيا كان ساكن البيت الأبيض، أوباما أو ماكين أو حتي بوش!. عن صحيفة الراية القطرية 24/7/2008