صدر مؤخرا كتاب "عقيدة الصدمة" للكاتبة نومي كلاين التي فازت قبل أيام بجائزة وارويك عن الكتابة، والتي تصور فيه على نحو معقد نشوء كارثة رأسمالية. ووفقا لصحيفة "الدستور" الأردنية وصفت لجنة التحكيم الكتاب بأنه "عمل متألق ، واستفزازيّّ"، علاوة على كونه بحثاً اسقصائياً في فظاعات عصرنا، ومكتوباً على نحو بارع. يرسم الكتاب خريطة للسنوات الأربع التي قضتها كلاين وهي تتقصى لحظات الأزمات الجماعية من مثل أحداث الحادي عشر من أيلول ، وإعصار كاترينا ، واصفة الطرق التي استثمًرت هذه الكوارث بها من قًبَل المؤسسات الراسمالية العالمية المختصة بالافادة من الكوارث واستغلالها. والكتاب يعتبر استمراراً لحملة التحقيقات التي تقوم بها كلاين في المكائد التي تصممها شركات الثقافة، وهذه المرة تنبش فكرة الانزياحات الاجتماعية الكبرى نحو نحو اقتصاد السوق الحرة بوصفها نتائج لردة فعل عامة حيال أحداث صادمة. واستطاعت الكاتبة أنْ تفضح الخرافة القائلة بأنّ انتصار السوق الحرة هو انتصار للديمقراطية، كما أنها تفضح أيضاً أنماط التفكير، وأثر الأموال، واللعبة من وراء الأزمات العالمية المتغيرة، والحروب التي حدثت على مدى العقود الأربعة الفائتة، وتصور كيف أصبحت سياسات السوق الحرة الأميركية تهيمن على العالم، وكيف تم استغلال هذه السياسيات لشعوب كثيرة من بلدان مختلفة. في الحرب الأهلية العراقية، كشف النقاب عن قانون جديد يسمح لشركة شًل والشركة البريطانية للنفط بالمطالبة بالعائدات الضخمة من نفط هذا البلد العربيّ. من ناحية اخرى ، نرى أنّ إدارة بوش ، ومباشرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أوكلت التمويل الخارجيّ "للحرب على الإرهاب" إلى هاليبيرتون وبلاك ووتر، وكيف استغلت السياسات ذاتها الكارثة التي ترتبت على تدمير إعصار تسوماني سواحل جنوب شرق آسيا.. هذه الأحداث جاءت أمثلة على "عقيدة الصدمة": استخدام الدمار الذي يتبع الصدمات الجماعية كالحروب، أوالهجمات الإرهابية، أو الكوارث الطبيعية، من أجل تحقيق الهيمنة عن طريق فرض حلول اقتصادية صادمة. يبين الكتاب رأسمالية الكوارث التي تعيد هندسة المجتمعات المترنحة بفعل الصدمات لم تبدأ استخدام هذه السياسات مع أحداث الحادي عشر من أيلول: بل إنّ جذورها تعود إلى خمسين سنة مضت ، أنتجت جامعة شيكاغو كثيراً من أوائل الفكرين المحافظين الجدد ، ومن المفكرين الليبراليين المحدثين أيضاً ، الذين ما زال تأثيرهم متأصلاً في واشنطن ذاتها أيامنا هذه. ويبين الكتاب العلاقات بين السياسات الاقتصادية وبين الحرب التي تسعى إلى التخويف والترهيب وبين التجارب السرية التي مولتها ال سي آي أيه في مجال التعذيب عام 1950، مساعدة بذلك على تأليف كتب إرشادية في التعذيب الذي استخدم في غوانتانامو. ويتتبع الكتاب تطبيق هذه الأفكار في تاريخنا المعاصر باستحضار شواهد من مثل انقلاب بينوتشي في شيلي عام 1973، ومذبحة ساحة تيانامين عام 1989 ، وانهيار الاتحاد السوفييتيّ عام 1991، والأزمة الاقتصادية الآسيوية عام 1997 ، وإعصار ميتش عام 1988م.