أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 7 مايو بسوق العبور للجملة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    وسط اشتباكات عنيفة بين قوات البلدين .. الجيش الباكستاني يعلن إسقاط خمس طائرات حربية هندية    الرئيس السيسي يتوجه اليوم إلى اليونان.. يعقبها مشاركته باحتفالات النصر في روسيا    مصر وقطر تصدران بيانًا مشترك لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة    إحالة عاطلين للمحاكمة الجنائية لسرقتهما 6 منازل بمدينة بدر    كندة علوش عن تجربتها مع السرطان: الكيماوي وقعلي شعري.. اشتريت باروكة وما لبستهاش    كندة علوش تكشف سر نجاح زواجها من عمرو يوسف    مهرجان «كان».. مشاركات قياسية والتأكيد على دعم الأصوات السينمائية الجديدة    النائب عمرو درويش: لا إلغاء تلقائي لعقود الإيجار القديم.. والمحاكم هي الفيصل حال عدم صدور قانون    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 بعد آخر ارتفاع    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. حديد عز ب39 ألف جنيه    المركزي الصيني يخفض سعر الفائدة الرئيسي في ظل تهديد الرسوم الجمركية الأمريكية    لبسوا الأطفال صيفي، الأرصاد تعلن بداية الموجة الحارة وتكشف موعد ذروتها    مواعيد امتحانات العام الدراسي المقبل لصفوف النقل والشهادات الدراسية 2026    موعد مباراة مصر وتنزانيا في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة والقنوات الناقلة    سيد عبدالحفيظ يكشف لأول مرة ماذا حدث في علاقته مع حسام غالي    المجلس الوطنى الفلسطينى يجدد الدعوة للمجتمع الدولى للتحرك العاجل لوقف جرائم الاحتلال    تشكيل ارسنال المتوقع أمام باريس سان جيرمان في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    أمير مرتضى منصور: «اللي عمله الأهلي مع عبدالله السعيد افترى وتدليس»    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    سيد عبد الحفيظ يستبعد إعادة مباراة القمة ويعلّق على أزمة زيزو ورحيله عن الزمالك    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    اليوم| أولى جلسات استئناف المتهم بالنصب على نجم الأهلي مجدي قفشة    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    كوكلا رفعت: "أولاد النيل" توثيق لعفوية الطفولة وجمال الحياة على ضفاف النيل    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    الهند: هجومنا على باكستان أظهر انضباطًا كبيرًا في اختيار الأهداف وطريقة التنفيذ    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدارس المصرية عذاب الطفولة / د.أحمد الخميسي
نشر في محيط يوم 08 - 11 - 2008


المدارس المصرية
عذاب الطفولة

د. أحمد الخميسي

كنت في السنة الخامسة بمدرسة راتب باشا الإبتدائية حين بدأت كل ليلة ، قبل نومي ، أدعو الله بحرارة أن أستيقظ في الصباح وأتجه إلي المدرسة فأجدها مهدومة بقدرة قادر فأعود لأكمل نومي دون توبيخ من أحد . وكان عندي سيناريوهات مختلفة لهدم المدرسة كنت أرفقها كلها بدعائي الحار لأسهل على العناية الإلهية عملها .

وكان العقاب البدني هو أول أسباب كراهيتنا للمدرسة ، وكان بعض المدرسين يتفنن فيه ، فمنهم من كان يفضل المسطرة ، ومنهم من كان يحبذ الصفع على الوجه ، ومنهم من كان يجبر التلاميذ على الوقوف ووجوههم إلي الحائط ، وغير ذلك .

بالطبع كان هناك مدرسون عظماء ، ونبلاء ، لولاهم ما تحملنا المدرسة ، لكن العقاب البدني المهين كان طريقة سائدة ، مع أن العقاب البدني ينسف من الأساس كل فكرة التربية ، وكل منهج التعليم ، إذ ينقل طرفي المعادلة ( المدرس والتلميذ ) من خانة التعليم والتعلم بمخاطبة العقل إلي خانة الحيوانية البدنية البحت ، إلا أننا لم نسمع أبدا حينذاك ، لا أنا ولا أي من أبناء جيلي على ما أعتقد ، عن مدرس ضرب تلميذا ضربا أفضى إلي الموت !

ولم نسمع عن مدرسين يتحرشون جنسيا بالأطفال، أو عن ناظر مدرسة ضرب تلميذا بكابل كهرباء حتى أغمى على التلميذ ! لم تتردد بيننا أبدا مثل هذه القصص المرعبة التي تصلح مادة لأفلام هيتشكوك . لكننا الآن صرنا نسمع عن كل ذلك وأكثر ، ونقرأ في أواخر شهر أكتوبر عن تلميذ لم يتجاوز الحادية عشرة ، أي طفل، أفلتت منه ضحكة في مدرسة سعد عثمان الابتدائية بالاسكندرية ، فما كان من مدرس الرياضيات هيثم نبيل إلا أن ركله بقدمه فلما وقع على أرض الفصل واصل ضربه بالعصا وسبب له من الرعب ما أدى إلي وقف النبض والتنفس ووفاة الولد الذي ضحك لأنه طفل!

وفي منطقة شبرا الخيمة قام الناظر السيد محمد زكي بضرب محمد عبد اللطيف التلميذ بالصف الثاني الإعدادي بكابل كهرباء على جميع أجزاء بدنه حتى أغمى عليه ونقل إلي المستشفى ! وحين استدعي الناظر للتحقيق لم ينكر شيئا وقال إنه كان يقوم " بتأديب الولد وتربيته"!

وفي أول نوفمبر الحالي نشرت الصحف أن صلاح عاشور المدرس في مدرسة السيدة خديجة الابتدائية ببورسعيد ضرب التلميذ شهاب الطيب بالبوكس في صدره لتأخره في نقل الشرح المكتوب على السبورة إلي كراسته ، فنزفت الدماء من فمه ونقل إلي المستشفى!

ونشرت جريدة الجمهورية في أبريل هذا العام أن مدرس التربية الرياضية في مدرسة ليسيه الحرية بالنزهة ضرب التلميذة شروق عبد العليم ، وعلقها من قدميها بمروحة السقف في الفصل بحجة جلوسها بطريقة غير لائقة ! علما بأن التلميذة لم تتجاوز السابعة من عمرها !

أما عن حوادث التحرش الجنسي بالتلاميذ فهي كثيرة ويحرر الأهالي بها محاضر ثابتة في مختلف أقسام الشرطة. ومن يتابع مظاهر الرعب والتفسخ هذه سيجد أنها منتشرة أساسا في مدارس الأحياء الفقيرة والقرى والصعيد ، حيث يوقن المدرسون ، أن التلاميذ من أصول اجتماعية فقيرة ، وأن أهلهم سيلزمون الصمت لأنه ليس بوسعهم الدفاع عن أنفسهم أو عن أولادهم .

وتصبح الصورة قاتمة إذا أضفنا إلي مظاهر الرعب والتحلل والتحرش حالة التعليم في المدارس التي تصل فيها كثافة التلاميذ في الفصل الواحد إلي ستين تلميذا ، إضافة إلي ارتفاع المصروفات، وظاهرة تسريب الامتحانات التي قرأنا عنها أكثر من مرة ، وتدهور المستوى التعليمي ، بحيث أننا نجد أنفسنا في نهاية المراحل التعليمية أمام طلاب أنهوا التعليم الجامعي لكنهم يرسبون في امتحان الإملاء البسيط !

ظروف المدرسين أنفسهم هي الأخرى صعبة من دون شك ، ورواتبهم ضعيفة ، لكن ذلك لا يصلح مبررا لاعتبار أن الضرب حتى الموت والإهانة حتى المرارة وسيلة تربوية . وأعتقد أنه من الضروري أن تكون هناك وقفة حازمة بالنسبة لضرب التلاميذ وتحقيرهم ، الذين أصبحوا بحاجة وأن على الوزارة أن تصدر قرارا ينص على الفصل الفوري لأي مدرس يتعدى على تلميذ بالضرب .

مازلت أذكر أن كاتبا كبيرا قال ذات مرة : " حب الأطفال ليس المشكلة ، فالجميع كقاعدة عامة يحبون الأطفال ، المهم احترامهم ، هذه هي المشكلة " .

ولن يكون بوسعنا أبدا أن نتحدث لا عن حضارة ، ولا عن ثقافة ، ولا عن أي شيء ، مادامت ثقافة الكابل الكهربائي ، والتعليق في المروحة ، هي ثقافة التعليم السائدة فعليا .

بهذا الصدد أذكر عبارة للأديب الروسي الكبير دوستويفسكي حين قال : " إن معاشرة الطفولة تشفي الروح " ، فكيف وجد البعض في الطفولة متنفسا للكراهية بدلا من شفاء الروح ؟
...
** كاتب مصري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.