بعد اتهامات طويلة للمرأة بأنها مغيبة عن العمل السياسي والعمل العام ، وعدم ظهور لافت للمرأة اللهم إلا من خلال مجالس الهوانم كما كان يطلق عليها ، وبعضهن إما غارق في الترف أو يعاني مرارة الفقر ، الآن يعود لمصر وجهها المضيء وتعود للمرأة صورتها الحقيقية ، مع وجوه مشرفة كانت ضمن المشاركين في ثورة يناير.
ولازالت المرأة تناضل بقوة ربما لأنها الأكثر تأثراً بالفقر والظلم الاجتماعي و ربما لأنها رات أن يكون لها دور فاعل بعد تغيييب سنوات ، ربما رغبة منها في مساندة الإخوة من الشباب والرجال أو ربما بحثاً لأطفالها عن حياة افضل .
أسماء هزمت الخوف
أسماء محفوظ إحدي الفتيات التي أشعلت فتيل ثورة 25 يناير مع عدد من شباب الفيس بوك بإعلانها علي اليويتيوب من خلال فيديو خاص انها ستتوجه صوب ميدان التحرير في 25 (يناير) من أجل كرامتها كمصريةومن اجل محاربة الغلاء ، اسماء ساعدت هي وأخريات في تفجر الثورة من قلب ميدان التحرير وأجبرت قوى النظام على خطب ود الشباب للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث، وربما القديم أيضاً.
أسماء طالبة بإحدى الجامعات الخاصة، وناشطة بحركة شباب 6 أبريل، فتاة شابة في مقتبل العمر ذكية، وواعية، بدأت نشاطها السياسي من شبكة الإنترنت وتحديدا من علي موقع الفيسبوك الاجتماعي حيث التحقت بمجموعة إضراب 6 أبريل سنة 2008. تحكي بالعامية المصرية على أحد مواقع الانترنت عن أولى نشاطاتها الاحتجاجية.
فتقول:"فضلت شويه أشارك من بعيد لغاية ما نزلت أول مظاهرة..طبعا كنت خايفه جدا كانت المظاهرة أمام نقابة الصحفيين ومكنتش عارفه حد، بس نزلت وشاركت وتعرفت علي الناس ورجعت أوصف للناس علي الفيس بوك ما حدث وأشجعهم ينزلوا للواقع، في الأول بابا كان خايف عليّ أوي وأهلي حاولوا يمنعوني كتير..كنت عارفه كويس الأمن بيعمل ايه وبيقدر يخوف البنات أزاى..بس كنت بقول لنفسي لو أنا خفت وغيري خاف هنفضل زي ما أحنا ومش هنتغير ولا هنعمل أي حاجه ويبقى عليه العوض في البلد دي".
الدور النسائي البارز جداً في ثورة مصر ما زال متأججاً واضحاً وقد كنا نري النساء في قلب ميدان التحرير يتحركن ويناضلن ويصرخن بكل قوة مرددات نفس شعارات الثورة المطالبة برحيل النظام ومحاكمة الفساد ،وهن بين منتقبة او محجبة او غير محجبة بالجينز او العباءة مسلمة او قبطية لا فرق الكل يتحرك بأمان فلا مضايقات ولا تحرشات ، كما أكدن جميعاً ، الكل اجتمع علي هدف واحد أن تعيش مصر وتكون احلي حتي إن احدي المنقبات خرجت تصرخ لإحدى الفضائيات قائلة" أنا حامل في جنين عمره ستة أشهر يموت ومصر تعيش " .
إسراء 6 ابريل
و رغم أننا نشهد اليوم الرابع عشر على اندلاع الثورة.فان قلب الميدان لا زال يمتليء بالحركة مع دعوات لأسبوع الصمود من أجل الرحيل والميدان يمتلئ بالشابات والنساء. ومن قلب الميدان أيضاً وجه نسائي شاب آخر هو إسراء عبد الفتاح الملقبة ب "فتاة الفايسبوك" وهي صاحبة الدعوة إلى إضراب 6 أبريل 2008.
إسراء المشاركة كذلك في الثورة الحالية لعبت حسب صحيفة " الحياة اللندنية" دوراً مهماً في كشف ألاعيب وأكاذيب الإعلام الرسمي من داخل مبنى «ماسبيرو» مقر التلفزيون الرسمي.
فحين استضافها برنامج ال "توك شو" الرسمي «مصر النهاردة» قبل يومين في محاولة ظاهرها تجميلي ليبدو الإعلام الرسمي وكأنه يعرض كل وجهات النظر، لكنها باطنها تشويهي، تفوقت عبدالفتاح على الإعلامي خيري رمضان بالحجة والبرهان.
هي تتساءل:
«لماذا تذكر النظام بعد 30 سنة تعديل مواد الدستور المعيبة؟»، وهو يطالبها بتركيز الحديث عن إصلاحات ما بعد 25 كانون الثاني (يناير) 2011. هي تؤكد أنه لا توجد ضمانات تجبر النظام على تحقيق وعوده إن غادر الشباب الميدان، وهو يرد بإمكانية أن يجرب الشباب، وإن لم تنفذ الوعود يعودوا مجدداً!
وعلى غرار المثل القائل "تيجي تصيده يصيدك" خرجت عبد الفتاح من أستوديو التلفزيون الرسمي منتصرة على الإعلام الرسمي بالضربة القاضية.
فميدان التحرير يحفل بهن، فتيات يبدو على مظهرن ضيق ذات اليد، وأخريات من بنات الطبقات الراقية المقتدرة. بل شاركت ممثلات شابات ومخضرمات في تظاهرات ميدان التحرير من دون خوف على زينتهن أو مظهرهن، ومنهن بسمة وحنان مطاوع ووالدتها الفنانة سهير المرشدي ونهى العمروسي وأروى جودة.
ولم يقتصر الدور النسائي في ميدان التحرير على لاعبات ينتمين إلى ديانة بعينها، بل امتلأ الميدان بمسيحيات ومسلمات من مختلف الأطياف الاجتماعية والقناعات الدينية، لم يوحد بينهن سوى ميدان التحرير.
المنتقبات والمحجبات والمسلمات غير المحجبات والمسيحيات ممن يرتدين الصليب في قلادات أو مدقوقاً بالوشم على معاصمهن، جميعهن تواجدن من أجل أهداف مصرية موحدة. والصور تتحدث يومياً عن صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء تقام تحت حماية المسيحيين والمسيحيات.
نواره بنت الوز
نواره نجم، ابنة الشاعر المناضل أحمد فؤاد نجم. نواره الشابة الثائرة العتيدة كما والدها تؤكد ان الثورة الشبابية نضجت وقويت بما يكفي فلم يعد أحد يستطيع الالتفاف على مقاصدها ومنجزاتها، التي بدأت تلوح بوضوح في الأفق. وغالبية أحزاب المعارضة، الشائخة والديكتاتورية بدورها، لن تستطيع امتطاء صهوة الثورة وتجييرها لصالحها.
إلا ربما في حالة واحدة، إذا ما تناغمت بشفافية وديمقراطية مع نبض صنّاعها –الشباب-، فهل ستقوى على ذلك؟ لكني أعود لأتساءل: هل يقوى من تمترسوا على سدة الحكم –على صغره- في أحزابهم لفترات تقل شيئا أو تزيد شيئا عن فترة حكم الرئيس المصري أو غالبية الرؤساء العرب، على تفهّم مطالب هذه الثورة فعلا؟
فالغالبية الساحقة، فعلا، لأمناء عموم الأحزاب العربية، ان كانت يمينية او يسارية لا يفارقون القيادة حتى تحل عليهم إرادة الخالق. كما ويتجبرون في صناعة القرار ويتمثلون سلطة مطلقة بدورهم.
وحسب صحيفة " الأيام " صوت نواره وغيرها من صبايا الثورة المصرية، كإسراء عبد الفتاح، أكبر دليل على التعددية والتنوّع والديمقراطية والانفتاح الذي يطبع هذا الحراك الشعبي المنظّم. فلم يعتد الكثيرين صوت في الميدان، حتى مع أكثر الأحزاب اليسارية تشدقاً بالتقدمية وقيم المساواة ، إذا صوت نوارة وإسراء كل ليلة هو صياغة لعهد جديد، لا تسير فيه النساء في خلفية الثورات، بل تتصدر منابرها وقيادتها الرشيدة.
ونحن اليوم لا نفرح فقط لان شعوبنا العربية تصحو وتنفض عن كاهلها المذلة، لتصنع أقدارها بنفسها، ولكن أيضا للطابع الديمقراطي، العلماني والتقدمي الحقيقي لهذا الزخم الشعبي، الذي يضم النساء الشابات –وغير الشابات- إلى جوار الشباب والرجال.
نواره ترتب الأجندة والمطالب بوضوح وتصميم وطلاقة لا نشهدها بعد لدى غالبية أحزاب المعارضة، التي تضع ساقا هنا وأخرى هناك. تقول إن الدستور يصنعه الشعب لا الديكتاتور، وحين يسقط الأخير تسقط معه كل مرجعياته. وتقول إن شباب وشابات التحرير لن يسقطوا في كمائن النظام بوعود مجتزأة لا ضامن لها. الانتفاضة قامت لانعدام الثقة، كيف إذاً تصبح مرجعية الآن؟
الرسالة الأكيدة التي من قلب الميدان وبعد انتصار ثورة الشباب ومن بينهن الفتيات وتواجد المرأة بهذا التدفق الهادر يؤكد أنه يجب جيداً الاستماع لصوت الشباب وصوت المرأة وأنها ما عادت مغيبة
لعلنا نتذكر نظام الكوتا النسائية الذي أضيف قبل عدة أشهر لدعم دور المرأة وتعزيزه في مجلس الشعب البرلمان بحجة ضرورة أن تتواجد النساء بقوة في البرلمان .
الآن السؤال ماهو مصير نساء الكوتا اللاتي اختفين تماماً من على الساحة، فالوجوه النسائية الشابة وغير الشابة التي فرضت نفسها على الأحداث خلت تماماً منهن، بل خلت كذلك من رموز النظام النسوية.
ومنهن على سبيل المثل لا الحصر الأمين العام للمجلس القومي للمرأة الدكتورة فرخندة حسن، ووكيلة مجلس الشعب الدكتورة زينب رضوان، ورئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في المجلس الدكتورة آمال عثمان، وغيرهن.