الثورة المضادة هي الثورة التي تعقب ثورات الشعوب ويخطط لها وينفذها أتباع النظام الحاكم وأنصاره والمنتفعون من ذلك النظام لإجهاض الثورة الشعبية القائمة ضد النظام الفاسد وإنهاكها.
وذلك باستخدام العديد من الطرق والأساليب كنشر الإشاعات والأكاذيب بين أبناء الشعب واستخدام البلطجية في إ شاعة الفوضى وعمليات السلب والنهب لزعزعة استقرار البلاد ونشر الرعب بين المُواطنين ليترحموا علي النظام البائد والمطالبة بإبقائه أو عودته من أجل الأمن في البلاد .
والثورة المضادة لها باع طويل في تاريخ الثورات فكانت للثورة المضادة دور في الثورة الفرنسية في احدي مراحلها ولكن باءت بالفشل وقد تنجح الثورة المضادة أحيانا كما حدث في ثورة مصدق إيران 1981 التي نجحت في إعادة شاه إيران للحكم .
وعانت مصر أيضا من الثورة المضادة بعد ثورة 1956 ومنذ قيام ثورة 25 ينايرحتي الآن تعاني مصر من طعنات الثورة المضادة فإستخدم النظام وأتباعه وسائل الإعلام الحكومية في تضليل الرأي العام في مصر حول من قاموا بالثورة وذلك بأنهم يتلقون أموالاً من الخارج وأنهم أصحاب أجندات خارجية.
واستخدم منفذوا الثورة المضادة البلطجية في الهجوم علي الثوار في ميدان التحرير فيما سمي بمعركة الجمل التي سقط فيها المئات من الشهداء والجرحي وبعد سقوط النظام يوم الحادي عشر من فبراير استخدم هؤلاء أقذر الطرق للانقضاض علي الثورة.
وقام البلطجية بأعمال النهب والسرقة وإشعال الحرائق لإرهاب المُواطنين وتصدت لهم اللجان الشعبية بعد غياب الشرطة وإنسحابها .
وباءت محاولات النظام الطاغي وأتباعه بالفشل أيضا في نشر الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في أحداث كنيسة أطفيح وكان للقوات المسلحة وكبار المشايخ دورا في إعادة الهدوء بين أبناء القرية.
وتتوالي طعنات الثورة المضادة فالمظاهرات الفئوية التي انتشرت في جميع أنحاء مصر هي جزء من هذه الثورة المضادة لكي تتوقف عجلة الإنتاج ليدخل المصريون في نفق مظلم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية .
والأن يحاول أتباع النظام تفتيت النسيج الوطني إلي فئات وجماعات كإخوان وسلفيين وعلمانيين وتطبيق نظرية فرق تسد لتصبح مصر أرضاً خصبة لأفعالهم الإجرامية ولن يتركوا دون عقاب رادع !
وماحدث أيضا في إستاد القاهرة بعد نهاية المباراة بين فريقي الزمالك والأفريقي التونسي من محاولة إحداث فوضي عارمة علي أرض الملعب ما هو إلا هجوم مخطط ومدبر سلفاً في ظل غياب التواجد الأمني الغيرمبرر!
لذا لابد من محاسبة المسئولين عن هذا التقصير الأمني الخطير والهدف الرئيسي من هذا الهجوم هو إشغال الرأي العام والوقيعة بين الشعب المصري والتونسي وقدم المصريون حكومة وشعباً إلي أشقائهم في تونس إعتذارهم فهم إخوه لا يفرقهم قلة مندسة من الخارجين عن القانون.
والثورة التونسية أيضا تعرضت لمثل هذه التصرفات الإجرامية ويعلموها جيداً وهناك بعض ضباط أمن الدولة يشاركون في هذه الثورة المضادة بدافع الانتقام والخوف من المحاسبة علي جرائمهم التي ارتكبوها علي مدار ثلاثين عاماً واستخدامهم لأبشع أنواع التعذيب والقتل للمعتقلين في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وهناك من يدينون بولائهم لهذا النظام ويبذلون قصاري جهدهم لاستعادة قوة هذا النظام الطاغي كحاشية مبارك و أعوانه وبعض أعضاء الحزب الوطني و المنتفعون وبعض رجال الأعمال والمسئولين الذين ما زالوا في مناصبهم إلي الأن ولا نعلم متي سيتم محاسبة هؤلاء الفاسدين ؟
وعلي الشعب المصري أن يتكاتف للقضاء علي هذه الثورة المضادة وألا يستسلم لمن يصنعون الفوضي ويخططون لها ويرهبون الآمنين في بيوتهم فإن من قاموا بثورة 25 يناير قادرين علي حماية ثورتهم .
ولابد من موقف صارم من قبل الجيش في القبض علي ممثلي النظام السابق بأكمله ومحاسبتهم بداً من مبارك وأبناءه و أعوانه في أقرب وقت لأن وجودهم علي الساحة السياسية مطلقي السراح يعني وجود مخططات جديدة يتم الإعداد لها للقضاء علي مكاسب الثورة.
ولابد من عودة الأمن في مصر بكامل قوته فلن تتحقق مكاسب الثورة دون توافر الأمن للمواطن المصري حتي يشعر بالاستقرار والأمان لكي يعمل وينتج ويساهم في بناء مصر من جديد .
وعلي الشعب المصري ألا يتنازل عن أي حق من حقوقه في محاسبة هؤلاء الفاسدين واسترجاع أموالهم المنهوبة من الخارج لتشغيل العاطلين وتزويج العوانس .
وأن يقف الشعب يداً واحدة في وجه هذا الطوفان من الفتنة والإشاعات والأكاذيب وعلي الإعلام الحر مساعدة أبناء شعبه في ذلك بنشر الحقائق وتقريب وجهات النظربين جميع أبناء مصر .
فمصرنا الغالية تستحق أن نضحي بحياتنا من أجلها مثلما ضحي مئات الشهداء بحياتهم من أجل حرية مصر ورفعتها. إذن الثورة المضادة قائمة وعلينا القضاء عليها قبل فوات الأوان فهل نستطيع ؟؟