الانتخابات البرلمانية في لبنان: بين الشكوى والمأمول.. تجربة وخلاصات زياد بارود بين النزاهة والانتخابات في أقطارنا، مسافات تفصل بين المأمول والواقع. هذا إذا كان الواقع انتخابات فعلية، ولو بالحد الأدنى، إذ غالبا ما تسقط جماليات الكلام الديموقراطي عند حدود نسب ال 99,99 او عند استمرار الحزب الحاكم حاكماً بأمره، خدمة للمناصرين، في زمن قيل فيه إن »لا صوت يعلو فوق صوت المعركة«، بما في ذلك صوت الناخب! وإذا كان لبنان يتمتع بحد أدنى مقبول، انتخابياً، قياساً على واقع بعض الأقطار العربية الأخرى، إلا ان القياس ينبغي ان يكون بالاستناد الى المعايير الدولية والمقررة، حيث يبدو لبنان، على الرغم من فرادته في عالمنا العربي المأزوم ديموقراطيا، في مرتبة بعيدة عن طموحات اللبنانيين... تعود فرادة لبنان الى تراكم التجربة الانتخابية (ولا أقول الديموقراطية!) التي سمحت بها ظروف سياسية/ دستورية رافقت نشأة الكيان اللبناني. ولعل قراءة واقع الانتخابات البرلمانية في لبنان اليوم تستوجب استعراض تاريخ الممارسة الانتخابية في لبنان، ولو باختصار، مرورا بالمؤثرات الدستورية ومكامن خلل التمثيل (1)، والتأثيرات المرتبطة بالفساد بكل أشكاله (2)، تمهيدا لمحاولة تقديم خلاصات من أجل حل وتطوير وإصلاح (3). 1 مسار التجربة الانتخابية اللبنانية وإطارها الدستوري العام لقد عرف لبنان تجارب انتخابية محدودة وإنما رائدة منذ القرن التاسع عشر، بحكم وضعه الخاص ضمن السلطنة العثمانية. لكن تجربته البرلمانية بدأت فعلياً بعد وضع الدستور اللبناني عام ،1926 تبعا لإعلان الانتداب الفرنسي دولة لبنان الكبير عام .1920 ويمكن ادراج قانون العام 1934 في سياق قوانين انتخابية متعاقبة بعده، نظمت كلها مسألة الاقتراع لمجلس واحد هو »مجلس النواب« او »المجلس النيابي«، علما بأن لبنان كان عرف نظام المجلسين (bicaméralisme) حال وضع دستور ،1926 ثم ما لبث ان تخلى عنه. على المستوى الدستوري، لا شك في ان القانون الأساسي كرس في صيغته الأولى عام 1926 المبادئ الدنيا التي تتمحور حولها العملية الانتخابية، فكرّس حريات عامة وفردية تتقاطع مع حق الانتخاب. وقد أعطى الدستور حيزاً واسعاً للسلطة المشترعة، كسلطة تمثيلية شعبية، وأعطى النائب صفة ممثل »الأمة جمعاء«. لكن التكريس الأعمق، في النص خصوصا (بل على نقيض الممارسة أحيانا)، جاء بعد وثيقة الوفاق الوطني (»اتفاق الطائف«) عام 1989 والتعديلات الدستورية التي أعقبته في ايلول/سبتمبر .1990 وقد حصل ذلك على ثلاثة محاور رئيسية هي: محور مقدمة الدستور التي أضيفت الى الاخير، وباتت جزءا لا يتجزأ منه، بل وذات قيمة دستورية، شأنها في ذلك شأن سائر مواد الدستور، على ما جاء في قرار المجلس الدستوري رقم 2/.1997 هذه المقدمة تضمنت احالات واضحة الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان والى سائر المواثيق الدولية. وهي بذلك قد أدخلت الى عمق القانون الوضعي اللبناني مفاهيم وأحكاما وضمانات وردت في تلك المواثيق. هكذا، مثلا، استند المجلس الدستوري، في معرض بحثه في طعن قدمه نواب ضد قانون التمديد لولاية المجالس البلدية والاختيارية عام ،1997 استند الى مبدأ المداورة، كما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. محور المادة 19 من الدستور التي نصت على انشاء المجلس الدستوري، وهي مادة تأسيسية في مرحلة ما بعد 1990 انتخابيا، اذ جعلت المجلس المذكور ينظر، بالاضافة الى دستورية القوانين، في الطعون الانتخابية. محور المادة 24 من الدستور، التي نصت على ان المجلس النيابي يتألف، مناصفة، من مسلمين ومسيحيين ونسبيا بين الطوائف، هذا النص الدستوري كرس طائفية النظام الانتخابي (الذي كان معمولا به أصلا). وقد يكون مجديا التذكير، في هذا الاطار، بأن المجلس الدستوري قد تعرض لقوانين الانتخاب المتعاقبة منذ ،1990 فأبطل أحدها، مثلا، عام ،1996 عندما رأى ان القانون المذكور، بجنوحه عن اعتماد المعيار الواحد في تقسيم الدوائر انما يمنع تأمين صحة التمثيل التي قالت بها المادة 24 من الدستور، فأبطل المجلس القانون المطعون فيه. وكان اتفاق الطائف قد قال بضرورة وضع قانون جديد للانتخاب يعتمد »المحافظة« دائرة انتخابية، ولكن بعد اعادة النظر في التقسيم الاداري (الأمر الذي لم يحصل فعلياً منذ 1959). كما ان اتفاق الطائف قال بإنشاء مجلس للشيوخ »تتمثل فيه العائلات الروحية«، وذلك مع انتخاب اول مجلس نيابي »خارج القيد الطائفي«، أي مع تطبيق المادة 95 من الدستور لجهة الآلية الوطنية الملحوظة »لالغاء الطائفية السياسية«. وبذلك، يبدو المشهد الانتخابي البرلماني خاضعا، منذ 1990 على الأقل، للآتي: مناصفة في عدد المقاعد بين المسلمين والمسيحيين، في »ديموقراطية« انتخابية لا تشبه الا ذاتها. نظام أكثري بسيط حكم جميع الدورات الانتخابية منذ القرن الماضي وحتى انتخابات 2005 ضمناً، في تغييب كامل للنظام النسبي، على الرغم من انسجام الأخير تماماً مع الاجتماع اللبناني والتنوع فيه. تعذر وضع قانون جديد متكامل، عصري وعادل ويؤمن صحة التمثيل، منذ 1990 وحتى تاريخه، بل حتى قبل ،1990 حيث مالت الحالة الانتخابية في غالب الأحيان على حالة اقتراعية أكثر منها ديموقراطية. عدم تضمين القوانين الانتخابية بين 1990 و2000 أية بنود إصلاحية من شأنها مكافحة الفساد الانتخابي الذي جرى تعميمه حتى بلغ مراتب لم يشهدها لبنان قبلاً. وقد فاقم في الأمر سوءا اعتماد تقسيمات انتخابية على مقص خياط يفصل وفقاً ما يرغب، في ما يعرف بال Gerrymandering. وقد ضرب هذا المنحى فعلاً صحة التمثيل وفعاليته، فطعن في شرعية المجالس النيابية المتعاقبة، لهذه الجهة تحديداً. وقد تكون الأزمة السياسية المستمرة منذ 2005 تعبيراً واضحاً عن مساوئ النظام الانتخابي المبتور. وضع مشروع قانون إصلاحي متكامل من قبل »الهيئة الوطنية لقانون الانتخابات«، وهي هيئة مستقلة شكلها مجلس الوزراء في 8/8/2005 برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس، وأوكلها إصلاح النظام الانتخابي (ولنا عودة إلى نتائج عملها أدناه). 2 التأثيرات المرتبطة بالفساد، انتخابياً كل هذا المشهد جعل لبنان يستمر دائراً في حالة من انعدام المعايير الثابتة التي من شأنها وحدها أن تنقل البلاد الى حالة ديموقراطية مستدامة. وقد ساهم انعدام تلك المعايير في إبقاء الانتخابات العامة ضمن دائرة ضيقة من الزبائنية المتوحشة والتقليد المميت اللذين ضربا دينامية المجتمع اللبناني وحيويته. وحال لبنان هو حال عدد غير قليل من الدول والأقطار الرازحة تحت وطأة سلطة تعيد، على الدوام، إعادة إنتاج ذاتها... ديموقراطياً، في الظاهر، أي بالاستناد الى انتخابات شكلية، غالباً ما سقطت فيها المنافسة عند حدود التقسيم الانتخابي. وعلى الرغم من »فعالية« التقسيم الانتخابي، فقد شاء أصحاب الحل والربط ان يمعنوا في تثبيت قواعدهم »الانتخابية«، فاستعملوا المال والرشوة، وصرف النفوذ والسلطة، والإعلام واستطلاعات الرأي، ووسائل اخرى لم يغب استغلال الدين عنها أحيانا، فاذا بالتوجيه الديني، وعظا او تكليفا، يدخل الانتخابات من بابها الواسع. حصل كل ذلك، اذا، في ظل قوانين لا تنتمي الى المعايير الدنيا لحسن التمثيل وفي ظل سلطة غير حيادية طبقت تلك القوانين، فاذا بالفساد الانتخابي يبدأ في النص ليستكمل في الممارسة ولا ينتهي! فعلى مستوى السلطة التشريعية، كان لافتاً إقرار قوانين الانتخاب منذ 1990 على حين ضرورة وعجل، عشية الانتخابات في غالب الأحيان. وكان لافتاً أيضاً عدم تبني صانعي تلك القوانين لصنيعتهم الغريبة العجيبة. ولا ننسى ان المجلس الدستوري قال رأيه ومشى، ولربما كان ابداؤه هذا الرأي السبب الحقيقي الكامن وراء تعطيله. وعلى مستوى السلطة التنفيذية، شكلت الحكومة حالة ترشيحية كاملة، فغاب الحياد لمصلحة المعركة، وسقط حق المرشح المنافس في فسحة عدالة. واذا لم يكن الوزير مرشحاً، فابنه او شقيقه او صديقه او حليفه، واللائحة تطول... واستغلال السلطة وصرف النفوذ لم يقتصرا على يوم الانتخاب، بل سبقاه في أيام تشكيل اللوائح والحملة الانتخابية برمتها، في جولة خدمات زبائنية على حساب الدولة. وعلى مستوى السلطة القضائية، شاء المستفيدون من الواقع القائم ان يمنعوا قيام سلطة قضائية قوية، بالمعنى الدستوري لكلمة، علما بأن القضاء هو، انتخابيا، الضمانة الاولى والمرجع الاول والاخير للحد من وقاحة السلطة التنفيذية عندما تدعي تنظيم انتخابات. اما على مستوى المال، فحدث ولا حرج، بل بكثير من الحرج نقول إن لبنان لم يعرف هذا الكم الهائل من شراء الاصوات والضمائر، حتى بات الترشح للانتخابات خاضعاً لشرط إضافي، وهو الاقتدار المالي! وعلى ذلك، لم يعد المال الانتخابي مقتصراً على الرشوة التي يمنعها قانون العقوبات، وإنما باتت تعابيره المبتكرة تشمل »رعاية« اجتماعية و»دعماً« لمحتاجين وتوزيعا لمساعدات، دخلت سوق البخاسة، على ما يقوله دولة الدكتور سليم الحص. واما الاعلام، فقد دخل هو ايضاً دائرة الاستقطاب من جانب المرشحين. هذا، اذا لم يكونوا اصلاً في دائرة ملكية المحطة الاذاعية او التلفزيونية او الصحيفة. هكذا تم ضرب المنافسة الانتخابية بكل اوجهها، فبات الناخب يرى ما يرغب بعض المرشحين له ان يراه. وقد زاد في الامر سوءاً اقتصار دور المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع على الصفة الاستشارية دون تمكينه من اتخاذ أية تدابير علاجية حاسمة. وقد بقيت عالقة في أذهان اللبنانيين حادثة اقفال محطة (MTV) على خلفية سياسية بحتة، ولم تنفع الحرية الاعلامية في حماية الاعلام والناخبين على السواء. يضاف الى كل ما تقدم ان المراقبة المستقلة للانتخابات لم تكن جزءاً من المشهد الانتخابي المتاح من جانب السلطة، على الرغم من اضطلاع »الجمعية اللبنانية من اجل ديموقراطية الانتخابات« بدور المراقب، شاءت السلطة يومذاك او أبت. هذه المراقبة التي باتت تشمل مراقبة سلوك السلطة برمته، منذ وضع قانون الانتخاب، وصولاً الى السلطة المشرفة على الانتخابات وحياد تلك السلطة، وإعلان النتائج ودور السلطة القضائية المستقلة ومال الطعون الانتخابية. فقد انتقلت مراقبة الانتخابات من التقنيات البحتة إلى المناخ العام وما يعد له وما يستتبعه. كل ذلك حمل »الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات« منذ انشائها عام ،1996 على المطالبة بهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات. لكن هذه المطالبة المشروعة قوبلت بين 1996 و2005 بممانعة مزمنة لم تثن الجمعية المجتمع المدني والإعلاميين الأحرار والاوساط الاكاديمية، عن الدفع في اتجاه الاصرار على المراقبة المستقلة وغير الحكومية، حتى ابدى مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 4/5/2005 ترحيبا صريحا بالمراقبة »الوطنية« بموازاة مراقبة فريق الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. 3 خلاصات في اتجاه الاصلاح على الرغم من اللحظة السياسية الراهنة المأزومة، حيث الكلام الانتخابي بات تراشقاً، يبقى الموضوع الانتخابي في لبنان محطة اساسية، بل تأسيسية، على درب الاصلاح الموعود. ولا يخفى على احد ان هذا الاصلاح الانتخابي يصطدم بحائط الممانعة السياسية وبالحلقة المفرغة التي تشاء ان يكون صانع القانون هو ذاته مستهلكه، اذا صح التعبير. هكذا يشرّع لك في الانتخاب من يرسم لنفسه خارطة وصول الى الموقع الذي هو فيه أصلاً. ولا يخفى على احد ايضاً ان قانون الانتخاب في كل مكان، وفي لبنان على وجه الخصوص، هو قانون تأسيسي في لعبة السلطة، وهو بالاخص قانون تأسيسي في ميثاقية لبنان وحسن التمثيل فيه »لشتى فئات الشعب«، على ما جاء في اتفاق الطائف. يضاف الى هذا الطابع الميثاقي وما يفترضه على مستوى الطوائف »حتى إشعار آخر«، سلة بنود إصلاحية من شأنها ان ترفع الانتخابات البرلمانية الى مرتبة من النزاهة باتت بأهمية صحة التمثيل، بل غالباً ما تساهم في تأمينها او في ضربها ان هي غابت. وقد تكون هذه الحقائق هي التي حملت مجلس الوزراء اللبناني، في جلسته المنعقدة في 8/8/2005 على تأليف »الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية«، برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس وعضوية 11 آخرين، بهدف اقتراح »سبل تطوير واصلاح النظام الانتخابي«. وبالفعل، انهت الهيئة عملها بعد تسعة اشهر من العمل المتواصل ورفعت مشروع قانون متكاملاً وتقريراً مفصلاً الى مقام مجلس الوزراء في 1/6/،2006 تضمن بنودا اصلاحية، هذه اهمها، وكلها تصب في خانة تنزيه الانتخابات العامة عن الشوائب الكثيرة التي يحملها الفساد الانتخابي بكل تعابيره. فعلى مستوى النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر: اعتمدت الهيئة النظام المختلط الذي يأخذ بالنظام الاكثري في دوائر صغرى الى متوسطة في 77 مقعداً (من اصل 128)، وبالنظام النسبي في المحافظات في 51 مقعداً. هذا النظام المختلط المعتمد في 27 دولة عبر العالم (منها اليابان وألمانيا وفلسطين وديموقراطيات اوروبا الشرقية الحديثة)، هو نظام يدخل النسبية الى المناخ الانتخابي اللبناني للمرة الاولى، ولو نسبة 40? من المقاعد. وهذا بذاته اصلاح لا بد من التأكيد عليه. وعلى مستوى سلة البنود الاصلاحية الاخرى، فقد تضمن المشروع المقترح مجموعة من الاقتراحات التي تصب مباشرة في خانة نزاهة الانتخابات وحرية الناخب والمرشح، هذه أهمها: 1) إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، تحل محل وزارة الداخلية وتشكل ضمانة حقيقية لحياد المرجع الذي يتولى ادارة الانتخابات. 2) تنظيم المنافسة الانتخابية، في الاعلام والاعلان والدعاية واستطلاعات الرأي، بحيث يعطى الجميع فرصاً متساوية على هذه الأصعدة. ولعل ضبط الانفاق الانتخابي من اهم ما جاء به مشروع القانون، من خلال وضع سقف للنفقات ولحظ حساب خاص للحملة ترفع عنه السرية المصرفية. 4) مكننة العملية الانتخابية ولحظ احكام تفصيلية تؤمن حسن سير العملية. 5) فرض الكوتا النسائية على مستوى الترشيح (والنساء اقل فساداً من الرجال، بحسب تقرير مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية). 6) اقتراع غير المقيمين، وهو حق دستوري لكل لبناني لا يزال يحتفظ بجنسيته اللبنانية وإنما هو مقيم خارج لبنان... بالإضافة الى تفاصيل اصلاحية اخرى لا مجال للتوسع فيها هنا. هذا المشروع الذي رفعته الهيئة الوطنية في 1/6/2006 لا يزال حتى اليوم قابعاً في الأدراج. وقد يحصل، في ظل التأزم السياسي والاصطفاف الحاد، أن يلغي التوافق السياسي على الدوائر الانتخابية، سائر البنود الإصلاحية التي جاء بها المشروع، فيخسر لبنان فرصة تغييرية حقيقية باتت من أولى الأولويات. إنه تحدي الحداثة بمواجهة التخلف. واذا كان للتخلف مناصروه الأشداء (حفاظا على مواقع »تاريخية« وامتيازات)، فإن من واجب الشركاء في الحداثة ان يتحالفوا ليشكلوا سداً منيعاً في وجه اصحاب المصالح الكبرى. انه دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والمواطنين المستقلي الرأي. انه تحدي الانتقال الى حالة تشبه طموحات الناس، لا واقعهم، حلمهم لا كابوسهم. فالفساد والمفسدون حالة عصية على الديموقراطية، ما لم يتكتل الممانعون في مواجهتهم، وعلى كل المحاور. على ان هذه الديموقراطية ينبغي ان تكون »بنت البلد«، لا ان تكون مستورد كالجبنة الطرية من قبل أكلة الجبنة (les fromagistes)، كما كان يشير إليهم الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب... كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟ سأل دولة الرئيس الدكتور سليم الحص يوما، قبل ان يجيب ان »عنوان الاصلاح هو تنمية التجربة الديموقراطية في البلاد انطلاقاً من اعتبارين: الاول كون الديموقراطية نظاما يتلازم مع تمثيل شعبي صحيح ومع آليات فاعلة للمساءلة والمحاسبة. والثاني هو كون الديموقراطية ثقافة يجب ان توظف في تنميتها سياسات الدولة الاعلامية والتربوية والانمائية والتشريعية، خصوصا لجهة تجاوز متراس الفساد، أي الطائفية، وتشجيع قيام احزاب وشتى اصناف مؤسسات المجتمع المدني«... عن صحيفة السفير اللبنانية 25/10/2008