17أكتوبر 1961 وصورة فرنسا الديمقراطية !!! * محمد بوكحيل
لايختلف اثنان في اعنبار الاستعمار ظاهرة تهدف الى سيطرة دولة قوية على دولة ضعيفة وبسط نفوذها و استغلال خيراتها بالسيطرة على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبذلك تكون نهبا وسلبا منظما للثروات و تحطيما لكرامة الشعوب وتدميرا لتراثها الحضاري والثقافي، وفرض ثقافة المستعمر(بكسر الميم) ، والتذرع يانها الوحيدة لتحضرالبلاد المستعمرة ،والاستعمار الفرنسي في الجزائر لم يخرج عن هذه القاعدة وزاد عليها اساليب الابادة الجماعية للشعب، معتمدا اياها وسيلته في كل المعاملات.
منها 17اكتوبر 1961، الذي كان وما يزال وسيبقى الى الابد وصمة عار على تاج ماريانا ،ذلك الرمز الفرنسي الذي يمثل عندهم شعار "الحرية والأخوة والمساواة"، وسيظل نهر -ال سان- الذي يتباهي به الباريسيون، شاهدا على أخطر مجازر الإرهاب الدولي المنظم من قبل السلطات الفرنسية،واشهر جرائم القرن العشرين الانسانية، المرتكبة في حق أبناء الجاليات الأجنبية في باريس عامة، والجزائرين منهم على الخصوص.
موريس بابون الذي عين في آذار/مارس 1958 محافظا لشرطة باريس قمع بقسوة بالغة المظاهرة السلمية الكبرى التي دعت اليهاجيهة التحرير الوطني الجزائرية وشارك فيها عشرات الآلاف (. 30 ألف متظاهر طافوا 20 حيا من أحياء باريس المعروفة) من الجزائريون في 17 تشرين الاول/اكتوبر 1961 في باريس احتجاجا على حظر التجول الذي فرضه هو-بابون نفسه - على الجزائريين بشكل نمطي(عنصري) و أرادوا توعية الرأي العام الفرنسي بما يحدث في الجزائرالمحتلة آنذاك وبما شعروا به من عنصرية صدرت أوامر موريس بابون مباشرة إلى الشرطة والحركى ، أعطى الأوامر و زود وحوشه بالسلاح ووسائل القمع وشحنهم بكل صور الحقد فخرجوا في اكبر عملية عنف في القرن العشرين فقتلوا وعذبوا وسجنوا فبلغ عدد الشهداء مابين: 350 و325 من انصار جبهة التحرير الوطني الجزائرية بحسب المصادرالإعلامية اضافة الى اعتقال آلاف الجزائريين ، بمحاصرة المتظاهرين على جسر نويي، وجسر سان ميشال ، وحوالي 300 جزائري رمو بهم فقضوا غرقا في نهر السين، إلى جانب 400 مفقود، واكره الآلاف على العودة الى الجزائر من قبل شرطة باريس نفسها دون مالهم ولامتاعهم ولا ممتلكاتهم.
انها صورة فرنسا الديمقراطية !!! في 17 اكتوبر 1961،ولعل هذه الصورة هي التي دعت الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك ليجعل منه يوما للقاء الدول الفرنكفونية وتمجيد دورها في نشر الثقافة الفرنسية، محاولة منه لمحو الصفة الإرهابية للسابع عشر اكنةبر1961من ذاكرة الشعوب.
وكا ن عليه أن يطلق علية يوم الخجل الفرنسي" الذي سيبقى راسخا في في الذاكرة الإنسانية ، رغم التعتيم الاعلامي، وشاهدا على ا، الارهاب الدولي له جذوره وما 11سبتمر 2001 إلا امتدادا للسابع عشر اكتوبر1961، واحتلال العراق واحدا من صوره وحصار غزة نطبيقا إلا أن الأليق والأنسب بالرئيس الفرنسي أن يطلق على هذا اليوم يوم "الخجل الفرنسي" على ما بدر من فرنسا من إرهاب وتقتيل والذي سيبقى راسخا في الذاكرة الإنسانية، والذي سيبقى، رغم التعتيم الإعلامي، شاهدا على أن الإرهاب الدولي له أصوله، وأن الحادي عشر من سبتمبر 2001 امتداد للسابع عشر من أكتوبر من عام 1961.
إلا أن فرنسا نجحت في الإبقاء على ذلّ المستعمَرين حتى بعد الاستقلال وحافظت على قابلية استعمارهم وروح انهزاميتهم حتى أضحوا يحتفلون بالفرنكفونية في اليوم الذي اريقت فيه دماء أجدادهم وأمتهم،وربما سلموا على تلك الايادي الملطخة بدماء ابرار الجزائر !!!
والجدير بالذكر أن بعد سنوات مريرة ممزوجة بمئات من التضحيات وملايين من الشهداء غادر المستعمرون بلادنا فازددنا فقرانا ومرضناً،لأنهم غادروها بعد أن انهكوا قدرتنا وجلونا رهن ًحضارتهم وثقافتهم، والسؤال الذي ينبغي طرحه اليوم هو: لم قدم هؤلاء؟ هل أتوا لتحقيق مصالحهم المادية فحسب؟ أم هناك أهداف دينية، حملتهم إلينا من جديد؟ واليوم في القرن الواحد والعشرين يحاولون العودة حاملين رايات الديمقراطية وشعارحقوق الإنسان وحق التعبير وحرية المرأة ،أ ليبذلوا المزيد من دمائهم وميزانياتهم في سبيل انتشالنا من سطوة دكتاتورية بعضنا ؟ لا، لا اعتقد ذلك ، إنهم لا يطيقون رؤيتنا بخير، إن خلف هذه الستائر خلفية دينية تدفعهم للعودة إلينا من جديد؟ و هي حملة صليبية جديدة دون شك إذا كنا لا نستطيع فهم حاضرنا اليوم، أو لا نجرؤ على البوح بما فهمناه ؛ فمن الواجب استخلاص العبر من تاريخنا القريب، حتى لا تتكرر مآسينا، ولنعلم أن "موريس بابون " مات في فبراير 2007 وعلى دمته عقوبة السجن لكن صورة ذلك لاتعكس الموقف الرسمي الفرنسي، ولا تحجب تكتمه على الجريمة النكراء في حق الشعب الجزائري فهي ماتزال تصر على عدم الاعترام بما اقترفة من جرائم ارهابية،(1961-2008) ،47 سنة تمر والكثير عن السابع عشر اكتوبر مجهول.
إن التجمع الذي ستنظمه الجمعيات والتنظيمات المخنلفة يوم 17 اكتوبر 2008 على الساعة 18 و30 دقبقة بجسر سات ميشال بباريس لأشهاد هذا المكان على الجريمة الشنعاء، ومطالبة فرنساالرسمية:
02 - رية الدخول المؤرخين والمواطنين الى الارشيف لتعزيز البحث في وقائع هذه المسالة تماشيا مع العلاقات الجزائية الفرنسية. فهل سيقوم مقاشرة مقام بابون ويرمي بالمتظاهرين من على الجسر؟ ربما بعيد التاريخ نفسة ويتكرر المشهد مادام حكام فرنسا ما زالوا متمسكين بعقلية الارهاب ولغة النكران ، واسلوب التطاول، مادموا مرتبطين بالحكات الصهيونية.؟ هل سيفصل الساسة في الجزائر بينحتمية التعامل مع الغير،وضرورة ازالة رواسب الماضي الاستعماري؟