بين البطولة بمعنى (الشجاعة) والبطالة بمعنى (التعطل) مسافة كالتى بين السماء والأرض .. فإذا توغلنا فى معاجم اللغة بحثاً عن معنى (تَبَطَّلَ) نجدها من الأضداد فهى تعنى : تشجع... وتعنى : تعطل ... وتعنى : اتبع طريق اللهو والجهالة... و- تبطل القوم : تَداولُوا الباطَل... والبطال المتفرغ والمتعطّل والكَسول .. ورجل بطَّال أي ذو باطل بيّن البُطُول ج بطّالون ... وبطَل الأَجير بالفتح ، يبطُل بطالة وبِطالة أَي تَعَطَّل فهو بطال
ولما كانت (البطالة) بمفهومها السائد تعنى التعطل عن العمل قسراً مما يستوجب منح العاطلين (إعانة بطالة) طبقاً لاتفاقية النهوض بالعمالة والحماية من البطالة (رقم 168) التى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية ... يضحى (الاستبطال) عن العمل أى عدم السعى للحصول على عمل اتكاءاً على هذا الحق .. أمراًَ مخالفاً لتلك الاتفاقية وخارج نطاق حق الإنسان فى العمل والتكسب منه وإثبات قدراته .. بل يجب فرض غرامة على هؤلاء المستبطلين عن العمل باعتبارهم عالة على مجتمعهم ومهدرون لطاقاتهم فيما لا يفيد .. وبخلاء عليه بحرمانه من عطائهم الذى ينبغى أن يعود على الجميع بالخير العميم ..
إن (البطالة) كلمة أصبحت مملة ، وتبعث على التثاؤب ، من كثرة استعمالها ، سواء بادعاء الإحساس بفداحة أخطارها ، أو محاولة وضع الحلول لها ، والوصفة السحرية لمقاومة الأرق ، أن تقول في سرك (تم حل مشكلة البطالة) عشرين ألف مرة قبل النوم ، وادع لي وللإخوة العاطلين عن العمل والمستبطلين أيضاً .. فحينئذ سيباغتك النوم فى العسل فوراً !!
ثم تصحوا بعد ليلة .. أو بعد شهر .. أو بعد سنة .. أو بعد قرن .. لتجدهم مازالوا يتناقشون ويتحاورون حول قضية البطالة دون الوصول إلى حل لها !!