نظرية جديدة لأعداء الإسلام رجب البنا خلال السنوات الماضية كانت نظرية العداء للاسلام تتبلور أمام عيوننا وكلنا كنا نرفض أن نصدق وجودها, أو ربما كنا نخشي من الاعتراف بوجودها, أو نحاول علاجها بأسلوبنا المعتاد الذي أثبت فشله وذلك بتكرار الحديث في وسائل اعلامنا المحلية عن حوار الثقافات والتعايش بين الديانات والتسامح في الاسلام وعدم صحة ما ينسب اليه من شبهات وتلصق به من اتهامات. سنوات ونحن نحدث أنفسنا, ونحاول اقناع انفسنا بما في الاسلام من احترام لحقوق الانسان وإنصاف المرأة والعدالة الاجتماعية ورفض العدوان وإدانة الارهاب باسم الجهاد.. وبأن الارهابيين خطر علي الاسلام والمسلمين كما أنهم خطر علي غيرهم. ولكن واقع حياتنا ومجتمعاتنا كانت تكذب ما نقول! وخلال هذه السنوات الضائعة سيطر أعداء الاسلام بنظريتهم علي الساحة الفكرية الثقافية والسياسية في الغرب. سادت فكرة أن المسلمين في الغرب كيانات غريبة وسيبقون كذلك ولا أمل في أن يندمجوا في المجتمعات المتقدمة لأنهم متخلفون وديانتهم هي السبب في التخلف السائد في البلاد الاسلامية, وأن التخلف وأصبح من سمات الشخصية المسلمة ذاتها بل ومن مكونات العقل المسلم. وأن المسلمين سعداء بما هم عليه من التخلف لأنهم لا يبحثون عن التقدم في الدنيا ويتفرغون بكل طاقاتهم لإعداد قصورهم في الجنة.. هكذا يروج أصحاب هذه النظرية للدعوة إلي وقف زحف الاسلام والمسلمين في مجتمعات الغرب, ويدعون أن سياسة الاستيعاب فشلت في فرنسا ولم يعد أمامها سوي سياسة الاستبعاد, وكذلك فشلت سياسة العزلة في المانيا, وفشلت أيضا سياسة التعددية الثقافية في هولندا وبريطانيا, وأن رفض المسلمين للحضارة الغربية يزداد مع انتشار الأصولية في الفكر الاسلامي في الشرق الأوسط وانتقاله إلي أوروبا وأمريكا, فالمسلمون يقاومون قرار فرنسا بمنع حجاب التلميذات في المدارس الحكومية, مع أن القرار يشمل منع الرموز الدينية علي غير المسلمين أيضا, وفي المانيا يقاومون قرار الحك ومة بمنع حجاب الموظفات المسلمات في المؤسسات الحكومية, أما بريطانيا فقد تساهلت مع الحجاب فانتشر في الشوارع حتي يظن المرء أن لندن أصبحت عاصمة اسلامية(!) ويتخذ الأمريكيون سياسة التضييق علي المسلمين والمسلمات في كثير من المواقع, ويتشددون في تطبيق مبدأهم الدستوري بفصل الدين عن السياسة, ومع ذلك فقد تسلل الاسلام السياسي إلي أمريكا كما تسلل فكر الارهاب والارهابيين إلي دول الغرب. ومعظم المسلمين يعيشون في أوروبا وأمريكا ولكنهم يرفضون في الظاهر أو الباطن مباديء الحضارة الغربية مثل العلمانية والليبرالية والتعددية واعطاء المرأة حقوق الانسان كاملة. وتتقدم النظرية نحو هدفها بادعاء أن فتح الأبواب لهجرة المسلمين يمثل خطورة علي عصب الأمن القومي لأوروبا وأمريكا, كما يؤدي إلي نتائج سلبية ديموجرافية وسياسية واقتصادية علي المجتمعات الغربية. ولكن دول الغرب جميعها لديها مشكلة تهددها, هي تناقص نسبة الشباب في سن العمل نتيجة لحرص كل رجل وأمرأة علي أن يستمتع بحياته ولا يضحي بها من أجل حفنة أبناء كما يفعل المسلمون, ولذلك فإن دول الغرب مضطرة إلي فتح أبوابها لاستقبال المهاجرين من المهنيين والفنيين التي تحتاج إليها ومن العمالة الرثة التي يرفض الأوروبيون والأمريكيون القيام بها مثل أعمال النظافة والخدمة في المطاعم ومحطات البنزين والأعمال الشاقة في البناء والحفر والصرف الصحي.. وأمثالها, وهذه المشكلة يقترح أصحاب النظرية حلها بقصر الهجرة علي العمالة المطلوبة من دول غير اسلامية, والدول الاسيوية هي المرشحة لذلك والتي بدأ تدفق المهاجرين منها بالفعل. وأصحاب هذه النظرية يحرضون الاتحاد الأوروبي علي أن يتشدد إلي أقصي درجة في مراقبة الحدود وعدم منح الجنسية أو الإقامة أو اللجوء السياسي للمسلمين. وتنتقل النظرية بعد ذلك إلي التحذير من خطورة انضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي بادعاء أنها ستكون حصان طراودة الذي يسهل غزو الإسلام لأوروبا, وبعد سنوات سوف تعجز أوروبا وأمريكا عن حماية نفسها من الخطر الاسلامي ومن المجاهدين الذين ستكون لهم حقوق المواطنة! هكذا يتم تأصيل النظرية وتنتقل من الفكر إلي التطبيق, ونحن غافلون أو نكتفي بالانكار أو الاستنكار فقط لا غير(!). عن صحيفة الاهرام المصرية 28/10/2007