مصطفى بكري: عضوية اتحاد القبائل العربية تجاوزت ال 10 آلاف خلال يومين    البابا تواضروس في قداس القيامة: الكنيسة تصلي لأجل سلام البلاد    أحمد موسى: 64 مليون مواطن يصرفون سلعًا تموينية.. والسكر ب 12 جنيهًا    مراعاة للأغنياء.. الحكومة تؤجل ضريبة أرباح البورصة للسنة العاشرة    مجلس مدينة العريش يشن حملة لإزالة المباني المخالفة    نميرة نجم: هناك محاولات لتقويض أحكام الجنائية الدولية ضد قادة إسرائيل    روسيا تعلن تدمير قاعدتين للمسلحين في سوريا    عضو إدارة بركان: نرحب بالزمالك في المغرب.. ومواجهة الأبيض تكون قوية    عمر وردة: تزوجت من فتاة جزائرية منذ شهور لكي استقر    إصابة 3 أشخاص في حادث بالوادي الجديد    عمرها 60 سنة..مصرع عجوز دهسها قطار في سوهاج    مصرع سيدة صدمها قطار ب سوهاج    بتكلفة بناء وتشغيل 1.5 مليار دولار، المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم (فيديو)    قصواء الخلالي: انتظروا حلقة الأحد وملف اللاجئين ومفاجآت وأخبار مفرحة    دعمتم مناقشة هذا الأمر | رمضان عبد المعز يوجه الشكر ل المتحدة    أسهل طريقة لعمل الطحينة بالفول السوداني في المنزل.. أساسية بشم النسيم    مختلف عليه..ما حكم أكل الفسيخ في الإسلام؟    أسامة كمال : حماس وإسرائيل لم يحققا أي أهداف من حرب غزة    قتل «طفل شبرا الخيمة».. أوراق القضية تكشف دور تاجر أعضاء في الواقعة    تعرف على شروط التقديم لمدرسة فريش الدولية للتكنولوجيا التطبيقية 2024-2025    71 مليار جنيه لقطاع التعليم المدرسي والجامعي خلال 24 /25    بدء قداس الاحتفال بعيد القيامة المجيد في المنيا (صور)    لجين عبد الله تفوز بكأس أفضل سباحة في البطولة الإفريقية بأنجولا    حكم الصلاة على الكرسي وضوابط الصلاة جالسًا.. اعرف الشروط والأحكام    محافظ القاهرة يشهد احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة نائبا عن رئيس الوزراء    أسامة كمال يُحيي صحفيي غزة: المجد لمن دفعوا أعمارهم ثمنا لنقل الحقيقة    أحمد موسى عن شم النسيم: «باكل فسيخ لحد ما يغمى عليا.. وأديها بصل وليمون»    طارق إمام للشروق: المعارض الأدبية شديدة الأهمية لصناعة النشر.. ونجيب محفوظ المعلم الأكبر    مطران إيبارشية أسيوط يترأس صلاة قداس عيد القيامة المجيد 2024    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    تسويق مغلوط للأولويات سيكون له ما بعده..    وكيل صحة القليوبية: استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    المقاولون 2005 يفوز على أسيوط بثلاثية في دوري الجمهورية للناشئين    القس أندريه زكي يكتب: القيامة وبناء الشخصية.. بطرس.. من الخوف والتخبط إلى القيادة والتأثير    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتابات أمريكية تروج لفكرة أسلمة أوروبا واحتلال الأقليات لها -القدس العربى اللندنية
نشر في مصر الجديدة يوم 16 - 08 - 2009

لم تكن الكتابات عن الاسلام فى اوروبا وجودا وحياة وثقافة ذات مدى واسع ولم تحظ الا بانتباه قليل من الباحثين فى الشؤون الاجتماعية وقضايا الاندماج والهوية فى البلدان الاوروبية خاصة بريطانيا التى ظهرت فيها كتابات اجتماعية الطابع وثقافية عن الوجود الاسلامى الحديث فى هذا البلد بسبب الهجرات التى تسارعت مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وركزت دراسات على اشكالية الحنين والعودة او ما اطلق عليه 'اسطورة العودة' التى تشير الى حنين المهاجرين لاسباب اقتصادية للعودة لبلادهم الاصلية من شبه القارة الهندية التى لم تكن تتحقق بسبب استقرار الآباء وحضور الزوجات وانتظار انتهاء الاولاد من تعليمهم. لكن حقل دراسات المهاجرين المسلمين الى اوروبا توسع فى العقدين الاخيرين بشكل كبير وتضخمت رفوفه فى المكتبات الجامعية التى تحتوى على كتب تحلل وتناقش غالبية ابعاد الحياة الاسلامية فى المهجر ووضعهم كأقلية داخل مجتمعاتهم الجديدة. وكانت هناك عوامل تقف وراء الاهتمام، منها الاحتجاج على كتاب سلمان رشدي، وحرب الخليج الاولى ولكن العامل الاهم كان هجمات ايلول (سبتمبر) 2001 التى ادت لتدفق فى الكتابات الصحافية والبحثية والموجهة من مراكز ابحاث تحاول الدفاع عما سمى فى حينه الحرب على الارهاب.واى زيارة لموقع 'امازون' الالكترونى يقف الزائر على حجم الاهتمام بالقاعدة واهدافها وقادتها وعلاقتها بالاقليات المسلمة فى الغرب. واذا كانت الكتابات الاولى عن المسلمين فى الغرب تحاول تقديم البعد التاريخى عن الوجود الاسلامى واول المسلمين وجهود الدعاة الاوائل والمؤسسات الاسلامية من مساجد ومراكز ثقافية فالكتابة الجديدة عن الاسلام فى الغرب صارت تحمل فى ظلالها طابع التخويف والترهيب من وجود العدو 'فى الداخل' وميلاً لتبنى طروحات اليمين الاوروبى المتطرف الذى يرى فى المسلمين طابورا خامسا وفى المسلمين خطرا على الهوية الغربية المسيحية وتهديدا على مسار الثقافة، وانهم وان كانوا اقلية طليعية لتحويل القارة الاوروبية الى قارة اسلامية، فان لم ينجح الاتراك بدك حصون فيينا، والاندلسيون باختراق جنوب فرنسا فى القرون الماضية فالاجيال الجديدة من المسلمين لديها القدرة على التغيير والتحويل والتأثير على مجرى الحياة الاوروبية، فصرب البوسنة برروا مجازرهم فى تسعينات القرن الماضى ضد مسلمى البوسنة بانهم يحاولون تحطيم الهلال الاسلامى الاخضر الزاحف نحو اوروبا، وجماعات اليمين المتطرف تهدد من زواج المسلمين من بنات اوروبا. وحذرت افلام وثائقية بريطانية قبل فترة من تحول البيض فى بعض المدن البريطانية الى اقلية فيما اشار اسقف معروف بمواقفه المتشددة من الوجود الاسلامى الى آثار انتشار الاسلام على وضع المسيحية فى بريطانيا. وتأتى هذه الكتابات الجديدة عن الاسلام والمسلمين والتى تحاول اللعب على وتر التخويف من المسلمين وانهم يقومون بعملية 'استعمار بطيئة' لأوروبا. واستخدام كلمة استعمار مثير للانتباه لأن المسلمين كان ينظر اليهم فى مفاهيم التعددية الثقافية كعامل اغناء للحياة فى دول اوروبا ممن تتبنى هذا المفهوم. ولعل ما حدث من هولندا ومقتل مخرج ومذيع على يد شاب مسلم لمشاركته صومالية تعمل الآن مع مؤسسة بحث امريكية يمينية لانتاج فيلم استفز مشاعر المسلمين كان من عوامل ظهور كتابات التخويف هذه. ومن هنا لا يخلو يوم من جدل حول المسلمين، مقتل مروة الشربينى بطريقة وحشية فى محكمة المانية وصارت 'شهيدة الحجاب'، وفى فرنسا منعت شابة فرنسية مسلمة من السباحة بزى اسلامى خاص للمحجبات، وغير ذلك من الحوادث التى باتت شبه منتظمة.
ثقافة الخوف
ومن هنا كانت هذه الفكرة موضوع نقاش بمقال طويل قدمه بانجاك ميشرا فى 'الغارديان' يوم السبت (15/8/2009) ناقش فيه عددا من الكتب والعناوين التى صدرت فى سياق التخويف من 'استعمار المسلمين لأوروبا' وما يلى هو تلخيص سريع لأهم ما ورد فيه. وقبل ذلك لا بد من الاشارة الى ان بعض الباحثين والمتخصصين فى مجال الاسلام السياسى لم يعودوا يتحرجون من القول ان اوروبا اصبحت 'قارة اسلامية' على الرغم من ان نسبة المسلمين فيها لا تتعدى نسبة 3- 4 بالمئة من مجموع 493 مليون نسمة.
انهم يحتلون شوارع المدن
ويقول ان عددا من الكتاب الاوروبيين والامريكيين باتوا يؤمنون بهذه الفكرة، مشيرا الى ما ورد فى كتابات نيل فيرغسون، المؤرخ الذى قال ان مجتمعا مسلما شاباً للشرق والجنوب من البحر المتوسط يمكنه استعمار اوروبا. فيما حذر كريستوفر كالدويل، محلل وكاتب عمود فى الفايننشال تايمز، من 'ان المسلمين يقومون الآن باحتلال المدن الاوروبية شارعا بعد شارع'. واضاف مشيرا الى ان نفس الكاتب نشر كتابا حظى باحتفاء حتى من الدوائر الليبرالية تحت عنوان ' تأملات حول الثورة فى اوروبا: هل سيبقى السكان على حالهم بناس مختلفين؟' وناقش فيه ان الاقليات قادرة 'طبعا على اعادة تشكيل الدول' واكد ان بمقدور الاقليات غزو الدول فروسيا لم يكن فيها الا عدد قليل من البلاشفة عام 1917 اقل من عدد 'الاسلاميين' الآن فى اوروبا. ويقول ان الاسلاميين هم جزء من قلق الكتاب هؤلاء حول التغييرات التى تعمل على تغيير اوروبا الى 'يورورابيا' اى اوروبا العربية' فهناك عامل التزاوج ونسبة الانجاب بين المسلمين التى يرى فيها اليمين شكلا عن 'قنبلة موقوتة' تهدد هوية اوروبا، وهو ما التقطته الاسبوع الماضى ديلى تلغراف ذات التوجه اليمينى التى قالت ان بريطانيا واوروبا تجاهلتا ببساطة هذه القنبلة الموقوتة التى تتكتك داخلهم. وبناء على هذا النقاش التبسيطى يأتى نيك غريفث زعيم الحزب القومى البريطانى المتطرف ليزعم ان المسلمين يقومون باغراء البنات البيض كى يغزوا البلاد. ونفس الموقف يظهر فى كتاب آخر للكندى مارك ستين، الذى وصفه الروائى مارتن ايمس بانه قادر على قول ما لا يقال ففى كتابه 'امريكا وحدها: نهاية العالم كما نعرفه' يشير الى تجربة الصرب الذى كان الحل الوحيد امامهم بعد تأكدهم من عدم القدرة على ملاحقة نسبة الاخصاب لدى المسلمين هى 'قتلهم او رميهم بالنفاية كما تشير الكلمة التى استخدمها'. والغريب ان هذه العناوين 'القيامية' الطابع تحظى باهتمام وجوائز فهى ليست تعبيرا عن آراء كتاب على الهامش بل من صناع الرأى فى بلادهم فكتاب بروس باوير، حاز على جائزة دائرة النقاد للكتاب القومى ويحمل الكتاب عنوان 'حين نامت اوروبا: كيف يقوم التشدد الاسلامى بتدمير الغرب من الداخل' ويرى ان خيار ترحيل المهاجرين مهم لإنقاذ اوروبا وهو نفس ما ورد فى طرح اليمين الفرنسي. وما يطرحه اليمين الهولندى الذى استفاق على خطل التجربة الهولندية التى كانت مثالا لدمج المهاجرين، فزعيمه الان غيرت ويلدرز خرج على الناس بفيلمه 'فتنة' الذى لم يكن سوى لقطات مجمعة من مصادر انترنتية او 'يوتيوب' وصور فيه كيف يقوم التشدد الاسلامى بالسيطرة على اوروبا والحل الوحيد هو ترحيل ملايين المسلمين. وفى محاولة الكتاب هؤلاء تسليط الضوء على خطر الاسلام على اوروبا يهاجمون اى صوت ليبرالى ينتقد تطرف الافكار باعتبارهم خانعين يقومون باسترضاء العدو وهذا الموقف واضح فى كتاب بروس باوير الجديد 'استسلام: استرضاء الاسلام والتضحية بالحرية'. ويشير ميشرا الى مؤتمر حضره قبل عام فى السويد شاركت فيه هذه الاصوات التى ترى فى الخطر الاسلامى تهديدا على صورة اوروبا وتذهب بعيدا للافتراض ان سياسة الاسترضاء التى اتبعتها الدول الاوروبية ادت لولادة اسامة بن لادن كونه اختراعا اوروبيا. ويقول ان المسلم الوحيد الذى كان مشاركا فى المؤتمر جاء من تركيا ولم يستمع احد الى احتجاجاته مما دعاه للكتابة لاحقا محتجا على الاسلاموفوبيا ودورها بمنع بلده من الدخول الى الاتحاد الاوروبى وهى العضوية التى تعارضها الاحزاب اليمينية على الرغم من كل ما فعلته تركيا بهذا الصدد.
جاهلون
لا ينفى الكاتب هنا علاقة الرهاب الذى يربط المسلمين بالمتطرفين بجنون ما بعد هجمات ايلول (سبتمبر) عام 2001. فقد فتح المجال امام السياسيين الانتهازيين والكتاب السطحيين لتقديم فتاوى فى شؤون الاسلام والمسلمين والتاريخ والعلاقات المجتمعية. المهم فى هذه 'الظاهرة' التى تقوم بنشر الخوف من 'تعريب واسلمة اوروبا ' انها نابعة من دوائر المحافظين الجدد فى امريكا. وكتابها الممثلون لها يفتقدون ادنى المعرفة بتاريخ اوروبا او بعالم المسلمين، فميشرا يعلق ان كالدويل يكتب قائلا عن ظاهرة انتشار الطعام الباكستانى رابطا اياها بالارهاب: اذا كان الطعام 'الباكستاني' وانتشاره فى بريطانيا من اهم التغيرات التى طرأت على الحياة فيها خلال النصف الثانى من القرن الماضى فمن الجدير بالملاحظة ان المواد التى استخدمت فى تفجيرات انفاق لندن مجهزة من الطحين المستخدم بعمل الخبز باكستانى (تشاباتي) ولا يعرف الكاتب هنا ان ما يسمى طعام هندى فى بريطانيا لم يأت من الباكستان فى غالبيته بل من بنغلاديش واجزاء شبه القارة الهندية الاخرى، ذلك ان معظم بيوت الطعام فى بريطانيا يملكها بنغاليون. واذا كانت معرفة كالدويل وغيره من مروجى الخوف بالاسلام قليلة فمعرفته ايضا بتاريخ اوروبا اقل حينما يخبر قراءه ان ايطاليا مثل السويد لها تاريخ استعمارى غير مهم ولا يعرف ان ايطاليا الفاشية احتلت ليبيا وقامت بمغامرة بالحبشة. كما ان انتقائية الكاتب تبدو واضحة عندما يركز على كتاب وفلاسفة غربيين حذروا من الاسلام مثل ارينست رينان الذى كتب المصلح المعروف جمال الدين الافغانى ردا عليه، فرينان لم يهاجم الاسلام وحده ولكنه هاجم العقل الإسلامى باعتباره غير قادر على التفكير العقلانى الحر على قدم المساواة مع العقل الاوروبي، مما يدخل اليهود فى هذا النقد. وينسى كالدويل الذى لن ندهش عندما نكتشف انه محرر كبير فى صوت المحافظين الجدد 'ويكلى ستاندرد' ينتقى ما يوائم نظرته فعندما يستعير عنوان كتابه من كلمات للمفكر ادموند بيرك ينسى او يتناسى عن عمد ان بيرك كان يثنى على 'القانون المحمدي' اى الشريعة. وينعى كالدويل على الغرب المسيحى الذى اصطف قادته الى جانب ادارة بوش فى حربها على الارهاب قائلا ان ابناءه خرجوا جنبا الى جنب مع المسلمين الذين عارضوا الحرب على العراق متوصلا لحقيقة ان الغرب الاوروبى يعيش ولأول مرة فى عالم لا يد له فى تشكيله. لان الكاتب لا يعرف ما يحدث فى العالم من تغييرات واثر ثقافة العولمة على المجتمعات فى العالم التى ادت لظهور قطط سمان ترتع بنعيم العولمة فيما يتضور الملايين جوعاً فقد كان من الاولى له ان ينظر فى مجريات التغيير والتى اصبحت فيها الاقليات ايا كانت تعيش محلا لتفضيض مخاوف الدول هذه وقلقها فى عالم تسيطر على اقتصاده قلة. ويعكس هذا الفهم على ما جرى من نقاش حول موضوع الحجاب والنقاب فى فرنسا، فقطعة قماش قصيرة اصبحت صورة عن معركة من اجل هوية فرنسية متخيلة 'علمانية وفردية ومنسجمة ثقافيا' بحسب ما ينقل كاتبنا عن الباحثة جوان والاتش سكوت فى كتابها 'سياسة الحجاب'. فمن خلال استبعاد العنصر الغريب 'الخطير' من مكونات هذا الفهم فقد تم انقاذ فرنسا. ويلاحظ ميشرا ان النقاش فى فرنسا حول النقاب وكل الرموز الاسلامية لم يخل من حدة فبرنارد ليفى الذى لا يذكره الكاتب لا يرى فى النقاب الا سجنا فيما يكتب جاك اتالى عن الحجاب باعتباره معادلا لجدار برلين. ومن ثم فالنقاب اعاد للاذهان النقاش القديم عن الهوة غير القابلة للجسر بين الاسلام الطقوسى المعادى للعقل والغرب الحديث والمنطقي.
أصبحوا ضيوفا ثقلاء
لا يخفى ان محاولة الدول الغربية الحديثة المهووسة بالحفاظ على هويتها الخاصة امام تهديد الاسلام والتى تبدو فى نموذجها القاسى الفرنسى ليست منزوعة فى تفكيرها عن فكر التنوير، ففولتير مثلا ولتأكيد مصداقيته كمنافح عن العقل هاجم اليهود البرابرة المعادين للعقل لكن المشكلة فيما بعد ان من دفع الثمن الباهظ منهم هم من اختاروا الاندماج كاملا فى المجتمع الالماني. ولا يخفى عدد من المحللين لموقف فرنسا من الحجاب انه صورة متجذرة عن تاريخها الاستعمارى حيث برز رمز الحجاب كصورة عن التخلف والبربرية للمجتمعات الاسلامية امام الغرب المتحضر.
فى النهاية لا ينفصل موقف المجتمعات الغربية من اقلياتها من ملامح تشكيل الدولة الوطنية التى عنت فى تشكلها التأكيد على سلامة العرق والتخلص من الاقليات وهذا عنى التخلص من مجتمعات اخرى فى مراحل التأكيد على العرق الابيض مثل السلاف والبولنديين. لكن اوروبا لم تكن قادرة على العيش بدون يد عاملة رخيصة 'وعمال ضيوف' بعد الحرب العالمية الثانية التى ادت لانتعاش اقتصادي. ولتعزيز عجلة النمو بدأت دول الغرب جلب اعداد من ابناء المستعمرات فى اسيا وافريقيا، بريطانيا، ومن شمال افريقيا، فرنسا. وهولندا جلبت عمالا مسلمين من المغرب واندونيسيا وسورينام فيما شكلت العمالة التركية غالبية العمال فى المانيا، وحتى اسبانيا التى تخلصت من قرون من هيمنة الاسلام سمحت للمغاربة بالقدوم والعمل فيها. لم يكن فى ذهن السلطات الغربية ان يصبح الضيوف سكانا دائمين فقد كان من المتوقع منهم ان يعملوا بنشاط ودأب، ويجمعوا مالا ويرجعوا لبلادهم. لكن الغالبية منهم قرروا البقاء بسبب المميزات الممنوحة لهم على الرغم من المعاملة التمييزية ضدهم، صار الضيوف اذا مواطنين وإن من الدرجة الثانية وقنعوا بفتات المجتمع المتحضر ولكنهم لم يتخلوا عن الحلم بغد افضل لأبنائهم. وهنا يطرح تساؤل عن كيفية قيام اقلية لا تعدو الملايين بالسيطرة على اوروبا، فالجيل الجديد من المسلمين تعلم فى المدارس الحديثة كما ان معدل الانجاب بين عائلات الجيل الجديد من المسلمين انخفض بسبب انتشار التعليم وتحرر الكثيرين من قيود التقاليد التى جلبها الآباء من بلادهم الاصلية مما يعنى ان الحديث عن قنبلة اسلامية موقوتة خطل. ومقارنة مع جهود الدول التى عملت جهدها من اجل تأكيد وضعية الضيوف السابقين وتأكيد ولائهم عبر اختبارات ولاء فالمسلمون فى الغرب لا حول لهم ولا قوة كى يفكروا بالاطاحة والثورة كما يروج دعاة اليمين المتطرف، فمن يعيش فى ظروف من الخوف وجو الشك لا يمكن ان يفكر بنفسه كعنصر قوى قادر على مواجهة مجتمع متناغم علاوة على التفكير بنفسه كفاتح. ومن هنا يقول ميشرا ان ايا من كتاب الكتب ذائعة الصيت مثل: حينما نامت اوروبا، امريكا وحيدة، الايام الاخيرة لأوروبا، لديه معرفه بالاسلام والمجتمعات الاسلامية وكلهم يعانون من عقم التفكير، لانهم لا يعرفون الا اسلاما واحدا وهو اسلام العنف والتطرف، مع ان غالبية المسلمين الاوروبيين لا تؤمن بهذه الفكرة وما يعلم حياتهم هى تجاربهم فى مجتمعات العولمة وفكرتهم عن مواطنهم التى تحكمها انظمة شمولية، هذا لا ينفى تحول اقلية من شباب المسلمين فى اوروبا نحو دعم الاسلام السياسى اوالجهادى بسبب ظروف الغضب والقهر والحرمان والتمييز وتجاهل الغرب ما يحدث من مذابح وقتل فى بلدان يرتبطون عاطفيا ودينيا بها. لكن هذا الواقع كاف لإقناع مروجى الخوف والرهاب من الاسلام، بالإسلاموفوبيا او الجهادية الدولية السلفية، والفاشية الاسلامية وعليه قس من المصطلحات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.