الجنيه يواصل التراجع أمام الدولار.. انخفاض ب15 قرشا رغم التوترات الإقليمية    محافظ الغربية يشهد تدشين مبادرة سكن كريم من أجل حياة كريمة    عاجل- السيسي: تعزيز الحماية الاجتماعية وترسيخ استقرار السياسات المالية لجذب الاستثمار    وزير الإسكان: نستهدف زيادة المساحة المعمورة إلى 18% عام 2030    وول ستريت جورنال: واشنطن أبلغت طهران أن الضربات «لمرة واحدة»    شوبير يدافع عن لاعبي الأهلي: "كانوا محتاجين يغيروا جو.. ومفيش تجاوزات"    الثلاثاء.. فتح باب تلقي التظلمات على نتائج الشهادة الإعدادية بالشرقية لمدة أسبوعين    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لعامل بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة سلاح دون ترخيص بالقليوبية    السيطرة على حريق بجوار مديرية الصحة ومطاحن الدقيق ببني سويف    الدكتور مجدي يعقوب معلقا على مشروع تمثاله: هذا التكريم ليس لشخصي فقط بل اعتراف بقيمة العلم    "زي النهاردة".. ليفربول يعلن التعاقد مع الملك المصري محمد صلاح    وحدة السكان بالمنيا تنفذ 40 دورة تدريبية لتأهيل 4000 شاب وفتاة بقرى "حياة كريمة"    النائبة هبة شاروبيم: هناك فجوة كبيرة بين واقع كليات التربية الحالية ومتطلبات إعداد المعلم    مصر تستهل قيادتها للاتحاد الدولي للغاز كنائب رئيس تمهيدا لرئاستها المقبلة فى 2028    حالة الطقس اليوم في السعودية.. أمطار رعدية وتقلبات بمكة والمدينة    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي بسبب خلافات مالية بمدينة نصر    منتخب مصر لكرة اليد للشباب يتأهل إلى الدور الرئيسي في بطولة العالم ببولندا    منها «7 تماثيل لأبو الهول».. «سياحة الإسكندرية» تستعرض اكتشافات أثرية ب6 مواقع (صور)    تأجيل دعوى هيفاء وهبي ضد نقيب الموسيقيين إلى 10 يوليو للاطلاع    أمان القابضة تغلق الإصدار الثالث من سندات التوريق بقيمة 665.5 مليون جنيه    خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    تقارير: مدافع ليفربول يخضع للفحص الطبي في باير ليفركوزن    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    3 طلاب يتسلقون طائرة هيكلية في الشرقية.. و«الداخلية» تكشف الملابسات (تفاصيل)    اتحاد الكرة يعلن.. اخطار كاف بالأندية الأربعة المشاركة في دوري الأبطال والكونفدرالية    ستونز: مررت ببعض اللحظات الصعبة بالموسم الماضي.. وأريد البقاء في مانشستر سيتي    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    الليلة.. نانسي عجرم تغنى في موازين بعد غياب 7 سنوات    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    في ذكرى ميلاده.. عمرو الليثي يعرض أخر لقاء تلفزيوني أجراه أشرف عبدالغفور    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية جراحية للقلب المفتوح من خارج غرفة العمليات    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    بدون تكييف.. حيل ذكية لاستخدام المروحة لتبريد منزلك بكفاءة في الصيف    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم الأحد 22-6-2025 في مصر وعيار 21 الآن    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل العلاقات الجزائرية الإيرانية
نشر في محيط يوم 30 - 08 - 2008

مستقبل العلاقات الجزائرية الإيرانية
وتأثيراتها على التوازن الإستراتيجي في منطقة المغرب العربي

د . عبد الرحمن مكاوي

الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري السيد عبد العزيز بوتفليقة رغم مرضه و تعبه إلى إيران مباشرة بعد حضوره لافتتاحيات الألعاب الأولمبية المنظمة في الصين الشعبية، أظهرت الكثير من التقارب في السياسات و المواقف بين بلدين مسلمين كبيرين بالرغم من التوتر الذي عرفته العلاقات الجزائرية الإيرانية طيلة سنوات الجمر، و التي وصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما, فالرئيس بوتفليقة الذي التقى قبل الزيارة بالعديد من الرؤساء الغربيين في بكين و على رأسهم الرئيس الأمريكي، و هذا بالمناسبة طبعه، فالرجل لا يترك أي مناسبة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية عالمية إلا و حضرها، عرج في عودته هذه المرة على طهران في زيارة رسمية إلى بلد الملالي لحل الكثير من الاختلافات في العديد من القضايا السياسية التي تعرفها العلاقات الثنائية بين البلدين ماضيا و حاضرا و في نفس الوقت انتهز الفرصة كالعادة ( الدبلوماسية الانتهازية) لعرض وساطته في الملف النووي الإيراني.

هذا التدخل الجزائري تم في ظل احتجاج خفي و قوي للغرب على هذه المبادرة التي اعتبرتها الأوساط الإعلامية الجزائرية بالهامة و الإستراتيجية ! ، فالرئيس بوتفليقة معروف بحبه للوساطات في كل النزاعات إقليمية كانت أو دولية إلى درجة انه غضب عندما استرجعت الكامرون جزيرة براديس الغنية بالنفط من نيجيريا بدون تدخله ووساطته. فالمباحثات التي جرت في طهران في جو من الود و الترحيب الكبيرين شملت ملفين أساسين شائكين، ملفين أثارا تساؤلات عديدة:

الملف الأول يهم العلاقات الثنائية و سبل تفعيل و ترقية التعاون السياسي و الاقتصادي بين البلدين، و في هذا النطاق تحاول إيران من وراء ذلك إلى التسرب إلى إفريقيا و العالم العربي عبر البوابة الجزائرية . أما الملف الثاني فهو قبول وساطة الرئيس بوتفليقة في إيجاد حل لأزمة الملف النووي القائمة بين إيران و الغرب. و هكذا فالمحادثات التي تعرضت للعلاقات الثنائية، تناولت مسألة التعاون العسكري و الاستخباراتي بين الجزائر و ايران. فالمؤسسة العسكرية الجزائرية مهتمة بشراء نظم صواريخ متطورة متوسطة و طويلة المدى مضادة للدبابات و الطائرات، و زوارق حربية سريعة صغيرة و هي حسب المختصين لؤلؤة الصناعة الحربية الإيرانية، إضافة إلى اهتمامها باقتناء الطوربيد البحري الإيراني الجديد، كما عبرت الجزائر عن اهتمامها بالتعاون التقني في المجال النووي السلمي و ذلك عن طريق تبادل الخبرات و الخبراء بين البلدين في هذا الميدان الحساس و المراقب دوليا.

أما على المستوى الاستخباراتي، فالجزائر طلبت من إيران مساعدتها على تجفيف منابع تمويل القاعدة في المغرب الإسلامي القادمة من افغانسان و باكستان و العابرة لإيران ، كما حثت المسؤولين الإيرانيين على الحد من التأثيرات السلبية الواردة عن بعض رموز القاعدة المتواجدين و المحميين من طرف إيران، كما طالبت الجزائر من الملالي حسب بعض المحللين العسكريين الضغط على حزب الله اللبناني الذي لا يخفي مساندته للتيار الإسلامي الجزائري قصد الحد من تأثيره المباشر في الأوساط الشعبية الجزائرية التي بدأت تعرف تشيعا متصاعدا في السنوات الأخيرة.

على المستوى الاقتصادي، اتفقت إيران مع الجزائر على تكوين كرتيل للغاز المميع بعد فشل مفاوضاتها مع روسيا، كرتيل قد يفك عزلة إيران في تسويق منتوجاتها الطاقوية، إضافة إلى التعاون الاقتصادي و العسكري و الاستخباراتي طلبت الجزائر من إيران التحول من موقف الحياد الإيجابي في قضية الصحراء المغربية إلى دور المساند للبوليساريو المنظمة الانفصالية، مساندة عبر الاعتراف الدبلوماسي و الدعم العسكري.

إن عرض الجزائر للوساطة بين إيران و الغرب لا يخرج عن نطاق استمرار الدبلوماسية الجزائرية النشيطة في استغلال كل نزاع لتسجيل نقط معينة تخدم أمنها القومي في منطقة المغرب العربي، التي هي في الواقع منطقة مضطربة، فالرئيس بوتفليقة يسعى من خلال وساطته بين الغرب و إيران و قد فعلها في السابق إلى تحقيق نقط سياسية و عسكرية و اقتصادية و شخصية، أي الحصول على مقابل تدخله بين الغرب و إيران و من بين هذه الأرباح المنتظرة نجد :

1- الترشيح لجائزة نوبل للسلام، عقدة نفسية ثابتة عند الرجل، و هنا يظهر التداخل بين وظيفة الرئيس و اختصاصات وزير الخارجية محمد مدلسي و المقاصد الشخصية.

2- اعتراف إيران بالبوليساريو و مده بشبكة صواريخ و أنظمة سيطرة و قيادة واتصال شبيهة بتلك التي زود بها حزب الله اللبناني. أنظمة تمكن الانفصاليين من تجاوز الخطوط الدفاعية المغربية في الصحراء المغربية و الوصول إلى عمق الأقاليم الصحراوية ( العيون و الداخلة و السمارة).

3- القضاء على الجماعة السلفية للدعوة و القتال الجزائرية المنطلقة من الشرق الأوسط ( إيران، باكستان، أفغانستان).

4- إسكات المد الشيعي الإباظي ( (Mozabitesفي ولاية غرداية وبن ريان و في الجنوب الجزائري بأكمله وذلك بالظهور بمظهر المتعاون مع الشيعة في إيران.

5- التأثير على التيار الإسلامي الجزائري من طرف طهران لدفعه لقبول عهدة ثالثة للرئيس بوتفليقة ( تمويل بعض الأحزاب و بعض الشخصيات الجزائرية المحسوبة على التيار الوطني الاسلاماوي).

إن الدبلوماسية المتحركة الجزائرية في كل الاتجاهات و في كل الأزمات هي سلاح ذكي يستعمله الرئيس الجزائري ضد أعدائه في الداخل بغية ترهيب الطبقة السياسية و العسكرية الرافضة لتغيير الدستور من اجل السماح له بعهدة ثالثة. أما على المستوى الخارجي، فتتمثل تحركات الدبلوماسية الجزائرية في تلويحها بالحرب و الهيمنة في محيطها الإقليمي من خلال انفصاليي البوليساريو. فالرئيس الجزائري يسلك منهجا تخويفيا و ترهيبيا، يركز بواسطته على زعامة الجزائر في منطقة شمال إفريقيا و إخضاع الجميع لمنطقه و إرادته. إن التقارب الجزائري الإيراني الجديد يدعم هذه الأطروحات و الطموحات الجزائرية في ما يخص قضية الصحراء المغربية، و دليلنا على ذلك هو حضور مندوب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في احتفالات البوليساريو في قرية تفاريتي المغربية، انه المقابل المقدم للجزائر و عربون تحالف جديد في المستقبل.

أما إيران فقد تستفيد كثيرا هي الأخرى من التعاون السياسي و الاقتصادي مع الجزائر في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها، فالعلاقات الدولية بالنسبة للملالي و على رأسهم مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خاميني، و الرئيس محمود احمدي نجاد و رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، و علي لاريجاني رئيس البرلمان و المفاوض السابق في الملف النووي الإيراني، هي لعبة شطرنج تعتمد على أسلوب شد الحبل، و العصا و الجزرة، أسلوب يقوم على معادلة ربح الوقت و النفس الطويل في المفاوضات الخاصة بالملف النووي مع الغرب، و على عامل إحياء التحالفات القديمة التي خلفتها الحرب الباردة القديمة الحديثة. فالتعاون الإيراني الجزائري الجديد يدخل في نطاق هذه اللعبة الشائكة المعقدة و المتشعبة التي نسجتها إيران منذ قيام الثورة الإسلامية من خلال تقاربها مع الجزائر، و ذلك على عدة مستويات سياسية و تجارية تهم إفريقيا و العالم العربي، الشيء الذي سوف يفيدها في فك عزلتها في وقت يستعد فيه الغرب إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على هذا البلد المسلم، الذي أصبح قوة عسكرية في الشرق الأوسط كما فعل الغرب مع نظام صدام حسين.

إن زيارة الرئيس الجزائري لإيران بدأت تقوي الاعتقاد السائد هنا في المغرب العربي، و في أوساط العارفين بخفايا و خبايا الأمور في المنطقة، إن التوازن الاستراتيجي في شمال إفريقيا أصبح الآن مهددا من قبل هذا التحالف الغير الطبيعي، خاصة و أنه تزامن مع التحولات التي تشهدها العلاقات الدولية بعد أزمة القوقاز . فالدول المغاربية و دول الناتو تتابع هذا التحالف الجديد الحاصل بين إيران و الجزائر بكثير من القلق و اليقظة. وضع سياسي مغاربي هش قد يدفع دول اتحاد المغرب العربي و الساحل و حتى الدول العربية الأخرى كالسعودية و مصر إلى الخروج من صمتها عبر اتخاذ قرارات مصيرية مضادة لهذا التقارب و ذلك من خلال الانخراط في تحالفات جديدة، كما يدفع الناتو إلى مراجعة تعاونه العسكري مع الجزائر في ملف الحرب ضد القاعدة.

ختاما، أقول أن التحالف الحقيقي و الصحيح هو ذلك التحالف الذي يقوم بين الحاكم و شعبه، و بين هذا الأخير و جيرانه و إخوته المقربيين. لذا أتمنى النجاح و طول العمر للرئيس بوتفليقة حتى يتمكن من حل كل النزاعات في كل أرجاء العالم خاصة النزاعات الداخلية التي يعرفها بلده، و الصراعات القائمة مع جيرانه أولا خاصة نزاع الصحراء المغربية و تمرد التوارق في مالي، وهكذا سوف يكون الشعب المغربي السباق في ترشيحه لجائزة نوبل للسلام. فالتحالف يكون مع الشعب و ليس على حسابه و لا على حساب الجيران يا رايس!

كما انصح المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أن لا يتدخل في الصراعات العربية-العربية، وأن يبقي على الحياد فيها و أن لا يكرر تجربته مع العراق الجريح حتى لا يخسر ما تبقى من عطف الشعوب العربية و الإسلامية لإيران في مواجهتها للغرب "فالدين النصيحة".

** أستاذ العلاقات الدولية جامعة الحسن الثاني المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.