خلال خمسين عاماً لم يتم فتح الحدود الجزائرية - المغربية سوى 12 عاماً فقط، مما تسبب فى معاناة ضخمة لمواطنى البلدين. فالمواطن الجزائرى المقيم فى مدينة تلمسان ليلتقى قريبه المقيم فى مدينة وجدة والتى لا تبعد سوى 20 كيلومترا، عليه أن يقطع مئات الكيلومترات ذهاباً إلى العاصمة الجزائرية ومنها إلى الدارالبيضاء ثم إلى وجدة. ومنذ بداية الستينيات من القرن الماضى تحولت الحدود البرية الجزائرية - المغربية إلى عنوان للعلاقات بين البلدين. تتأزم الأمور فتغلق الحدود بقرار، أما فتح الحدود فيحتاج إلى تحسين العلاقات ثم مفاوضات لوضع ترتيبات تناسب الطرفين. إغلاق الحدود لآخر مرة حدث عام 1994 بقرار جزائرى بعد تحميل الرباط السلطات الجزائرية مسئولية هجمات مسلحة استهدفت سُياحاً أجانب فى فندق فى مراكش. فظلت الحدود مغلقة 18 عاماً متصلة، لكن يبدو أن الأيام الماضية قد شهدت تقارباً كبيراً فى العلاقات بين الجزائر والمغرب قد يمهد لإعادة فتح الحدود البرية. فتداعيات الربيع العربى عجلت بانتعاش العلاقات الجزائرية - المغربية لحل كثير من القضايا الخلافية. فالظروف الإقليمية والدولية، وما شهدته المنطقة العربية من ثورات، وخوف الجزائر مما حدث فى تونس وليبيا جعل النظام الجزائرى يغير من تعامله مع القضية.. وأصبح مضطرا للقبول بتطبيع عاجل مع المغرب. والعنصر الآخر الذى دفع الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة إلى الإسراع بتحسين العلاقات مع المغرب، أن حركة مجتمع السلم الإسلامية، التى انسحبت من التحالف الحاكم فى الجزائر مؤخراً، أعطت مسألة إعادة فتح الحدود مع المغرب أهمية كبيرة فى برنامجها الانتخابى، ووعد رئيسها أبوجرة السلطانى بفتح الحدود فى حال وصول الإسلاميين للحكم فى الجزائر فى الانتخابات البرلمانية المقررة فى مايو المقبل. وهو ما دفع بالحكومة الجزائرية لرفع شعبيتها من جهة وتفويت الفرصة على الإسلاميين. وبالنسبة للمغرب فإن مسألة غلق الحدود من جانب الجزائر تتسبب فى خسارة الاقتصاد المغربى نحو 4 مليارات دولار سنوياً من عوائد السياحة والتجارة، خصوصاً أن الجزائريين كانوا يفضلون التوجه للمغرب قبل التحول إلى تونس بعد غلق الحدود. يبقى ملف الصحراء العقبة الكبرى أمام جهود التقارب الحالية بين الجزائر والمغرب، وقد شكل نزاع الصحراء الغربية العنوان الرئيسى لتؤثر العلاقات المغربية - الجزائرية. فالمغرب يعتبر أن المنطقة المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو جزءا من ترابه الوطنى. بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو على أساس أن سكان المنطقة المتنازع عليها والذين تمثلهم الجبهة لم يمارسوا حقهم فى تقرير المصير الذى أقرته لهم الأممالمتحدة. النزاع الآن سياسياً بين يدى الأممالمتحدة منذ عام 1991، وترعى مفاوضات للحل منذ عام 2007. والمقترح الحالى هو بداية مرحلة انتقالية تستمر لخمس سنوات تحت إشراف الأممالمتحدة وتنتهى باستفتاء، إما أن يستقل الإقليم وإما يبقى تحت السيادة المغربية. ماجد بدران