لم تأت الجولة الأخيرة من مفاوضات الأسبوع الماضى ب «مانهاتن» الأمريكية بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب «البوليساريو» بشأن الصحراء المغربية بأكثر مما كان متوقعاً. إذ انتهت بدون تحقيق أى تقدم، وقد شارك فى المباحثات ممثلون من الجزائر وموريتانيا وأشرف عليها المبعوث الشخصى للأمين العام للأمم المتحدة «كريستوفر روس» والتى رفضت فيها كل من «المغرب» و«البوليساريو» مقترح الطرف الآخر، حيث تدعو البوليساريو لاستفتاء حول تقرير المصير برعاية الأممالمتحدة يفتح أمام الصحراويين المجال بين ثلاثة خيارات، إما الانضمام للمغرب، وإما الاستقلال، وإما الحكم الذاتى تحت السيادة المغربية فى الوقت الذى تتمسك فيه المغرب بحل يضمن احترام السيادة المغربية وتقترح حكما ذاتيا موسعا فى الصحراء واعتباره أساسا لأى تفاوض، وقد بدأت مشكلة الصحراء المغربية قبل انسحاب الاحتلال الأسبانى منها عام 1975 إذ طالبت المغرب باسترجاع الصحراء المغربية من الاحتلال الأسبانى لأنها جزء من أراضيها، وأثناء المفاوضات الأسبانية مع المغرب طالبت موريتانيا بجزء من الصحراء بدعوى أن للسكان تقاليد شبيهة بالتقاليد الموريتانية، بينما دعت «البوليساريو» إلى إقامة دولة منفصلة فى منطقة الصحراء المغربية تتضمن الساقية الحمراء شمالاً ووادى الذهب جنوباً وذلك بدعم وتأييد من الجزائر. وقد اعترف بالجمهورية الصحراوية الجديدة العديد من الدول خصوصاً الجزائر ودول غرب أفريقيا وعددهم 75 دولة. غير أن العديد منهم قام بسحب أو تجميد اعترافه، وقد حاولت منظمة الأممالمتحدة تنظيم استفتاء منذ 1991 إلا أن الخلاف بين المغرب والبوليساريو حول كيفية تطبيق الاستفتاء، ومن يحق له التصويت أدى إلى تأخر الاستفتاء، ولم تسفر سبع جولات سابقة من المفاوضات الرسمية وغير الرسمية جرت منذ عام 2007 عن أى تقدم يذكر. وتتمثل الصعوبات فى استمرار التباعد بين موقف المغرب الداعى إلى تسوية النزاع فى إطار الحكم الذاتى، وجبهة «البوليساريو» التى تتمسك بأن يكون الحكم الذاتى واحدا من خيارات أخرى. وقال وزير الخارجية المغربى «الطيب الفاسى الفهرى» فى مفاوضات «مانهاتن» الأخيرة إن بلاده طرحت اقتراحات تهدف إلى تسريع المفاوضات. وأشار إلى أن الرباط تريد البحث فى الوسائل المتاحة والاستماع إلى من يمثل سكان الصحراء معتبراً أن «البوليساريو» لا تمثل سكان الإقليم، كما انتقد تمسك البوليساريو بخيار الاستفتاء، فى حين اعتبر «أحمر بوخارى» ممثل جبهة البوليساريو لدى الأممالمتحدة أن اقتراح الحكم الذاتى المغربى يشكل محاولة لتغيير الحدود، وأن سبب عدم تقدم المناقشات هو تمسك الوفد المغربى بمواقفه المعرقلة - على حد تعبيره - فى الوقت الذى طالبت فيه الحركة التصحيحية داخل جبهة البوليساريو الانفصالية والتى تعرف ب «خط الشهير» «كريستوفر روس» فى رسالة بعثت بها إليه بإيفاد مراقبين دوليين للمخيمات للتأكد من أن القيادة الحالية للبوليساريو لا يتوافر لها الشرعية للتفاوض باسم الشعب الصحراوى، وأنها لا تمثل إلا نفسها، وأنهم مجرد أفراد متمسكون بالسلطة يتاجرون بمعاناة أهالى المخيمات، وأن كل يوم يمر دون حل لهذا النزاع يعد جريمة إنسانية بحق أبرياء يعانون تحت المخيمات منذ أكثر من 35 عاماً، ودعت إلى التعامل مع هذا التيار التصحيحى كفاعلين أساسيين يمثلون جزءا مهما من الرأى العام الصحراوى، ورغم فشل كل المفاوضات السابقة حاول «روس» أن يبدى تفاؤله من الجولات المقبلة المزمع تنظيمها فى شهرى يناير ومارس المقبلين. ويعتقد مسئولو الأممالمتحدة «أنه لابد من استخدام أحد الموقفين كأساس للمحادثات ولكن كلاً من الجانبين غير مستعد للتراجع.