القدس .. في يومها العالمي!!! د. سحر المجالي جعل العرب والمسلمون من يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، والذي صادف بالأمس 26/9/2008، يوما لإحياء ذكرى احتلال المدينة المقدسة، و تأكيداً لاستنهاض إرادة أكثر من مليار عربي ومسلم من اجل تحرير المدينة المقدسة، والوقوف إلى جانب الشعب العربي الفلسطيني المسلم في جهاده من أجل تقرير المصير و التحرر والحياة الكريمة. ويعتبر هذا الصراع، والذي ما يزال ماثلاً، من أخطر التحديات التي واجهت الأمة العربية و العالم الإسلامي في تاريخها الحديث، لأنه صراع حضاري... صراع وجود لا صراع حدود. ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي للقدس والأراضي الفلسطينية الأخرى، ظاهرة استعمارية تجسد جميع أبعاد هذه الظاهرة، سواء التاريخية أو الديموغرافية أو الروحية أو الحضارية أو الفكرية. وإذا كانت القضية الفلسطينية تمثل أهم تحد للأمة العربية والإسلامية ووجودهما، فإن القدس تعتبر جوهر القضية الفلسطينية، لما لهذه المدينة من أهمية تاريخية و دينية و روحية في وجدان العرب و المسلمين. فالقدس مسرى الرسول صلى الله عليه و سلم، وفي أكنافها شهدت ميلاد عيسى عليه السلام، و هي أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين، وقد ربط الله سبحانه و تعالى المدينتين: مكةالمكرمةوالقدس الشريف، ومسجديهما المباركين، الحرام والأقصى، بحادثة الإسراء، حيث أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. وقد أكد صلى الله عليه وسلم على قدسية المسجد الأقصى بقوله:'' لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث: المسجد الحرام، و المسجد الأقصى، و مسجدي هذا''. كما تعد القدس، المدينة الوحيدة التي شهد فتحها سلماً الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سنة 17 ؟ / 636 م، إذ خرج بنفسه للإشراف على تسليمها للمسلمين، و خط بيده وثيقتها المعروفة '' بالعهدة العمرية''. لقد باركت هذه المدينة المقدسة وأكنافها أيادي العديد من أنبياء الله وخاصته المخلصين، وستبقى، كما كانت، رمزا للمحبة والسلام. و لم تفلح المحاولات الإسرائيلية المتكررة وسياساتها العدوانية المتواصلة لتهويد هذه المدينة و التشبث بها كعاصمة ''أبدية و موحدة'' للدولة اليهودية، ، و تزوير تاريخها والافتراء عليه، بالرغم من تسخيرها لكل الأساطير التوراتية فيما يتعلق ''بميتافيزيقيا'' ''ارض الميعاد''، وهو ادعاء '' بحق'' غير مشروع دينياً كان أم تاريخياً. إن إحياء يوم القدس هو دلالة عن تلاحم إرادة الأمة العربية والإسلامية تجاه هذه المدينة المقدسة، لما لهذه المدينة من مكانة في ضمير ووجدان العرب و المسلمين و المسيحيين. بالإضافة إلى مكانتها القومية باعتبارها جزءا من الأراضي العربية المحتلة، وتبوئها صميم الاهتمام الوطني و القومي لكل العرب والمسلمين، الذين قد يختلفون على كل شيء إلا على عروبة و إسلامية القدس. فالقضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية كل عربي و مسلم، والقدس أرض عربية- إسلامية مقدسة تواجه سياسات احتلالية وعدوانية ، تهدف إلى طمس معالمها العربية الإسلامية. فهل سيكون لهذه الذكرى، ذكرى يوم القدس، دور في تحفيز عناوين العزة والكرامة في واقع اليأس العربي و الإسلامي المطبق؟؟، وشحذ الهمم، والابتعاد عن الاحتراب البيني والاستقطاب المذهبي والطائفي، والعمل على توحيد صفوف الأمة أمام غطرسة دخيلة، أظهرت الأيام مدى هشاشتها و ضعفها. عن صحيفة الرأي الاردنية 27/9/2008