دور قوات حطين في أكتوبر.. وما بعده حسن البطل إلى متى تبقى الحصة الفلسطينية مطموسة في حرب أكتوبر 1973.. سوى للبحاثة وللخاصة من المقاتلين القدامى؟. الإسهام الفلسطيني العسكري في مجد أكتوبر ذو شقين: فلسطيني صرف تقريباً، وعنه كان لأبو عمار حق المبالغة، والقول: فتحنا (جبهة ثالثة) من جنوب لبنان على شمال إسرائيل. ماذا عن الشق الثاني؟ ودور المقاتل الفلسطيني في الجهد العسكري العربي النظامي؟. سأضع جانباً شهادات موثقة في كتب فلسطينية قليلة، والتفت إلى شهادة صديقي الجندي القديم في جيش التحرير الفلسطيني - قوات حطين، ودور كتيبة 413 والكتيبة 412، وهما كانتا قوات الصدمة، ورأس الحربة في الهجوم السوري لتحرير الجولان (بضربة مدرعات) كثيفة وصاعقة، ودون عقد تسويات لاحقة.. حسب فكرة الرئيس الأسد الكبير، التي تحفظ عليها ضباط أركان الجيش المصري، لأنها تتعدى تقديراتهم للقدرة الفعلية للجيش السوري!. على ما أذكر، ترن في ذاكرتي كلمات الرئيس الأسد الكبير في 16 أكتوبر 1973، وقوله: صحيح، لم تحرر أراضينا المحتلة.. لكن حررنا إرادتنا. نعم، حرر الجيش السوري معظم التلال الاستراتيجية في الجولان المحتل، وبخاصة تلال: الشحم، الفرس، الندى.. لكن، كانت القوات التي أمسكت برؤوس هذه التلال هي جنود الكتيبتين 412 و 413 لجيش التحرير الفلسطيني - قوات حطين؛ وبعضها بهجوم بري (تل الشحم) ومعظمها بإنزال مجوقل (إبرار جوي) بطائرات سمتية سورية.. وجوبهت بنيران أرضية إسرائيلية مضادة وشديدة الفاعلية، ما كبد القوات الفلسطينية عدداً كبيراً من الشهداء. إذا نجحت القوات المصرية، التي عبرت القناة، بربط (رؤوس الجسور)، فإن القوات المدرعة السورية أخفقت في ربط (رؤوس التلال)، رغم عنادها الشديد وقتالها الضاري، الذي كلفها في يوم من معارك مدرعات لا مثيل لشراسته منذ حروب المدرعات في الحرب العالمية الثانية، زهاء 600 - 800 دبابة بين مدمرة ومعطوبة.. فجاءتها النجدة العراقية لحماية دمشق من السقوط. كان زميلي محمد هواش جندياً في جيش التحرير الفلسطيني، وقاتل في الجولان بشجاعة وتهور الجندي الفلسطيني في سن العشرين، ثم قاتل، لاحقاً، في (حرب الاستنزاف) المصغرة السورية - الإسرائيلية العام 1974؛ وأخيراً في شمال لبنان شتاء 1975. الإنجاز العسكري السوري البارز في حرب أكتوبر 1973 كان في بداية الحرب، أي احتلال مرصد جبل الشيخ، الذي استرده الإسرائيليون سريعاً (الآن، يقولون إنهم يراقبون سكان الشام في بيوتهم من مناظيرهم العسكرية في الجبل). إبان حرب الاستنزاف السورية (أثمرت فصل قوات واسترداد سورية مدينة القنيطرة، عاصمة الجولان، بعد أن دمرها الإسرائيليون)، كان للكتيبة الفلسطينية 413 دورها من مراكزها الأمامية بالجولان في قرى: قلعة جندل، عرنة (مصيف الشوام المفضل) وحنيه، ومغر المير مقابل قرية سعسع.. أقصى نقطة وصلها التمدد الإسرائيلي. مرة أخرى، تمكن جنود جيش التحرير من تحرير مرصد جبل الشيخ، بفضل شجاعة متهورة للجندي أحمد عويس (من بلدي: طيرة حيفا)، الذي ثمل في إحدى الليالي، وانطلق بمفرده دون أوامر، لاستكشاف المرصد، فاكتشف أنه يكون خالياً من أي جندي إسرائيلي خلال ساعات الليل. .. هكذا، أبلغ الفلسطينيون قيادة الأركان السوري، فحضر عماد الجيش مصطفى طلاس، وصعد المرصد مع قوات خاصة فلسطينية - سورية.. وبدأت حرب ليل - نهار. في الليل يكون المرصد بأيدي السوريين، وفي النهار في أيدي الإسرائيليين!. يقول الجندي القديم إن سورية فرضت سياستها على لبنان، أيضاً، بدماء جنود جيش التحرير، بدءاً من معركة هجوم الكتيبة 412 على زغرتا (معقل لواء المردة التابع لرئيس الجمهورية سليمان فرنجية، وبالتواطؤ معه لتسويغ موافقته على مبادرة أمنية سورية). خلال المعركة، أعلن فرنجية موافقته على المبادرة السورية.. ولكن، ثمن معركة استمرت من 6 صباحاً حتى 2 ظهراً كان سقوط 68 جندياً فلسطينياً وجرح 150 آخرين من أصل كتيبة تعدادها 450، وتعود الخسائر الفلسطينية العالية الى تنفيذ قوات حطين أمراً ارتجالياً من الأركان السورية، علماً أن الكتيبة ذاتها كانت حاربت في الجولان، ولاحقاً على جبهة جبل الشيخ إبان حرب الاستنزاف، واستقرت بعض الوقت في مخيم نهر البارد، قبل أن تتمركز في صافيتا على الحدود الشمالية اللبنانية - السورية. بعد هذه المعركة المرتجلة غير المدروسة، والتي كانت لغايات سياسية، قام سكان زغرتا بالتنكيل بجثث جنود الكتيبة.. بينما شهد مخيم اليرموك، في يوم واحد، تشييع 120 شهيداً من القوات الفلسطينية!. الآن، وفي ذكرى اكتوبر، صارت الجبهة الفلسطينية هي الأساسية سياسياً وأمنياً، وبقية النزاعات ملحقة بحل المسألة الفلسطينية.. ولدمشق وسواها أن تتظاهر بأنها فلسطينية أكثر من الفلسطينيين، بعدما كنا عرباً أكثر من العرب!. عن صحيفة الايام الفلسطينية 7/10/2007