الحل بحرب نفطية جديدة محمد السعيد ادريس رغم انتهاء حرب روسيا جورجيا من الناحية الرسمية فإن واقع الأمر يقول إن حرب روسيا مع الغرب قد بدأت من الناحية الفعلية، وهي الحرب التي حرص الطرفان على تفاديها، أو على الأقل تأجيلها، رغبة في الخوف من الوقوع أسرى لتداعيات حرب باردة جديدة، قد لا تبقى باردة دائماً على نحو ما كانت الحرب الباردة السابقة. ولذلك هناك من يسألون في الطرفين عن تحديد مسؤولية تفجر حرب نفسية سياسية اقتصادية بين روسيا والغرب كي يمكن احتواء ما هو قادم من تداعيات، في وقت بدأت "كرة الثلج" تفرض نفسها كواقع بين تفاعلات الأفعال وردود فعلها من الجانبين. البعض يرى أن الولاياتالمتحدة هي المسؤولة عن خطر تجدد الحرب الباردة مع روسيا عندما أمعنت في استعراض قوتها، واقتربت، أكثر من اللازم، من حدود روسيا ومجالها الحيوي بالتوقيع على اتفاقية إقامة الدرع الصاروخية مع بولندا، والاتجاه للتوقيع على اتفاقية مشابهة مع جمهورية تشيكيا، وعندما اعترفت باستقلال كوسوفو عن صربيا، وعندما أعلنت عزمها ضم جورجيا وأوكرانيا (الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين) إلى حلف شمال الأطلسي بعد أن ضمت دول شرق ووسط أوروبا (الأعضاء السابقين في حلف وارسو) إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي، وكل هذا وضع القيادة الروسية أمام خيارات صعبة، إما أن ترد، وبأي شكل لتؤكد فيه رفضها، وتضع حدوداً للتمادي الأمريكي في الإذلال والاستفزاز، وإما أن تطوي جراحها وتنزوي داخلياً مع خطورة ذلك على مستقبل الاستقرار السياسي داخل روسيا نفسها. أياً كانت المسؤولية فإن رد الفعل الأمريكي، كما تمثل في جولة نائب الرئيس ديك تشيني الذي زار كلاً من أذربيجان وجورجيا وأوكرانيا، وما أعلنه من سياسات ومواقف أمريكية، ومنح واشنطن جورجيا دعماً مالياً قدره مليار دولار، والإعلان على لسان ديك تشيني عزم الولاياتالمتحدة ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف الأطلسي، والبحث عن بدائل للطاقة يقول إن "كرة الثلج" تكبر وتتدحرج، وتكشف عن تفاعلات وتطورات متلاحقة من الطرفين، حيث بدأت الانقسامات داخل أوكرانيا تتفاقم لصالح حلفاء موسكو بما قد يحول دون ضمها مستقبلاً إلى حلف الأطلسي، لكن الأهم هو وجود تفكير غربي يريد أن يوظف النفط وأسعار النفط كسلاح لإعادة احتواء روسيا. فمع السعي الغربي لتقليل اعتماد أوروبا على النفط الروسي والبحث عن مصادر أخرى بديلة للطاقة كي لا تبقى لدى روسيا أسلحة قوية يمكن أن تضغط بها على الغرب، هناك سعي الآن للدفع باتجاه تخفيض أسعار النفط بدرجة كافية لإحداث انهيار أو على الأقل أزمة اقتصادية داخل روسيا. وجهة النظر هذه ترى أن الموجة العاتية الأخيرة لارتفاع أسعار النفط هي التي مكنت روسيا من أن تتجرأ على الغرب، وهي التي تشجع إيران على التحدي، وأن حدوث انهيار في أسعار النفط قد يؤدي إلى انهيار في مواقف وبالتحديد في قدرة مثل هذه الدول على الصمود. لكن ما لم يفكر فيه هؤلاء هو أي انهيارات أخرى يمكن أن تحدث في ظل هذه الحرب النفطية الجديدة؟ عن صحيفة الخليج الاماراتية 11/9/2008