اكتشف رئيس جورجيا أخيرا أن وعود الرئيس الأمريكي جورج بوش بحماية جورجيا مجرد وعود لا تتحقق. وكان حلف الأطلسي قد وعد بضم جورجيا واوكرانيا إليه من حيث المبدأ وذلك في اجتماعه في بوخارست في شهر ابريل الماضي. ورأي بوتين الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء حاليا في امتداد حلف الأطلسي شرقا علي حدود روسيا وإلي الجمهوريات التي كانت في يوم من الأيام جزءا من الاتحاد السوفيتي وانفصلت عنه بعد انهيار هذا الاتحاد عام 1991 خطرا علي موسكو ينبغي أن ينتظر الفرصة التي اباحها له رئيس جورجيا عندما هاجم اوسيتيا الجنوبية اعتمادا علي حماية أمريكا فتدخل بوتين بقواته الروسية ضد جورجيا مما أثار امريكا وجعلها تطالب بوقف اطلاق النار ثم انسحاب القوات الروسية من جورجيا. ومعروف أن اوسيتيا الجنوبية وابخازيا جزء من جورجيا، ولكن المقاطعتين ليستا تحت نفوذ جورجيا الفعلي بل هما "اسما" كذلك. وفي العالم مناطق كثيرة جزء من الدول ولكنها ليست تحت نفوذها. وفي الوقت نفسه فإن بوتين رأي أن جورجيا تعتبر كوبا الوسيط فأمريكا تري أن كوبا جزء منها واقعا لا شرعا أو شرعيا، ومن هنا فعندما نصبت روسيا صواريخها في كوبا فإن أمريكا هددت بحرب ضد كوبا وربما ضد الاتحاد السوفيتي أيضا. ومن هنا يري بوتين ان جورجيا بالنسبة له مثل كوبا بالنسبة لأمريكا، أو مثل أمريكا الوسطي. ولم يهتم بوش وهو يحرص علي توسعة حلف الأطلسي شرقا إلي حدود روسيا، أو لم ير في اقامة درع الصواريخ في بولندا والتشيك إثارة لموسكو أو تهديدا لها، ومن هنا رأت روسيا أن تهاجم جورجيا وأن تحتلها في اشارة واضحة للغرب بأن هناك حدودا لتوسعه شرقا. والغريب حتي الآن أن في مؤتمر حلف الأطلسي في بوخارست في ابريل الماضي عارضت المستشارة الالمانية السيدة انجيلا ميركل ضم جورجيا واوكرانيا رسميا إلي حلف الأطلسي واكتفت بضمهما من حيث المبدأ فحسب. وقالت السيدة انجيلا ميركل انها لا تريد اثارة روسيا او استفزازها، ولكن بوش لم يعبأ بذلك وحرص علي أن يظهر للعالم أن الدولتين تحت حماية أمريكا وهو ما لم يتحقق بالنسبة لجورجيا وقد غزاها الروس. والنتيجة هي فشل سياسة الرئيس بوش في مد النفوذ الأمريكي شرقا إلي حدود روسيا مما يعني عودة الحرب الباردة!