حذار الموافقة على مشروع اتفاق الرف فايز رشيد ما كتبه ألوف بن في هآرتس (11/8) عن عرض قدمه رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت للرئيس الفلسطيني محمود عباس، من مشروع مبادئ يسمى (اتفاق الرف) حول التسوية الدائمة، يُعدّ أمرا خطيرا لسببين: الأول، يبين حدود التسوية من وجهة النظر الاسرائيلية، وباختصار فإن وجهة النظر هذه تتنكر تماما للحقوق الوطنية الفلسطينية. الثاني، يكمن في ما قاله الكاتب في الصحيفة نفسها، من أن اتفاقا جرى بين أولمرت وعباس على مسائل رئيسية في هذا الاتفاق، الأمر الذي حدا بوزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس للقيام بزيارة الى المنطقة خلال اليومين المقبلين، لبحث هذا الأمر، ولمحاولة إقناع وزراء حكومة أولمرت (المعارضين) بقبول هذا الاتفاق. من زاوية ثانية، فقد نفى الناطق بلسان الحكومة الاسرائيلية، موافقة اسرائيل واستعدادها للمّ شمل عشرين ألف لاجئ (من الحالات الانسانية) على مدى عشر سنوات (بمعدل 2000 كل عام)، وأوضح رفض اسرائيل المطلق لمبدأ حق العودة للفلسطينيين جملة وتفصيلا. ونفى الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية ان يكون أولمرت قد قدم عرضا لعباس، كما أكد رفض السلطة الفلسطينية أي اقتراح اسرائيلي بإقامة الدولة الفلسطينية على 93? من الاراضي المحتلة عام .1967 ولأنه، وفق ما يقول المثل (لا دخان من دون نار)، وبعيداً عن النفيين الاسرائيلي والفلسطيني، نرى من الواجب استعراض المبادرة الاسرائيلية، وذلك كشفا لخطورتها على قضيتنا الوطنية وحقوق شعبنا عامةً. اتفاق المبادئ أو (اتفاق الرف)، وفق ما كشف الكاتب الاسرائيلي، يتناول مسائل: الحدود الدائمة، اللاجئين، والترتيبات الأمنية بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المرتقبة. الاتفاق يتناسى موضوع القدس تماما، بل يسقطها. بالنسبة للحدود الدائمة، تقام الدولة الفلسطينية على 93 في المئة من المناطق المحتلة، وتصادر اسرائيل 7? من أراضي الضفة الغربية، على ان تعوض الفلسطينيين بحجم 5,5? كأرض بديلة في النقب بمحاذاة قطاع غزة، مع إعطائهم ممرا من غزة الى الضفة الغربية، هذا الممر سيكون بدون فحص أمني اسرائيلي، لكنه سيظل تحت السيادة الاسرائيلية. بالنسبة للحدود بين الدولتين، فستتطابق مع جدار الفصل، على ان تضم اسرائيل اليها، الكتل الاستيطانية الكبرى: معاليه ادوميم، غوش عتصيون، غلاف القدس وغربي السامرة. أما المستوطنات التي ستبقى خلف الخط الاخضر، فستخليها اسرائيل في مرحلة تالية بعد تعويض ساكنيها تعويضا عادلا. وفقا للكاتب الاسرائيلي، فإن الفلسطينيين تحدثوا عن تبادل أراض، ولكن بحجم أقل، واقترحوا ان تضم اسرائيل اثنين في المئة من الأراضي الفلسطينية مقابل أراض بديلة. بالنسبة للترتيبات الأمنية، فقد عرضت اسرائيل ان تكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح ولا تحتفظ بجيش، لكن الفلسطينيين (وفقا للكاتب) طالبوا بأن تكون القوة الأمنية جاهزة للدفاع ضد (تهديدات خارجية). بالنسبة لموضوع اللاجئين، ترفض اسرائيل حق العودة، وبإمكان اللاجئين الاستقرار في الدولة الفلسطينية. تقبل اسرائيل بعشرين ألف لاجئ على مدى عشر سنوات (الاقتراح الذي ذكرناه في البداية) وذلك كحالات إنسانية ليس إلا. بالنسبة لموضوع القدس (وفقا للكاتب)، فقد اتفق أولمرت مع عباس على تأجيل المفاوضات حولها، بسبب الخوف من تهديد حركة شاس بانسحابها من الحكومة والحالة هذه، الأمر الذي سيؤدي الى انهيار الحكومة الاسرائيلية. من وجهة نظر أولمرت، فإن هذا الاتفاق: 1 يجسد حل الدولتين. 2 يصد التشكيك بشرعية دولة اسرائيل. 3 يحظى بتأييد الادارة الاميركية. 4 يحقق التقدم الذي جرى على المفاوضات منذ مؤتمر أنابوليس، ويضع البنية التحتية للدولة الفلسطينية المستقلة. أما بالنسبة لتنفيذ الاتفاق، فيوضع على الرف، لما بعد أن تتمكن السلطة الفلسطينية من إسقاط سلطة حماس في قطاع غزة، ويجري التوقيع عليه بين الجانبين قبل انزياح أولمرت عن السلطة في سبتمبر المقبل، وليس هناك من ضرورة (من وجهة نظر أولمرت) للاستجابة للرغبة الاميركية بنشر وثيقة اسرائيلية فلسطينية أميركية تعرض التقدم الحاصل بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. هذا باختصار شديد هو جوهر المقترحات الاسرائيلية التي تتجاهل تماماً موضوع القدس، التي ستبقى من وجهة النظر الاسرائيلية العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل. وتتجاهل حق العودة، المقر بقرارات واضحة من الشرعية الدولية (الأممالمتحدة) وتختزل حقوق ستة ملايين فلسطيني من اللاجئين الذين يعيشون في الشتات من عشرين ألفا فقط (مع العلم أن وزيرة الخارجية الاسرائيلية ليفني تقف ضد هذا البند). بالنسبة للدولة الفلسطينية، فإن اسرائيل تراها دولة من دون جيش، ومجردة من السلاح، وهي دولة مقطعة الأوصال تماما، أي انها فعليا دولة غير قابلة للحياة. وللعلم، فإن عرض أولمرت يمثّل تراجعا عن العرض الذي كان رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود باراك قد تقدم به للرئيس الراحل ياسر عرفات في كمب ديفيد في يوليو 2000 وفي طابا في يناير ،2001 لكن عرفات رفضه رفضا مطلقا، مع العلم ان العرض السابق يعطي إشرافا مدنيا للفلسطينيين على الأماكن المقدسة لهم وعلى الأحياء العربية في المدينة المقدسة. وهكذا بالتقادم، فإن العدو الصهيوني يعمل على تقزيم الحقوق الوطنية الفلسطينية واحداً بعد الآخر، ويحرض على كسب التنازلات الفلسطينية واحدا بعد الآخر. لكن المهم ليس المقترحات الاسرائيلية، ولكن ان لا يجري التعامل معها، بل يجب أن يكون رفضها قاطعاً، وما أحوج الساحة الفلسطينية الى إعادة لحمتها. عن صحيفة السفير اللبنانية 26/8/2008