الإبعاد والتوحيد والتهويد مترادفات لجرائم إسرائيلية ترتكب بحق المقدسيين الفلسطينيين يوميا و بلا هوادة , فالإبعاد هو الشرط الهام لدي الإسرائيليين بهدف توحيد وتهويد القدس لينالوا منها بالكامل حتى ينهوا الوجود العربي الإسلامي والمسيحي في المدينة .
لهذا فان سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتصرف على أن التهويد يتعارض مع وجود العرب الفلسطينيين بالمدينة ويتعارض مع وجود مقدسات إسلامية ومسيحية أيضا.
من هنا أصبح السعي الإسرائيلي في هذا الإطار أمرا بالغ الشراسة كحرب رسمت خارطته من جديد ,وأمرا له مؤسساته العاملة تحت الأرض وفوق الأرض ,في العلن والسر .
ومؤسسات تعمل بالإعلام لترتيب حالة الصدمة التي قد تحدث عن المسلمين والعالم وقت حدوث احد الانهيارات بالمسجد الأقصى أو ما جاورها نتيجة للحفريات المستمرة أسفله .
اليوم بلغت حالة تهويد القدس أقصي درجات الخطورة إلى الحد الذي وصل فيه تهجير وترحيل سكان القدس الفلسطينيين من المدينة ومصادرة عقاراتهم إلى الشكل العلني والشكل اليومي المخطط , و يشكل التحدي لكل القوانين الإنسانية والأممية بما ينذر بتصاعد هذه الحرب الشرسة يوما بعد يوم حتى تتمكن إسرائيل من تهجير ما يقارب ثلاثمائة آلف من السكان الفلسطينيين من المدينة المقدسة و إبعادهم عنها بشكل كامل .
و هذا يبرهن لنا أن قضية النواب المقدسيين ما هي إلا مرحلة من مراحل التهويد هذه التي تتبعها إسرائيل لنزع أي تمثيل سياسي عربي فلسطيني للمدينة المقدسة وإبقاء مجموع السكان الفلسطينيين عرضة لإجراءات صهيونية متتالية ومتتابعة ومستمرة حتى تنال منهم جميعا .
لم تكن قضية النواب المقدسيين قضية نواب حزب أو فصيل فلسطيني ولكنها قضية وجود فلسطيني وتهديد للعاصمة الفلسطينية الأبدية للدولة الفلسطينية بالزوال عن الخارطة.
وما هي إلا احد الإجراءات الصهيونية التي تتبعها في حرب التهويد الشرسة التي تشنها منذ فترة طويلة و كأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسابق الزمن وتعمل ليل نهار بهدف فرض سياسة الأمر الواقع ,مستغلة بذلك العديد من الظروف المحلية والدولية لتمرير خططها المخيفة.
وأولها حالة الانقسام والتشتت الفلسطيني واللهث وراء مصالح الأحزاب وقادتها على حساب القضية الكبرى , وثانيها التشتت العربي المتموضع في معسكرين أو أكثر ,احدهما معسكر الممانعة والأخر معسكر الاعتدال .
والسبب الثالث وهو الأهم , الضعف الأمريكي الحالي المتمثل في سياسة الرئيس اوباما و التي تعتبر إلى حد قريب سياسة ألا تدخل والتي تتجنب كثير من اللوم من قبل الحلفاء العرب وتتجنب كثير من إجراءات شد القيود على أقدام وحوافر الدابة الإسرائيلية للتمكن من السير بلا عوائق بعيدا عن حالة الإحراج الكبير لسياسة الرئيس اوباما .
بهذه الحالة يكون اوباما قد قبل أن يتصف بالضعف تجاه تحقيق توازن لصالح الشعب الفلسطيني وقضاياه الأساسية .
قبل أيام ذكرت صحيفة هأرتس الصهيونية أن ما يسمي ببلدية القدس الصهيونية أعدت أوسع خريطة هيكلية للقدس , وهي خريطة الجريمة لتوحد شطريها وهي الأول من نوعها منذ أكثر من خمسين عاما .
وأن هذه الخريطة سيتم تقديمها والإعلان عن تفاصيلها عشية زيارة نتنياهو إلى واشنطن ليجعلوا منها أمرا تباركه الإدارة الأمريكية , ويقولوا عن خريطتهم بناء على تصريحات رئيس بلدية القدس أن هذه الخريطة لتوحيد القدس التي تتضمن توسيع أحياء يهودية و إقامة أحياء جديدة بالقدسالشرقية .
وهذا بالطبع على حساب الأحياء العربية الفلسطينية كأحياء البستان والشيخ جراح وعقبة السرايا وجبل المكبر الذي تسارع سلطات الاحتلال لتهجير سكانهما الفلسطينيين و هدم بيوتهم ومصادرة أملاكهم .
وبهذا المخطط يكون المخطط الإسرائيلي للعام 1959 قد تم تغييره لأنه يعرف القدس كشطرين , شرقي وغربي , و المخطط الجديد يقوم على تقليل أعداد السكان الفلسطينيين إلى اقل نسبة ممكنة بالإضافة إلى جلب الآلاف من اليهود المتدينين الذين يتلقون تعليما لاهوتيا بان يهوديتهم لا تكتمل إلا بالعيش داخل مدينة القدس و إخراج العرب منها .
إن كانت إسرائيل مصرة على عدم السماح للفلسطينيين المقدسيين بالعيش في القدس ,ارض أبائهم وأجدادهم ,والقبلة الأولى للمسلمين ببقاع الأرض ,و ارض الإسراء والمعراج والأرض التي جعل الله كل شيء حولها مباركا , فان اللجوء للمجتمع الدولي أصبح مهما بل و تأخر ليوفر الحماية المطلوبة.
والتي تجعل من القدس مكانا يستطيع كل مسلمي ومسيحي العالم الوصول والصلاة والإقامة فيه كأي مدينة إسلامية مقدسة أخري .
ومن هنا بات واجبا على الهيئات الأممية ومجلس الأمن إرسال مراقبين دوليين للتواجد في المدينة وعلى الأقل في الشطر العربي الإسلامي و الوقوف على الخطوط الفاصلة بين الأحياء اليهودية والإسلامية لمراقبة كل أشكال التهويد والتهجير والإبعاد الحادثة الآن وإيقافها .
وعندها يمكن للفلسطينيين البدء بمفاوضات طبيعية مع الجانب الإسرائيلي تعمل على حل نهائي يمكن الجميع للعيش في امن وسلام بحقوق متساوية وبلا أفعال وقصد عنصري و بلا تطهير عرقي وتوحيد ديموغرافي.
وان كان اليهود يتبعوا سياسة الإبعاد لتوحيد وتهويد القدس فقد بات واجبا علينا كفلسطينيين إتباع أي سياسة تعيد لحمتنا وهيبتنا وكلمتنا وفكرنا وسياستنا ومقاومتنا وأرضنا واحدة .
و تكون القدس من الآن مصدر وحدتنا و عزنا و فخرنا و عروبتنا , لان بقاء الانقسام والإمعان فيه لا يفهم إلا بأنه سياسة تخدم الحالة الإسرائيلية الحالية والتي تريد للفلسطينيين الانشغال بأمور تفرقهم وانقسامهم ونسيان القدس والنضال من اجل بقائها عربية إسلامية فلسطينية .