مستقبل المقاومة د. عادل سليمان المقاومة هي أنبل ما يقوم به الإنسان في مواجهة القهر والظلم, دفاعا عن الأرض.. والوطن.. والهوية.. لا أحد يمارئ في هذا.. ولعل أبرز مجالات المقاومة التي نعايشها في هذه المرحلة التاريخية هي.. المقاومة الفلسطينية.. والمقاومة اللبنانية.. والمقاومة العراقية.. وكلها شغلت مساحة كبيرة من اهتمامات المواطن العربي ومثلت علامة مضيئة في ظل ما يخيم علي الساحة العربية من ضباب كثيف نتيجة للمتغيرات العالمية الحادة التي جعلت من الحروب والمواجهات العسكرية التقليدية بين الجيوش النظامية أمرا بعيد المنال لأسباب عديدة ليس هذا مجالها.. وهنا تصبح المقاومة بمفهومها الشامل هي الأمل الوحيد للتحرر الوطني واستعادة الحقوق.. ولعل هذا هو السبب في تعلق كل القلوب بالمقاومة.. والاستعداد لدعمها بشتي الوسائل.. وكيف يمكن الحفاظ عليها.. وهو مالايمكن تحقيقه دون تقييم موضوعي جاد لما قامت به ومناقشة صريحة لما حققته من نتائج ولما أخفقت فيه سعيا إلي الحفاظ عليها وتصويب مسيرتها وهو ما يجب أن تدركه كل حركات المقاومة.. خاصة تلك التي حاولت أن تحيط نفسها بهالة دينية أيدلوجية لتجعل من مجرد مناقشتها أحد المحرمات التي لايجوز التطرق إليها.. وأول ما يلفت النظر في كل تلك الحركات أنها بدت وكأنها قد احتكرت المقاومة لنفسها دون غيرها من القوي الوطنية بل أصبحت مواقفها وسياستها متقاطعة مع سياسة الدولة أو السلطة ذاتها كما هو الموقف في حالة حزب الله والحكومة اللبنانية وحركة حماس والسلطة الفلسطينية. ولكن المهم هو ما أنجزته تلك المقاومة في ظل تلك التوجهات..؟ وماهو العائد علي القضايا الوطنية التي نناضل من أجلها..؟ حزب الله في لبنان كانت قضيته تشمل ثلاثة ملفات الأول.. تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر منذ الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام1978 وحتي تحقق ذلك في مايو عام2000 بإنسحاب إسرائيلي من طرف واحد في إطار قرار مجلس الأمن رقم425 وتشكلت لجنة دولية برئاسة تيري لارسون لترسيم خط الحدود وهو ما عرف بالخط الأزرق بين لبنان واسرائيل..واستثني من هذا الإنسحاب منطقة مزارع شبعا بحجة أنها سقطت تحت الاحتلال في حرب الخامس من يونيو في إطار احتلال اسرائيل لهضبة الجولان السورية وادعت اسرائيل انها يسري عليها القرار242 وليس القرار425 بالإضافة إلي الموقف السوري الرسمي غير الواضح بالنسبة لتبعية مزارع شبعا.. ومنذ ذلك التاريخ أعلن حزب الله احتكاره للمقاومة في الجنوب اللبناني مع إبقاء ملفي مزارع شبعا والأسري اللبنانيين لدي اسرائيل كملفات مفتوحة للمقاومة.. وفي ظل احتكار حزب الله للمقاومة قامت اسرائيل بحربها المدمرة علي لبنان في صيف2006 وجري ماجري من سقوط أكثر من1000 شهيد وآلاف الجرحي ناهيك عن التخريب والدمار.. وانتهي الأمر بالقرار1701 الذي أخرج مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية جنوب نهر الليطاني وبقي ملف مزارع شبعا علي حاله وأعلن حزب الله الانتصار ثم اتجه بسلاحه إلي الداخل اللبناني واستكمل في الوقت نفسه مفاوضاته مع اسرائيل لإغلاق ملف الأسري وتمت صفقة التبادل بعودة5 معتقلين وجثامين190 شهيدا لبنانيا وعربيا في مقابل جثماني جنديين من اسرائيل.. ومرة أخري أعلن حزب الله الانتصار ومازالت اسرائيل تحتل مزارع شبعا.. وحدودها مع لبنان مؤقتة. أما حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين فقد فرضت سيطرتها العسكرية علي قطاع غزة.. وبدون دخول في تفاصيل كثيرة معروفة للجميع تكتفي بما وصلت إليه الأمور أخيرا.. تهدئة ما بين حماس واسرائيل توقف فيها حماس كافة أنواع الأعمال العسكرية من قطاع غزة سواء من حماس أو من أي منظمات فلسطينية أخري تعمل في القطاع والتزام حماس بهذه الاتفاقية بدقة وصلت إلي حد اعتقال من يخرقها واتهامه بالخيانة.. ثم تفرغت للصراع الفلسطيني الفلسطيني الداخلي واضطربت الحالة الأمنية داخل القطاع وسقط الشهداء الفلسطينيون بالرصاص والعبوات الناسفة الفلسطينية.. وعلي الجانب الآخر مازالت اسرائيل تتحكم في المعابر مع قطاع غزة ولاتسمح بالمرور سواء للمواد أو الأشخاص إلا لما تراه مناسبا.. ولاتزال اسرائيل مستمرة في سياسة الحواجز والإغلاق في الضفة الغربية وأيضا مازالت تمضي قدما في سياسات الإستيطان واستكمال الجدار العازل.. ومازالت حركة حماس تعلن الانتصار.. بل وتهدد بإشعال الانتفاضة الثالثة ولكن هذه المرة ستكون في الضفة الغربية موجهة للسلطة الفلسطينية.. أما في العراق فالمشهد أكثر غرابة, فلا أحد يتحدث عن المقاومة ضد الاحتلال.. والجميع في صراع حول الفيدرالية وقوانين انتخابات المحافظات وكركوك.. ومازالت أيضا المقاومة تعلن الانتصار. هل تعود المقاومة.. شعلة وطنية مضيئة يلتف حولها أبناء هذه الأمة حتي تتحقق أهداف التحرر؟ عن صحيفة الاهرام المصرية 20/8/2008