ثقوب من النفط عاطف عبدالجواد في مواجهة عزلة وعقوبات دولية اشد من جانب الولاياتالمتحدة وحلفائها بسبب برنامجها النووي وبسبب اتهامات بأنها تغذي شعلة العنف في العراق، تتحرك طهران بحثا عن تحالفات جديدة بين اصدقاء أميركا وخصومها على حد سواء، من الجزائر غربا الى افغانستان شرقا الى اميركا اللاتينية القابعة على اعتاب الولاياتالمتحدة جنوبا، وتستخدم في بناء هذه التحالفات السلعة الاستراتيحية التي يحتاج إليها الجميع، وهي النفط، في وقت ترتفع فيه تكاليف الطاقة. ايران فيها ثاني اكبر مخزون للغاز في العالم، وعشرة في المئة من احتياط النفط . ولفتح باب امامها لتحاشي العزلة، تتاجر طهران مع كل من الهند والصين، وكلتاهما من اسرع دول العالم نموا، وتمد هاتين الدولتين المستهلكتين بإمدادات طويلة الأجل من النفط والغاز، كما تتفاوض معهما لإعطاء شركات البلدين عقودا للتنقيب والبحث عن النفط في ايران. في العام الماضي منحت طهران عقودا لليابان، وهي اكبر مستهلك في آسيا، تضمن لها مزيدا من امدادت النفط. وبينما الشركات الأميركية غير مسموح لها بالاستثمار في قطاع النفط في ايران، بدأت طهران تنظر في تنويع الشركات التي يمكن ان تنقب عن النفط، وهي تحبذ آسيا في استراتيجية مزدوجة. فهي من ناحية ترغب في تعزيز ما لديها من ثروة نفطية، ومن ناحية اخرى تبني تحالفات جديدة تكسر بها عزلة محتملة. الهند ستحصل على غاز ايراني لفترة 25 عاما، ضمن عقد قيمته 40 مليار دولار. وحصلت الهند لشركتها النفطية القومية (أو إن جي سي) على 20 في المئة من حقل يادافران، أي بما يعادل 300 ألف برميل في اليوم. هذا في الوقت الذي تبني فيه الولاياتالمتحدة علاقة استراتيجية وثيقة مع نيودلهي عن طريق اتفاق للتعاون في الطاقة النووية. الصين ايضا حصلت على عقد لثلاثين عاما لشركتها القومية (ساينوبيك) يعطيها 50 في المئة من الحقل نفسه. وتحاول طهران اقناع الهند وباكستان ببناء خط انابيب يحمل النفط الإيراني الى الهند عن طريق باكستان. وفي الوقت ذاته حصلت الشركة اليابانية (اينبيكس) على عقد مقداره مليارا دولار لتطوير حقل ازاديجان. اما روسيا فمعروف دورها في بناء المفاعلات النووية الإيرانية، وفي بيع طهران صواريخ للدفاع الجوي بمئات الملايين من الدولارات. دبلوماسية النفط ليست شيئا جديدا في العالم أو في ايران. كل الدول النفطية تستخدم النفط لتحقيق مزايا سياسية واقتصادية لها ولشعوبها. ولكن الجديد في دبلوماسية النفط الإيرانية اليوم هو انه بحلول الوقت لفرض عقوبات اقوى على طهران في مجلس الأمن الدولي، ستكون إيران قد تمكنت من إحداث ثقوب في سياج العزلة، بالتعاون مع عضوين دائمين في المجلس هما الصين وروسيا، ومع ثاني اكبر اقتصاد في العالم وهو اليابان، ومع دولتين نوويتين متناميتين هما الهند وباكستان. عن صحيفة الوطن العمانية 26/8/2007