المصالحة العراقية.. والاحتلال الأميركي.. لا يجتمعان علي الطعيمات قبل أيام قليلة من تقديمه التقرير التقييمي للأوضاع في العراق مع قائد القوات الأميركية المحتلة ديفيد بترايوس الى الكونغرس الأميركي يقول السفير الأميركي (الحاكم الفعلي للعراق) رايان كروكر ان التقدم السياسي في القضايا الاساسية في العراق «مخيب جدا للآمال»، ويقترح حتى تكون «مصالحة» ذات معنى ان تصل الى ابناء المجتمع العادي وألا تنحصر فقط بالقادة السياسيين، مشيرا الى ان ذلك «يحتاج الى وقت».. وكل ما تعلق بالعراق من انسحاب الاحتلال الأميركي وهو اساس كل المآسي العراقية الى مسألة الوحدة الوطنية العراقية ارضا وشعبا وطموحات وانتماء، يبقى على الدوام «يحتاج الى وقت»، وما دون ذلك فالوقت ضيق ويحتاج الى تنفيذ فوري حسب العرف والارادة الأميركية.. أي ان كل مصلحة عراقية مرهونة بنزع دسمها وعندها يكون الوقت قد حان. والمصالحة التي يتحدث عنها كروكر بين السياسيين غير متوافرة فالاوضاع بين القادة السياسيين لهذه المرحلة من تاريخ العراق الذي يتعرض لأبشع المؤامرات بعد المؤامرة الدولية على فلسطين والتي تمثل القضية العراقية واحدة من تداعياتها وحلقة في الترس الأمني الاسرائيلي الذي تقوم بتصنيعه الادارة الأميركية راعية الارهاب الاسرائيلي والاجندة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني الاستعماري الشرير. ويتجاهل كروكر الذي يعبر عن خيبة أمله تجاه التقدم السياسي في القضايا السياسية الاساسية في العراق، والذي يقترح مصالحة شعبية أو ما شابه، ان الاحتلال الأميركي هو السبب الاساسي ويمكن القول انه هو الذي فتح الابواب امام المخططات العدائية للعراق وانه المثير الرئيسي للنعرات الطائفية والعرقية والتمزيقية وللفتن بأنواعها واصنافها بين ابناء الشعب العراقي تنفيذ متغطرس وغبي للقاعدة الاستعمارية، «فرق تسد» وهو الذي حمل مع احتلاله كل ما يعاني منه العراق وشعبه من طائفية حاقدة وقومية عنصرية مقيتة تحت شعارات انتهازية كريهة افرزت مذابح واحقادا وكراهية رعتها العصابات الطائفية المدعومة من اعداء العراق العربي، وتصفية حسابات يدفع المواطن العراقي من امنه ودمه ومستقبله ثمنا لها دون ذنب اقترفه، بدعم مباشر وغير مباشر وبصور متعددة. فالقتل الطائفي والعرقي ليس كما يقول كروكر المتحصن وسط المنطقة الخضراء الحديدية انه انخفض في نفس الوقت الذي يعترف فيه ان الهجمات بالسيارات المفخخة مازالت مستمرة ومتوقعة والتي هي في الاساس صناعة أميركية تلعب في ساحتها وعلى جبالها المخابرات الغربية والاسرائيلية وبخاصة الأميركية والبريطانية لجر الشعب العراقي بعيدا عن قضية الاحتلال الأميركي وتحويل الانتماء الى طائفية والمذهبية او القومية وهو الواقع الحالي في هذا البلد المقاوم والذي يسطر ابناء المقاومة فيه بطولات ويعيدون كتابة التاريخ لدفن كل المؤامرات والقتل وكسر المحتل ومشاريعه الاستعمارية.