أندريه زكي: «ازرع» نموذج فعّال للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني لخدمة المصريين    إيتيدا تُعلن الفائزين في برنامج دعم مشروعات التخرج بمجال تكنولوجيا المعلومات    محافظ سوهاج يبحث الموقف التنفيذى لمشروعات "حياة كريمة" بمركز جرجا    تراجع العجز الكلى إلى 6.5% فى أول 10 أشهر من العام المالي الحالى    لافروف: موسكو مستعدة لتقديم مذكرة لأوكرانيا خلال محادثات إسطنبول الاثنين المقبل    سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا: الاعتراف بفلسطين خطوة نحو تنفيذ حل الدولتين وإحياء السلام    حلمي النمنم: التطبيع مع إسرائيل يقترب من دمشق وبيروت    الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    بنتايك ومنسي يواصلان التأهيل.. الزمالك يخوض تدريباته استعدادًا لفاركو    رسميا.. ياسر قمر رئيسا للجنة التضامن الأولمبي    «برقم الجلوس».. موعد إعلان نتيجة الصف الثاني الثانوي نهاية العام 2025 بالقليوبية    إحالة «لحام» للمفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه بقليوب    حدفها من الشباك.. زوج يطعن زوجته لخلافات أسرية بالغربية    مدبولي:خلية استثنائية خلال الإجازات للتصدي لأي محاولات للتعدي على الأراضي الزراعية    الوثائقية.. فيلم "أهازيج مراكش" يقدم عروض أشهر فرق التراث الشعبية في المغرب    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم سيحقق توازن بين المالك والمستأجر    إجراء 2451 عملية قلب للمرضى غير القادرين بجميع مراكز كفر الشيخ    منظمة الصحة العالمية تحذر من متحور جديد لكوفيد-19: يثير القلق عالميًا    نوران ماجد تتعاقد على تقديم مسلسل «للعدالة وجه آخر» ل ياسر جلال    «ابتعدوا عن هذه التصرفات».. 3 أبراج الأكثر عرضة للانفصال    أيام عظيمة بدأت.. فضل العشر الأوائل من ذي الحجة ولماذا ينتظرها المسلمون؟    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    وزير الصحة اللبناني يوجه نداء استغاثة للمجتمع الدولي لتمويل احتياجات النازحين السوريين    وزير التموين: إقامة نحو 10 أسواق ل "اليوم الواحد" في الإسكندرية    عمرو الورداني: الحب بوابة الدخول إلى هذه الأيام العشر من ذى الحجة    سقوط طائرة الحجاج الموريتانية.. اعرف التفاصيل الكاملة    «الوفد»: 200 عضو أبدوا رغبتهم الترشح في الانتخابات المقبلة.. وسندخل في تحالفات مع حزب الأغلبية    غدًا الأوبرا تستضيف معرض "عاشق الطبيعة.. حلم جديد" للفنان وليد السقا    حكم صلاة العيد يوم الجمعة.. أحمد كريمة يوضح    دانا أبو شمسية: اتهامات حادة لنتنياهو بالفشل فى استعادة المحتجزين داخل الكنيست    نابولي يتفوق على أندية أوروبا الكبرى ويتوصل لاتفاق مع جوناثان ديفيد    مسؤولة أممية: المدنيون بغزة يتعرضون للاستهداف المباشر    رئيس وزراء كندا يؤكد سعي بلاده لإبرام اتفاق ثنائي جديد مع أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية    الفيوم تحصد مراكز متقدمة في مسابقتي المبتكر الصغير والرائد المثالي    اتحاد الصناعات يبحث مع سفير بيلاروسيا التعاون بالصناعات الثقيلة والدوائية    مواقيت الصلاة بمحافظات الجمهورية غدًا.. وأفضل أدعية العشر الأوائل (رددها قبل المغرب)    «زي النهارده» في 28 مايو 2010.. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة    عطل مفاجئ في صفقة انتقال عمرو الجزار من غزل المحلة إلى الأهلى    لا تتجاهلها- 7 أعراض أولية تكشف إصابتك بتلف الكلى    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في بني سويف    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    13 شركة صينية تبحث الاستثمار فى مصر بمجالات السياحة ومعدات الزراعة والطاقة    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    الإمارات تستدعي السفير الإسرائيلي وتدين الانتهاكات المشينة والمسيئة في الأقصى    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات توصيات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    كلية التمريض ببنى سويف تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل حقًا.. المصريون في "رفاهية" !/ نبيل زكي
نشر في محيط يوم 01 - 08 - 2009


حقًا.. المصريون في "رفاهية" !


*نبيل زكي

نبيل زكي
يبدو أن الحزب الحاكم قرر عدم الاكتفاء بسياساته وقراراته التي تؤدي إلي تفاقم حالة التوتر النفسي والعصبي لدي المصريين.. ومن ثم اتجه إلي التصعيد بحيث يضمن الانتقال إلي درجة أعلي من التصريحات الاستفزازية التي تزيد من الاحتقان وارتفاع ضغط الدم وانفجار المواطنين الضحايا غيظا وكمدًا!

وحدث هذا التصعيد خلال الأيام القليلة الماضية.. بل في يومين متتالين.. مما يدل علي ان الحزب المذكور يتلذذ من تعذيب المواطنين!


ففي اجتماع مع أمناء الوحدات الحزبية بمدينة طنطا، أكد رجل الأعمال »أحمد عز«، أمين التنظيم بالحزب الوطني، ان الشعب المصري يعيش في رفاهية حقيقية(!!) والدليل هو زيادة عدد السيارات الفارهة وأجهزة التليفون المحمولة، كما أشاد بدور الحكومة في انخفاض معدل البطالة وزيادة دخول الأفراد!! فهل يتصور أحمد عز ان المصريين يمارسون نمط الحياة الذي يمارسه.. هو نفسه؟ أم انه يتحدث عن شعب آخر؟


الهجمة الاستفزازية الثانية هي تلك التي أطلق عليها: »الاستطلاع السنوي للحزب الوطني حول آراء المصريين في أولويات القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية«.


ويكشف استطلاع الرأي الذي أجراه الحزب الحاكم عن »تزايد ثقة المواطنين في الحكومة« خلال عام 2008 وارتفاع نسبة »المتفائلين بمستقبل البلد إلي 64?(!)«. أما نسبة من يثقون في الحكومة، فهي 39?، واضافت »الأهرام« الي هذا الرقم.. نسبة الذين قالوا انهم راضون عن أداء الحكومة »إلي حد ما«، وهي 32? وذلك لكي تزف إلي قرائها ان نسبة من يقبلون بأداء الحكومة تبلغ 71 في المائة!!


ولا يتوقف الأمر عند ذلك.


فالمشاركون في الاستطلاع قالوا إن هناك تحسنا نسبيا في خدمات الصحة ومياه الشرب والصرف الصحي! ولم تبق سوي مشكلات تحسين رغيف الخبز والتخلص من المخلفات الصلبة وتحسين المواصلات والسكك الحديدية.. لكي تكون جميع مشكلات المصريين قد وجدت حلا وتكتمل سعادتهم!


وتشمل عينة البحث الذي أجراه الحزب الحاكم نوابا في البرلمان شاركوا في الادلاء برأيهم في الاستطلاع. ولم يذكر المسئولون عن هذا الاستطلاع ما إذا كان هؤلاء النواب أعضاء في الحزب الحاكم(!) وقيل أيضا ان »موظفين في الحكومة« أدلوا بآرائهم. ولم نعرف ما إذا كان رؤساؤهم في المصلحة الحكومية كانوا حاضرين أثناء سماع هذه الآراء! ولم نعرف تفاصيل كثيرة حول أساليب اختيار العينات وصياغة الاسئلة.. وأشياء أخري.


ولكن ما نعرفه ان هذا الاستطلاع أوضح ان البطالة هي المشكلة الاقتصادية الاولي للمواطن المصري وانها تؤرق الجميع، وخاصة الشباب الذين قال 63? منهم انه يجب ان تكون الاولية لحل مشكلة البطالة.. فكيف أشاد »أحمد عز« في تصريحاته في طنطا بدور الحكومة في انخفاض معدل البطالة؟


السيارات الفارهة التي يتحدث عنها أحمد عز لا تملكها ولا تستخدمها الأغلبية الساحقة من المصريين. وإذا كان عدد كبير من المصريين يستخدمون الآن التليفون المحمول.. فذلك لانهم يدركون أهمية هذا الاستخدام ويريدون مواكبة العصر، ولو عن طريق بيع ما يملكونه لكي يتحملوا ثمن شرائه.


وأحمد عز لا يشعر باحتياجات الناس إذا كانت شركته قد حققت أرباحا اضافية خلال ثلاثة أشهر فقط من العام الماضي قدرها (أكثر من 300 مليون خلال 3 شهور) وشركته تربح نحو 30 في المائة من حجم إنتاجها. وتتسبب الزيادة المستمرة في أسعار الحديد في ضياع أحلام ملايين المواطنين في الحصول علي مسكن.


هل يعرف احمد عز والقائمون علي استطلاع الرأي في الحزب الحاكم ان بائعا متجولا في روض الفرج قتل عاطلا عن العمل اثر مشاجرة نشبت بينهما بسبب ثمن كوب شاي؟ وهل يعرف أقطاب الحزب الحاكم ان مأمور ضرائب القي بزوجته من »البلكونة« بالطابق الثالث لأنها طالبته بزيادة مصروف البيت لمواجهة ارتفاع الاسعار »ونقلت للمستشفي في حالة خطيرة« وهل يعرفون انه في مستشفي كلية الطب بسوهاج، لم يتمكن مواطنون من العثور علي كرسي متحرك ينقلون عليه أحد المرضي؟ وهل وصل الي علمهم ان عدد الاحياء العشوائية في مصر تجاوز الاربعة آلاف(؟).


وان التسول يزداد انتشارا، وكذلك عدد أطفال الشوارع؟ هل سمع المسئولون في الحزب الحاكم عن مياه الشرب المخلوطة بمياه الصرف الصحي، وظهور عشرات الاصابات بوباء التيفود الذي كان قد اختفي من مصر منذ سنوات طويلة؟ لقد وصل الامر الي حد اعتراض الاهالي في قرية البرادعة (القليوبية) علي إزالة طلمباتهم الحبشية رغم علمهم بان مياهها ملوثة وتختلط بمياه الصرف الصحي وشبكة المجاري.. وذلك لانهم لا يجدون مياه الشرب النقية، فيضطرون الي تناول المياه الملوثة الحاملة لكل الأمراض!


ألا يعرف المسئولون ان الآباء يضطرون الي اخراج أبنائهم من المدارس وحرمانهم من التعليم الأساسي لاستغلالهم في أي عمل يدر أي دخل، ولو محدود للغاية، لكي تتمكن الأسرة من تحمل أعباء المعيشة، رغم ان كل قوانين الدول المتحضرة تحظر عمل الاطفال.. الامر الذي دفع محافظ السويس اللواء سيف الدين جلال الي تقديم بلاغ للمستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، ضد سبعة عشر مواطنا رفضوا عودة أولادهم الي مدارسهم.


ولو كشف المسئولون عن الرقم الحقيقي لعدد المتسربين من التعليم.. فقد يصيبنا الذهول ونترحم علي شعار رددته جميع الحكومات طوال قرن من الزمان، وهو "محو الأمية"!


ولا شك ان أحمد عز والقائمين علي شئون الاستطلاعات في الحزب الحاكم قد سمعوا عن تجارة الاطفال في مصر وإلقاء الاطفال الرضع في صناديق القمامة.. وعن تجارة الاعضاء البشرية وعن ترتيبات زواج مؤقت لفتيات قاصرات بأغنياء عرب لفترة زمنية محددة (اثناء اقامتهم بالقاهرة).. وهي دعارة مقنعة.


ولا شك انهم يسمعون كل يوم عن ضبط عشرات الاطنان من اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة، وكان آخرها لحوما مصنعة من أحشاء الحيوانات وفضلات الدواجن والحيوانات النافقة. وإدمان المخدرات في مصر "المرفهة" يستنزف 18 مليار جنيه سنويا، وهو ما يعادل 79? من دخل قناة السويس. ويقدر عدد المدمنين بمليوني شخص.


ويبدو أن حالة "الرفاهية" سوف تستمر مع محاولات خصخصة التأمين الصحي حتي يمكن حرمان الفقراء من الرعاية الصحية الهزيلة والشكلية التي تكفلها لهم الدساتير والقوانين والتشريعات وحقوق الانسان.


ولا يعكر صفو هذه "الرفاهية" ان مصر هي أعلي دول العالم في الاصابة بسرطان الكبد وفيروس "سي" وفي بلادنا يموت 90 ألف مصري سنويا بسبب تلوث المياه. وحتي الأدوية.. أصبح بعضها فاسدا أو غير صالح بسبب تضاؤل في مكوناته الفعالة! وإذا كنا في حالة رفاهية.. فلماذا هاجر سبعة ملايين مصري الي الخارج (والرقم جاء علي لسان الدكتور مفيد شهاب، وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية). ولماذا يعيش 200 ألف طبيب مصري في ظل ظروف مالية متدهورة (الرقم ورد في عمود صلاح منتصر). ولماذا يعمل الكثيرون من حملة الدكتوراه.. سائقي تاكسيات، كما ذكرت صحيفة الاندبندنت البريطانية؟


ولماذا تؤدي افكار "الحرس الجديد" في الحزب الوطني الي تعميق الفجوة بين اغنياء مصر وفقرائها؟ ولماذا يزيد عجز الموازنة علي 8.5? ويستمر معدل النمو عند 4? فقط حتي نهاية العام الحالي؟ ..


ولماذا نذهب بعيدا؟ لقد جاء في تقرير مجلس أمناء الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ان نسبة الاستثمار الي الناتج المحلي الاجمالي لاتزال متواضعة- حيث بلغ متوسطها أقل من 19?- مما يتطلب زيادتها الي نسبة 25? لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، اما بالنسبة للتوزيع القطاعي للاستثمار، فقد تراجعت الزراعة الي 7? مقابل 20? في فترة الستينيات. ..


والنمو الاقتصادي يعد شرطا ضروريا لتحسين مستويات المعيشة، الا ان ارتفاع معدلات النمو لا يترجم بالضرورة وبشكل مباشر الي تحسن مستوي رفاهية المجتمع ما لم ترتبط بها اجراءات وسياسات لتحقيق ذلك. .. غير أن الحزب الحاكم يري ان هناك حالة رضا عام بين المواطنين عن أداء الحكومة..! واننا نعيش في أزهي عصور الرفاهية.. عجبي!




* كاتب مصري
جريدة الوفد
1/8/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.