براتب تصل 2200 درهم.. «العمل» تبدأ اختبارات المتقدمين لوظائف الإمارات    «طفولتها حقها».. حملة قومية لمواجهة زواج الأطفال    رئيس جامعة العريش يهنئ كلية الاستزراع المائي لتأهلها للمنافسة على جائزة التميز الحكومي    وزيرة التضامن تفتتح حضانة «برايت ستارز» بمدينة حدائق العاصمة الإدارية    إستمرار وقف تأسيس وترخيص نشاطي التمويل الإستهلاكي و المشروعات متناهية الصغر    «الرقابة المالية» تقر ضوابط تعزيز الأمن السيبراني لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية    تراجع ملحوظ في أسعار الذهب بالمنيا.. تعرف على سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2025    سعر كرتونه البيض اليوم الأربعاء 22اكتوبر في المنيا    بسبب التعريفة الجديدة.. محافظ سوهاج يفقد المواقف    نتنياهو يعقد اجتماعًا مع نائب الرئيس الأمريكي في القدس    شاحنات الوقود والمواد الغذائية تتجه إلى كرم أبو سالم والعوجة    تأجيل استئناف الرحلات في مطار الخرطوم لأجل غير مسمى عقب استهدافه بالمسيرات    الاحتلال يعلن هوية أسيرين إسرائيليين تسلم جثمانيهما من حماس (تفاصيل)    «أونروا»: إسرائيل تنفذ عمليات تدمير في شمال الضفة    موعد مباراة تشيلسي وأياكس أمستردام في دوري الأبطال والقنوات الناقلة    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    موعد مباراة ريال مدريد أمام يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    المصري يواجه سموحة للاستمرار في المنافسة على القمة    4 أزمات تحاصر عمر عصر في تنس الطاولة.. خروج عن النص وعدم الإنضباط    ضبط صانعة محتوى بالإسكندرية لنشرها مقاطع خادشة للحياء على مواقع التواصل    النيابة الإدارية تحيل مسئولين بالإسماعيلية للمحاكمة التأديبية العاجلة    اليوم.. بدء تلقي طلبات حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه- 2026م (الشروط)    حملات مرورية .. رفع 34 سيارة ودراجة نارية متهالكة    ضبط 1.5 طن أغذية ومشروبات وزيوت ومصنعات دواجن غير صالحة بدمياط    بالتايجر الجرئ.. ظهور مفاجئ لرانيا يوسف في مهرجان الجونة    اتحاد الناشرين: المتحف المصري الكبير بوابة حضارية جديدة للدولة المصرية    بدء اجتماع الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة    «مفتي الجمهورية»: لم يذكر أي فقيه أن اسم المرأة أو صوتها عورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العريش وعيادات التأمين الصحي    «اللبّ السوري» كنز غذائي متكامل.. تعرف على الفوائد الصحية    «التأمين الصحي»: توسيع شبكة مقدمي الخدمة الصحية في جميع المحافظات    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    حبس الطالب المتهم بقتل زميله بمفك فى الرأس فى الدقهلية 4 أيام    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    ضبط طالب استخدم الذكاء الاصطناعي لفبركة مقطع مخل لفتاة رفضت الارتباط به    وزير المالية يؤكد ضرورة تفعيل أدوات التمويل الدولية المبتكرة والميسرة    بحضور المتحدث الرسمي للخارجية.. مناقشة "السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية" بجامعة بنى سويف    حسن موسى يكشف سبب استبعاد بعض الأعضاء من التصويت ويوضح مستجدات ملعب الزمالك    تعليم المنوفية تكشف حقيقة غلق مدرسة الشهيد بيومي بالباجور بسبب حالات الجدري المائي "خاص"    إتاحة خدمة التقديم لحج الجمعيات الأهلية إلكترونيا    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    فياريال ضد مان سيتى.. هالاند يقترب من معادلة رقمه القياسى    السلام من أرض السلام    22 أكتوبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    احتفال وطني بذكرى أكتوبر في كلية الحقوق جامعة المنصورة    الأوكرانيون يستعدون لشتاء آخر من انقطاع الكهرباء مع تغيير روسيا لتكتيكاتها    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    جيهان الشماشرجي تكشف علاقتها بيوسف شاهين ودور سعاد نصر في تعرفها عليه    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    فيديو.. أسامة كمال يعلق على سرقة متحف اللوفر: اللي بيجي بالساهل بيروح بالساهل    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا.. لماذا نجح حزب العدالة والتنمية؟
نشر في محيط يوم 29 - 07 - 2007


تركيا.. لماذا نجح حزب العدالة والتنمية؟
جابر حبيب جابر
هناك اكثر من سبب يبرر شعور الارتياح الذي انتشر في ارجاء كثيرة من العالم إثر الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية التركية، لأنه ببساطة كان فوزا حقق تصالحا بين عناصر تصور البعض أنها غير قابلة للتصالح، انه فوز ارضى الاسلاميين، كما لم يستفز العلمانيين.. استوعب الهوية القومية التركية، كما لم يمارس قطعا مفتعلا مع التراث الثقافي للشعب التركي.. أعاد إحياء الرابطة التركية مع جنوبها وشرقها الاسلاميين من دون ان ينتج عزلا لها عن غربها الاوروبي. ببساطة قدم حزب العدالة والتنمية نموذجا لتيار «اسلامي» عقلاني قادر على ان يدير بلدا كبيرا بدون ان ينتهي به الى العزلة والدمار والتخلف.
هذا الانتصار لا بد أن يدفع الى التساؤل عن سبب عجز الاسلاميين العرب عن تقديم نموذج مماثل، كما يدفع الى التفاؤل حول امكانية ان ينتج الاسلام السياسي تيارا متصالحا مع الحداثة ومع التراث في آن واحد. بالطبع يجب ألا نغفل حقيقة ان العدالة والتنمية هو حزب تركي يعبر عن تجربة تركيا وظرفها التاريخي ونطاق الوعي السائد فيها، ولأن تركيا تصنف ضمن اكثر المجتمعات الموصوفة بالإسلامية حداثة فلم يكن بالامكان ان يبرز بها تيار اسلامي على غرار طالبان، فالإسلاميون شأنهم شأن بقية السياسيين يعبرون في سلوكياتهم وقناعاتهم عن مستوى التطور الذي يمر به المجتمع، غير ان اضاءة هذه التجربة قد تفتح أفقا أمام تلمس بديل قابل للحياة في مجتمعات أخرى بدون التنكر لظرفها الخاص.
حزب العدالة والتنمية قدم حلاً لمعضلة تركيا الضائعة بين هوية مبتسرة أنتجتها علمانية اتاتورك المتشددة، وهوية مضمورة أنتجها تراث عثماني دام قرونا، إنها معضلة حماية البلد من ان يقع أسيرا لتيارات توظف الدين لخلق مقدس سياسي يقود البلد نكوصا الى عصر ما قبل التحديث، او أسيرا لنخبة سياسية منعزلة عن داخلها يحكمها تراث من الفساد السياسي والمالي والانعزال الوجداني عن عمقها الاجتماعي.
إن صعود اردوغان اقترن الى حد كبير بإفلاس النخبة السياسية «العلمانية» وتآكلها المضطرد، ولكنه ايضا لم يكن فقط نتيجة طرح خيار «غير علماني» بقدر ما كان ايضا نتيجة لرؤية واقعية لا تقصي الاخلاقيات التقليدية تماما ولا تكون أسيرة لها. تجنب اردوغان ان يواجه التطرف العلماني بتطرف اسلامي، الأمر الذي منح تجربته فرص حياة افضل قياسا بتجربة نجم الدين اربكان الذي سبقه بطرح مشروع اسلامي لقيادة تركيا، فقد انفصل اردوغان عن ذلك التيار متبنيا خطا اكثر اعتدالا أنتج تحالفه مع وزير خارجيته الحالي عبد الله غول وتجلى بمشروع حزب العدالة والتنمية. ادرك اردوغان أن غرق التيارات الاسلامية بالخطاب الآيديولوجي والمحافظة هو وصفة لفشلها في اختبار الحكم، فقدم منذ رئاسته لبلدية اسطنبول نموذجا واقعيا في الادارة يقاوم إغراءات الفساد السياسي ويتعامل في الوقت نفسه مع الاحتياجات الحياتية الواقعية.
وخلال رئاسته الحكومة في الدورة السابقة بدأ مشروعا لتصالح تركيا مع ذاتها والتوفيق بين نزعاتها المختلفة (القومية والعلمانية والدينية) وفتح فضاء أوسع للاقليات القومية (الاكراد) والدينية (العلويين)، وكان حذرا من ان يصبح الحكم مصيدة لإعلان فشل تياره في اول تجربة حقيقية كما حصل مع احزاب اسلامية اخرى في البلدان الاسلامية، فتصرف بانفتاح وبراغماتية عالية ضمنت أولا طمأنة المخاوف الاوروبية من وجود حزب اسلامي في سدة السلطة في تركيا، وتبنى بحماس لافت مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي وأنجز من الاصلاحات الاقتصادية ما جعل هذا «الحلم التركي» اكثر إمكانية من قبل. حقق الاقتصاد التركي في عهده نموا غير مسبوق بنسبة 7%، وتم تطهير المؤسسات الى حد كبير من بؤر الفساد التي اعتاشت فيها طويلا، بل ذهب في براغماتيته حد الموافقة على عدم تجريم الزنا في إشارة مطمئنة اخرى لأوروبا المتمسكة بمعاييرها الاخلاقية لتحديد اهلية تركيا لدخول الاتحاد الاوربي .
ورغم ان المزاج الشعبي التركي كان كما هو الحال في معظم البلدان الاسلامية غير متعاطف مع الولايات المتحدة لا سيما بعد حربها في العراق، إلا ان اردوغان وفي موازنته بين الميل العاطفي وبين استحقاقات الواقع اختار ان يحافظ على علاقة جيدة مع أمريكا من دون الارتماء المطلق في أحضانها.
لقد قطع العدالة والتنمية طريقه بهدوء بين ألغام السياسة المحلية وتهديدات المؤسسة العسكرية وتوجس الغرب، فوصل بعد تجربة السنوات الاخيرة الى سن الرشد الذي أهله ليكون خيارا شعبيا يلاقي التصديق وربما الدعم الخارجي. يبدو الامر وكأن تركيا أعادت التصالح مع ذاتها بدون ان تخلق قطيعة مع عالمها الخارجي.
في حين اننا في البلدان العربية ما زلنا نشهد نماذج كرست إخفاق العديد من الاحزاب الاسلامية، إما لاعتناقها العنف الأعمى وسيلة وحيدة للاستحواذ على السلطة متوهمة وموهمة الجماهير المحرومة بأنها تعيد إنتاج الاسلام الاصيل بدون إدراك لشروط التاريخ واستحقاقات المستقبل، أو لأنها انصاعت تماما لمقولات آيديولوجية فضفاضة قادتها الى التيهان في عالم السياسة الواقعية التي لا تؤمن إلا بقوة الممكنات، أو لأنها اختارت ان تعيش جيشانا متواصلا من التثوير خلف شعارات براقة عن محاربة الآخر ومقاومة الاستعمار والصليبية، فتركت جماهيرها جوعى إلا من تلك الشعارات تلوك أملا تزداد استحالته، فيستبدل بوعد غير مؤكد بالجنة !!
على الاسلاميين أن يتصالحوا مع عصرهم، وان يفهموا ان المجتمعات لا يمكن ان تظل مشروع مواجهة دائما، وان القائد الناجح يجب ان يؤمن لشعبه حياة كريمة بدلا من كرامة تصنعها الشعارات.
عن صحيفة الشرق الاوسط
29/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.