أزمة الاشتراكيين في فرنسا طه خليفة سيجولين رويال المرأة شديد النحافة التي من ينظر إلي قوامها الرشيق لا يظن أبداً أنها أنجبت أربعة أطفال، خاضت الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2007 ممثلة للحزب الاشتراكي أمام اليميني ساركوزي الذي فاز عليها بفارق محدود. ولكن بعد عام من هذا الفوز آن لسيجولين أن تتنفس الصعداء حيث شعبية ساركوزي متدنية إلي درجة قياسية ولا تحدث مع رئيس لم يمر علي وجوده في الإليزيه غير عام واحد فقط. ويتهم ساركوزي بأنه بسلوكه الشخصي وبسياساته في إدارة البلاد قد أفقد منصب الرئاسة هيبته و أنه لو استمر علي هذا النهج فإنه سيفشل في انتخابات 2012 . ويمكن أن يدخل الاشتراكيون الإليزيه الذي حرموا منه منذ خروج الرئيس الراحل ميتران منه عام 1995 . رويال تسببت في عاصفة من الجدل داخل الحزب الاشتراكي عندما أعلنت أنها ستخوض معركة القيادة داخل الحزب في المؤتمر العام في نوفمبر القادم، ليس هذا فقط بل أنها أعلنت نيتها خوض الانتخابات الرئاسية بعد أربع سنوات. حيث لن يترشح مجدداً السكرتير العام الحالي للحزب فرانسو هولاند وهو الرفيق السابق لسيجولين والذي أنجبت منه أطفالها الأربعة. وقد سئلت خلال حملتها الانتخابية عن إنجابها خارج مؤسسة الزواج فأكدت علي احترامها لفكرة الزواج وللعائلة لكنها اعتبرت في نفس الوقت أن هذا الأمر شأن خاص. كثيرون داخل الحزب الاشتراكي لا يحبذون زعامة رويال لهم ولا ترشحها مجدداً للرئاسة وهم مع ضرورة تقديم زعامة جديدة تكون قادرة علي الأخذ بيد الحزب إلي الأمام وتجديده وإعادته إلي صدارة المشهد السياسي كمنافس قوي لحزب ساركوزي الاتحاد من أجل حركة شعبية . والاشتراكيون مدركون للأزمة التي يعيشونها ولذلك هم تعاملوا مع فوزهم في الانتخابات البلدية في مارس بنوع من التدبر الواعي إذ أرجعوه إلي اهتزاز ثقة الفرنسيين في ساركوزي وتراجع شعبيته وأن التصويت لهم كان عقاباً للرئيس العاشق قبل أن يكون رضا عن البرنامج والسياسات الاشتراكية. وداخل الحزب الاشتراكي تيار يضغط بشدة في اتجاه تجديد برنامج الحزب ليواكب التطورات الجديدة في فرنسا وأوروبا والعالم حتي لا يظل واقفاً عند الرؤي اليسارية القديمة التي تجاوزها الزمن. بالفعل يحتاج الاشتراكيون إلي قيادة تجديدية علي غرار ما فعل توني بلير عندما تولي زعامة حزب العمال البريطاني رويال ليست ذلك الشخص المنتظر الذي يمكن أن يجدد شباب الاشتراكيين فهزيمتها أمام ساركوزي جعلت صورتها تتآكل وربما كان الحل في أيدي رئيس بلدية باريس برتران ديلانوي فهو الأكثر شعبية بين الفرنسيين والاشتراكيين، وهو ينوي الترشح علي زعامة الحزب. ولذلك علي رويال أن تنسحب في هدوء فالوقت لم يعد لها والساحة لم تعد معها. عن صحيفة الراية القطرية 13/7/2008