دخلت الانتخابات الرئاسية فى فرنسا مرحلتها الاخيرة فسوف يلتقى غدا الأحد مرشحو الرئاسة فى معركة ستحسم ما دار فى الفترة السابقة من دعاية انتخابية نال فيها ساركوزى دعما من الرئيس الفرنسى جال شيراك بتأييده لساركوزى مرشحا لليمين وهؤلاء هم مرشحو الرئاسة فمن سيفوز رئيس فرنسا للسنوات القادمة؟. ** نيكولا ساركوزى .. مرشح اليمين الوسط: * ساركوزى هو يهودى الديانة وابن لمهاجر مجرى ودخل معترك السياسة منذ ثلاثين عاماً وهو يأمل فى الوصول إلى كرسى الرئاسة الفرنسية هذا العام . وقد تولى منذ 2004 رئاسة "حزب التجمع من أجل الحركة الشعبية" وهو الحزب الحاكم والذى يساعد كثيراً فى تحقيق طموحاته السياسية ويمنحه قاعدة شعبية وسياسية كبيرة . * شغل نيكولا ساركوزى منصب وزير الداخلية فى يونيو عام 2002 فى حكومة رئيس الوزراء الفرنسى الحالى " دومينيك دوفيلبان " وقد دخل فى منافسة سياسية لعدة سنوات مع الرئيس جاك شيراك ، إلا أن الأخير أعلن تأييده لساركوزى مرشح اليمين الحاكم وتعليقاً على ذلك أصدر ساركوزى بياناً وصف فيه هذا الدعم بالمهم على الصعيد السياسى والشخصى مشيراً إنه مرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية بهدف العمل وإحداث تغيير فى العمق فى فرنسا . * وقد تحدث ساركوزى عن رؤيته للسياسة الخارجية لبلاده حيث يرى المحللون أن هذه الرؤية تظهر تأييده لإسرائيل فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى والتوجه نحو الولاياتالمتحدة مشيراً إلى أنه يود أن تكون فرنسا شريكاً أقرب إلى الولاياتالمتحدة لكن دون الخضوع وكرر ساركوزى معارضته للحرب على العراق ومشدداً على تعزيز القدرات الدفاعية لفرنسا ومطالباً الأوروبيين بالاعتماد بشكل أكبر على أنفسهم فى قضايا الدفاع وتعهد بالحفاظ على الرادع النووى ووصفه بأنه ضرورة قصوى لتأمين الحياة لفرنسا . * وفى هذا السياق أشارت إحدى استطلاعات للرأى فى فرنسا أن ساركوزى يحظى بنسبة تتراوح بين 26% و 31% من أصوات الأشخاص الواثقين من المشاركة فى الانتخابات متقدماً بذلك على كل منافسيه بما فى ذلك منافسته الأولى فى هذه الانتخابات المرشحة الاشتراكية " سيجولين روايال " . **سيجولين روايال..مرشحة الحزب الاشتراكى: · سيجولين روايال مرشحة الحزب الاشتراكى للرئاسة الفرنسية ازدادت شعبيتها فى مجال السياسة بعدما حققت صعودا داخل الحزب الاشتراكى الفرنسي المعارض منذ تأسيسه على يد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران فى بداية السبعينات . · وتوقع الكثير من المحللين والسياسيين ان تحقق رويال نجاحا كبيرا على الساحة السياسية الفرنسية ومشيرين الى انها الدماء الجديدة التى يمكن ان تحدث تغييرا جوهريا فى الحقل السياسي الفرنسي . · ان شعبية سيجولين رويال 53 عاما وزيرة البيئة السابقة جعلها ترشح نفسها للرئاسة الفرنسية حيث ازدادت شعبيتها فى احدى استطلاع للرأى وتفوقت على ألد واقوى منافسيها نيكولا ساركوزى رئيس حزب يمين الوسط الحاكم حيث حصلت رويال على 49% بينما حصل ساركوزى على 39% الامر الذى جعل البعض يطلقون عليها لقب المرأة الحديدية . · انضمت رويال الى الحزب الاشتراكى عقب تخرجها من المدرسة الوطنية للادارة التى تخرج منها النخبة الادارية والسياسية فى فرنسا . وعملت فى مجال الخدمة المدنية وسياسية فى مكتب ميتران فى الثمانينيات وكان لها آراء وتعليقات على قضايا الامن القومى وتقليص معدلات البطالة وطالبت المؤسسة العسكرية بتدريب الشباب واكسابهم مهارات اعمل والاشراف على صرف المساعدات المالية والحكومية التى تقدمها الدولة لهم . · وكان الاشتراكيون الفرنسيون قد اختاروا سيجولين رويال فى 16 نوفمبر 2006 عن حزبها لخوض انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة فى 2007 لتكون اول امرأة لها فرصة حقيقية فى الوصول الى كرسي الرئاسة فى فرنسا . · وقد اعتبرت الصحف الفرنسية ان رويال التى حصلت على 60.6% من الاصوات فى الدورة الاولى فى الانتخابات الداخلية متقدمه على وزير الاقتصاد السابق دومينيك ستروس ورئيس الوزراء السابق لوران فابيوس بفارق اكثر من 40% ستشكل منافسة قوية لليمين الفرنسي . · من جانبه دعا كل من معسكر ستروس وفابيوس الى توحيد الصفوف وراء رويال من اجل هزيمة اليمين وقال ستروس لقد استحقت رويال الفوز وستحظى بدعم الجميع وداعيا الى تحقيق الفوز على اليمين . · ويرى المراقبون ان هذا الفوز المدوى لرويال من جانب الحزب الاشتراكى الفرنسي جعلها تخوض الحملة الانتخابية الرئاسية من موقع قوة . · ووصفت صحيفة " ليبراسيون " اليسارية رويال بأنها أمرأة قوية تتمتع بالقدرة على الفوز بالرئاسة بينما رأت صحيفة لوفيجارو اليمينية ان المرشحة الاشتراكية رويال ستكون خصما قويا بالنسبة لليمين ومن ناحيتها ذكرت صحيفة " فرانس سوار " ان الانتصار الكبير لرويال يضعها فى موقف يؤهلها لخوض السباق الى الاليزيه .
** فرانسوا بايرو.. مرشح تيار الوسط : * فرانسوا بايرو البالغ من العمر 51 عاماً هو رئيس حزب الوسط " الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية " الذى أسسه الرئيس الفرنسى الأسبق فاليرى جيسكار ديستان فى السبعينات من القرن الماضى وقد ترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية الماضية 2002 وحصل على نسبة متواضعة لم تتجاوز 6.8% من أصوات الناخبين فى الجولة الأولى . * تقلد فرانسوا وزارة التربية والتعليم خلال التسعينات وكان عضواً فى البرلمان عام 1968 ويصفه المحللون بالسياسى المخضرم والذى دخل حلبة المنافسة على الرئاسة الفرنسية مستغلاً شعور الاحباط المتنامى لدى الفرنسيين وعدم ثقتهم بالمرشحين الرئيسيين سيجولين روايال ونيكولا ساركوزى . * وقد أفادت استطلاعات الرأى الفرنسية إن حوالى 20% من الناخبين سيصوتون لفرانسوا خلال الجولة الانتخابية الأولى المقرر عقدها فى 22 أبريل الحالى ويتوقع المراقبون وصوله إلى الجولة الأخيرة من هذه الانتخابات وقدرته على إزاحة المنافسة الاشتراكية سيجولين روايال والوصول إلى الجولة الثانية التى ستعقد فى السادس من شهر مايو المقبل . * فرانسوا الذى عمل بالزراعة ثم مدرساً يركز فى برنامجه الانتخابى على تحسين الظروف المعيشية فى الضواحى وإيجاد فرص للوظائف وتطوير التعليم والترشيد من الانفاق الحكومى والعمل على احتلال فرنسا لموقع الصدارة وتقوية الاتحاد الأوروبى .وقد انتقد " بايرو " الحرب الأمريكية على العراق معتبراً أنها سبب الفوضى فى منطقة الشرق الأوسط . ** جان مارى لوبان .. زعيم اليمين المتطرف : * أسس " جان مارى لوبان " الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة فى 25 أكتوبر عام 1972 وقد حقق حزبه تقدماً ملموساً فى انتخابات بلدية سابقة فى فرنسا ، كما أنه كان أصغر نائب فرنسى فى البرلمان سناً عام 1956 حيث كان عمره وقتها 28 عاماً وقد اشتغل بالسياسة فى وقت مبكر . وقد خاض انتخابات الرئاسة السابقة ضد الرئيس جاك شيراك عام 2002 إلا أنه خسر وأشار وقتها أن هزيمته تمثل بالنسبة له انتصاراً مهماً حيث أنها جعلت من الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة التى يتزعمها القوة السياسية الثانية فى فرنسا . * " لوبان " المولود فى 20 يونيو 1928 فى " ترينيتى سورمير" غرب فرنسا والتحق ضابطاً فى الجيش الفرنسى واشترك فى حرب الجزائر عام 1957 واتهم بالتورط فى جرائم تعذيب جزائريين ، وكان لوبان قد أظهر منذ الصغر ميولاً عنصرية ويمينية متطرفة وشن معركة ضارية ضد الديجوليين والشيوعيين رافعاً شعار " فرنسا للفرنسيين " . * وقد تأثر بالثورة الطلابية التى اندلعت فى مايو 1968 . كما أنه اشتهر بخطاباته العنصرية واليمينية المتطرفة وهاجم العرب والمسلمين حيث أشار فى تصريحات سابقة بأن الإنفجار السكانى للعالم العربى الإسلامى يشكل خطرا على بلادنا . * وفى الدورات الانتخابية السابقة حصلت الجبهة الوطنية التى يتزعمها على نسبة تقارب 20% خصوصاً فى مدن الجنوب مثل مرسيليا حيث يكثر عدد المهاجرين والأجانب مستغلاً الأزمات الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة . وقد تمكن لوبان من كسب تأييد أنصار الأحزاب التقليدية مثل الحزب الاشتراكى والحزب الشيوعى وطالب الفرنسيين أكثر من مرة فى جميع خطبه بأن ينتخبوه ويجربوه ولو مرة واحدة . ** المرشحون الرئيسيون والاتفاق حول الأحداث العالمية تتفق آراء المرشحين الثلاثة الرئيسيين للانتخابات الفرنسية بشأن الملفات الساخنة للأحداث العالمية على الرغم من وجود الكثير من الاختلافات فى وجهات نظرهم بشأن القضايا الداخلية وكيفية معالجتها ، وأشار المرشحون إلى استمرار السياسة الخارجية لفرنسا بدون تغيير كبير عما كانت عليه فى عهد الرئيس الفرنسى جاك شيراك خاصة وأنه ترك بصمات إيجابية واضحة على هذا الصعيد وحقق مكانة كبيرة فى العالم من خلال مواقفه المتعارضة مع المواقف الأمريكية وبخاصة فيما يتعلق بحرب العراق . فعلى سبيل المثال يتفق المرشحون الثلاثة نيكولا ساركوزى مرشح اليمين الحاكم وسيجولين روايال مرشحة الحزب الاشتراكى وفرانسوا بايرو مرشح حزب الاتحاد الديمقراطى الفرنسى على فرض عقوبات جديدة على نظام الحكم السودانى ما لم يتوقف عن رفض نشر قوات الطوارئ الدولية فى إقليم دارفور .. وفيما يتعلق بإيران فإن المرشحين الثلاثة ينادون بعمل تشاورى داخل الأسرة الدولية ويحذرون من الهجوم العسكرى على إيران من جانب أمريكا ..ويحبذ المرشحون الثلاثة للرئاسة الفرنسية اتخاذ موقف مستقل إزاء الولاياتالمتحدة وعدم التبعية لسياستها وفيما يتعلق بملف الدرع الصاروخى الأمريكى فى أوروبا فإن المرشحين الثلاثة يحبذون التشاور فى إطار الاتحاد الأوروبى من أجل التوصل إلى موقف مشترك قبل نشر أى صواريخ أمريكية فى بولندا وجمهورية التشيك . وبالنسبة لأوروبا يرى فرانسو بايرو ضرورة وضع دستور جديد وطرحه فى استفتاء مع تشكيل قوات دفاعية مشتركة ، وتطالب " روايال " بالاستفتاء على انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى ، فهى دولة علمانية كبيرة لا يمكن تجاهلها ومن الأفضل أن تنضم للاتحاد بدلاً من أن تتحول إلى اتجاه آخر فى حين يرفض ساركوزى تماماً انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى ، كما يطالب بوضع معاهدة أوروبية مصغرة تتيح تجديد المؤسسات الأوروبية . 21/4/2007