ضبط شخصين لتوزيع دعاية انتخابية غير قانونية بمحيط لجان البحيرة    وزير الاستثمار يبحث مع نائبة وزير التجارة الإندونيسي سبل تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين    مدبولي: معرض إيدكس نجح في جذب عدد كبير من الدول والشركات العالمية    حقيقة استبعاد محمد شريف من معسكر منتخب مصر في قطر    الطب الشرعي يُثبت اعتداء عامل على 4 أطفال داخل مدرسة دولية بالإسكندرية    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    الاحتلال يكثف اعتداءاته في نوفمبر.. أكثر من 2100 انتهاك و19 محاولة لإقامة بؤر استيطانية جديدة    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    رومانو: برشلونة سيجدد تعاقد جارسيا لمدة 5 مواسم    كأس العرب - مؤتمر مدرب فلسطين: خسارة تونس من سوريا لا تعكس مستوى نسور قرطاج    رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بالزراعة: لا توجد دواجن مريضة في الأسواق.. واتهامات السردة إشاعات    دراما الأعلى للإعلام: نرفض أكاذيب قوائم الممنوعات.. وإجراءات قانونية ضد مروجي الأخبار غير الصحيحة    المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراح بشأن قرض لتمويل تعويضات لكييف    صحة الإسماعيلية تجري الكشف على 916 مواطنًا في قافل طبية بقرية أم حبيب بالقصاصين    عاجل- الحكومة: 6.3 مليون مواطن استفادوا من خدمات هيئة الرعاية الصحية خلال 6 أشهر    الداخلية تضبط 3 أشخاص يوزعون أموال بمحيط لجان بأخميم    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    "القاهرة الإخبارية": إسرائيل ترسل وفدا سياسيا إلى لبنان لأول مرة وسط ضغوط أمريكية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    الداخلية تضبط طالبًا طمس لوحات سيارته فى البحيرة    محافظ الجيزة يتفقد أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان (صور)    فحص أكثر من 6.1 مليون طالب للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس الابتدائية    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الصليب والهلال الأحمر الدولي: فيضانات جنوب شرق آسيا كارثة إنسانية تتطلب دعما عاجلا    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    عاجل- رئيس الوزراء يهنئ منتخب مصر للكاراتيه على الإنجاز العالمي التاريخي    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    ضبط سيدتين بحوزتهما كروت دعاية انتخابية بمحيط لجنة في دمنهور قبل توزيعها على الناخبين    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    مصر تنضم رسمياً لمجموعة أصدقاء «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    تفاصيل جريمة غسل أموال بقيمة 30 مليون جنيه    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب ومشروع عبدالناصر
نشر في محيط يوم 28 - 07 - 2007


العرب ومشروع عبدالناصر
أحمد المرشد
صادفت ثورة يوليو/ تموز كغيرها من الثورات انتقادات حادة، بل وتشكيكا في شرعيتها أصلا، واتهامات بأنها كانت السبب في كوارث ألمت بمصر والمنطقة لمجرد واقعة قيامها وفقاً لمعسكر خصومها، أو بسبب اخطاء استراتيجية وتكتيكية ارتكبت في مسيرتها وفقاً لبعض أنصارها، أو على الأقل الذين لم يناصبوها العداء. ويكاد يكون مستحيلا أن نصل في سياق محاولة إصدار حكم تاريخي على ثورة يوليو الى كلمة سواء بعد مرور 55 عاما فحسب على قيامها، فما زال المؤيدون للثورة والمعارضون لها كأفراد وتكوينات اجتماعية وسياسية ونظم حاكمة وقوى دولية يتواجدون على ساحة الحركة السياسية. ولابد من تأثرهم بمصالحهم وهم يصدرون أحكامهم على ثورة يوليو وقائدها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
لا يمكن لأحد بداية أن يشكك في سلامة توجهات ثورة يوليو العربية بشأن التحرر والوحدة، وإن كان من الممكن الحوار حول غياب رؤية واضحة لدى الثورة وقيادتها للواقع العربي وسبل تغييره ديمقراطياً، ولا يمكن لأحد أن يشكك في الدور التاريخي الذي لعبته زعامة بقامة جمال عبدالناصر وتوجهاته، لكن الاعتماد المفرط على كاريزما الزعيم حرم السياسة العربية لثورة يوليو من ذراع مؤسسية قوية. وأتاح في الوقت نفسه لبعض العناصر من المحسوبين على ثورة يوليو أن يلعبوا بحسن نية أو من دونها دوراً تخريبياً في تنفيذ تلك السياسة.
ولا يمكن لأحد أن ينكر أن ثورة يوليو حاولت في البداية جمع شمل العرب كافة وواصلت هذا المسعى كلما دعت الظروف إلى ذلك، وأنها ليست مسؤولة عن ظاهرة الصراعات العربية - العربية. فهذه الخلافات ظهرت قبل الثورة وبقيت بعدها، لكن الطريقة التي أدارت بها قيادة الثورة بعض خلافاتها مع عدد من النظم العربية لم تكن الطريقة المثلى دائما.
كذلك لا يمكن لأحد أن ينكر سلامة التوجه الاستراتيجي للثورة في الصراع ضد “إسرائيل"، لكن الأثر الفادح الباقي معنا حتى الآن لهزيمة يونيو/ حزيران 1967 شكل مطعنا هائلا في انجازات الثورة في هذا السياق.
ومع ذلك، فإن الحكم عليها من هذا المنظور يبقى عملا بالغ التعقيد بكل المقاييس. فخصوم ثورة يوليو يرون أن كارثة يونيو 1967 كفيلة بمحو أي أثر ايجابي للثورة في تاريخ المنطقة. ومع ذلك، فإن مثل هذا القول يمكن أن يرد عليه بأن مشكلة “إسرائيل" كانت ميراثا ثقيلا ورثته ثورة يوليو عن حقبة التعبية السابقة عليها، وإن هذا الميراث الثقيل قد أعاق انطلاقها غير مرة وأنها بلورت قبل هزيمة 1967 رؤية استراتيجية سليمة للمواجهة، وأن الهزيمة الفادحة في معركة عسكرية لم تكن من نصيب ثورة يوليو وحدها وإنما طالت نظما ديمقراطية عريقة قبل أن تنتصر هذه النظم في حربها الشاملة ضد خصومها، كما كان الحال بالنسبة لمعظم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.. وأنها، أي ثورة يوليو، قد سارت على الدرب نفسه في السنوات التالية مباشرة للهزيمة. فتصاعد النضال العسكري ضد “إسرائيل" على نحو غير مسبوق مهد لإنجاز اكتوبر/ تشرين الأول 1973 الذي تم في زمن قياسي بكل المعايير.
لقد كان الأفق العربي لثورة يوليو واضحا لدى عبدالناصر منذ البداية، ثم تكشف الأمر على نحو أوضح في فلسفة الثورة بين عامي 53-،1954 وتحدث فيها عبدالناصر عن دوائره للسياسة الخارجية وأعطى الأولوية للدائرة العربية، ولعل نموذجنا في هذا هو افتتاح محطة “صوت العرب" في العام 1953 وتبلور المشروع العربي لعبدالناصر وفقا لأبعاد تتعلق بالتحرر والوحدة إذا نظرنا إلى هذين الهدفين نظرة شاملة بحيث يحمل التحرر مضمونا سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا في آن واحد، وتشمل الوحدة كل ما يتعلق بتكتيل الجهود العربية نحو تحقيق غايات النضال العربي.
ففي مجال التحرر، كان مشروع عبدالناصر يتضمن محاربة الاستعمار وتصفيته في الوطن العربي، ومن ثم قدم العون لكافة حركات التحرر العربية بدءا بالعون الاعلامي والدبلوماسي ووصولا الى المساعدة العسكرية. واتضح ذلك بجلاء في حرب التحرير الجزائرية وحرب التحرير في جنوب اليمن. وأما مقاومة عبدالناصر لمحاولات ربط الوطن العربي استراتيجيا بسلسلة الأحلاف الغربية، فكانت حركته الناجحة ضد كل من حلف بغداد في 1955 ومشروع أيزنهاور في 1957 وغيرهما من المشروعات المماثلة.
ونحن نتحدث عن الدور العربي لثورة يوليو، علينا تقسيم العرب الى جماهير ونخب. أما الجماهير، فقد اتسق عبدالناصر مع صميم أهدافها، ولذلك أيدته على نحو غير مسبوق في تاريخ العرب الحديث. فالجماهير لعبت دورا فاعلا في تنفيذ المشروع العربي لعبدالناصر وحمايته. فقد لعبت المظاهرات الجماهيرية الحاشدة المضادة لحلف بغداد دورا في إسقاط الحلف. الجماهير نفسها لعبت دورا رائعا وسندا معنويا هائلا لمصر إبان عدوان ،1956 وكانت الجماهير السورية هي صاحبة الفضل الأول في إنجاز الوحدة المصرية السورية في ،1958 وبالمثل كانت الجماهير العربية والمصرية هي التي حمت مصر والنظام العربي من السقوط في أعقاب هزيمة 1967 الفادحة. ومثلت جماهير السودان نقلة نوعية في دعمها لمشروع عبدالناصر، إذ وجهت رسالة واضحة أثناء انعقاد قمة الخرطوم الشهيرة في أغسطس/ آب 1967 لكل من يعنيه الأمر داخل الوطن العربي وخارجه، مفادها أن عبدالناصر مازال زعيم هذه الأمة على الرغم من هزيمة يونيو/ حزيران.
كان منطقيا أيضا أن تنسلخ شرائح اجتماعية عليا في المجتمعات العربية من قاعدة التأييد للمشروع بعد أن بدأت تتضرر جراء بعض السياسات والإجراءات التي اتخذها ودافع عنها. وكان منطقيا من ناحية ثالثة أن تعاديه النخب السياسية العربية ذات التوجهات الإسلامية في أعقاب صدامه مع الإخوان المسلمين في مصر.
المجال لا يتسع بلا شك أن نسهب في الحديث عن الدائرة العربية لثورة يوليو.. ولكن: هل يمكن أن يسمح لنا خصوم ثورة يوليو بأن نهديها باقة عرفان وامتنان بعد 5_ عاما على انطلاقها؟ وأن نعبر عن إحساسنا الصادق بافتقادنا قيما نضالية أصيلة عبرت عنها وسعت الى تجسيدها في الواقع العربي، فنجحت حينا وأخفقت حينا، لكنها تركت لنا ضوءا هاديا لعلنا أكثر ما نكون حاجة إليه في الظروف الراهنة.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
28/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.