تراجع مخزون النفط الخام في أمريكا بأكثر من التوقعات    الدولار ب50.50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 19-6-2025    بدء صرف مرتبات يونيو 2025.. والحد الأدنى للأجور يرتفع إلى 7 آلاف جنيه الشهر المقبل    إعلام فلسطيني: ارتقاء 8 شهداء جراء قصف جيش الاحتلال وسط قطاع غزة    الحرس الثوري الإيراني: لن نمنح إسرائيل لحظة هدوء واحدة    إيران: اعتقال 18 عميلًا إسرائيليًا متورطين في تصنيع مسيرات هجومية وتجسسية    إسرائيل: منظومات الدفاع الجوي الأمريكية اعترضت موجة الصواريخ الإيرانية الأخيرة    بعد 69 ثانية من استئنافها.. باتشوكا يعيد الإثارة إلى مباراة سالزبورج بكأس العالم للأندية    حضور جماهيري ضعيف.. أجواء ما قبل مباراة العين ويوفنتوس بكأس العالم للأندية (صور)    كوكا: الأهلي جاهز لمباراة بالميراس.. والفوارق متقاربة بين الأندية في المونديال    ترقبوا خلال ساعات.. ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية بالأقصر 2025 (رابط الاستعلام برقم الجلوس)    إيران تعتقل 18 شخصا كانوا يصنعون طائرات مسيرة بمدينة مشهد لتنفيذ هجمات لصالح إسرائيل    ‌جيش الاحتلال: ننفذ حاليا سلسلة من الضربات فى طهران ومناطق أخرى بإيران    محمد رمضان وهيفاء وهبي في حفل مشترك ببيروت.. وديو غنائي مرتقب مع عايض    فواكه تساعد على طرد السموم من الكبد والكلى    بنهاشم: تسديد 12 كرة على المرمى يؤكد اختراق الوداد دفاعات مانشستر سيتي    الزمالك: سنبرم صفقات فنية وليست جماهيرية.. وتعيين المدير الرياضي خلال أيام    من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)؟!    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    تعرف على موعد حفل محمد رمضان وهيفاء وهبي في لبنان    تموين الإسماعيلية تكثف حملات المرور على المطاعم (صور)    رامي ربيعة أساسيا مع العين ضد يوفنتوس فى كأس العالم للأندية    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم.. صور    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    قلت له أتركها لوسام أبو علي.. زيزو يكشف كواليس خلافه مع تريزيجيه على ركلة جزاء لقاء إنتر ميامي    5 جرامات تكفي.. تحذير رسمي من «الملح»!    «الزاوية الخضرا».. ديكور «الواحة الداخلية» في منزلك    الصحة تحذر من 5 شائعات عن استخدام اللولب النحاسي كوسيلة لتنظيم الأسرة    دموع الأب تسبق النعش.. «السيدة زينب» تودّع ابنها طالب الثانوية العامة ضحية العقار المنهار    لو رايح مصيفك في مطروح... اعرف مواعيد قطارات الصيف 2025 من وإلى القاهرة    انخفاض جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 19 يونيو محليًا وعالميًا (تفاصيل)    «مصر للطيران للأسواق الحرة» توقع بروتوكول تعاون مع «النيل للطيران»    كوريا الشمالية عن الهجمات الإسرائيلية على إيران: تصرف غير قانوني.. وجريمة ضد الإنسانية    ريبيرو: بالميراس يمتلك لاعبين مميزين ولديه دفاع قوى.. وزيزو لاعب جيد    17 صورة من حفل زفاف ماهيتاب ابنة ماجد المصري    أحدث جلسة تصوير ل بوسي تخطف بها الأنظار.. والجمهور يعلق    هند صبري تستعد لبطولة مسلسل جديد.. وصبا مبارك تواصل النجاحات وتنتظر "220 يوم"    رسميًا.. آخر موعد لحجز شقق الإسكان الاجتماعي 2025 بعد مد فترة التقديم الإلكتروني    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    السفير السعودي بالقاهرة يلتقي نظيره الإيراني لبحث التطورات الإقليمية    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 19 يونيو 2025    حفار بترول قديم ومتوقف عن العمل يسقط فى رأس غارب دون إصابات    ملفات تقنين الأراضي| تفاصيل اجتماع رؤساء الوحدات المحلية بقنا    إعلام إسرائيلي: الجيش أعلن شن غارات على نحو 20 موقعًا نوويًا إيرانيًا ومواقع أسلحة    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا بحادث تصادم في البحيرة    "فاينانشال تايمز": رئيس الوزراء البريطاني ينذر الحكومة بهجوم أمريكي محتمل على إيران    احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    مرقس عادل: «في عز الظهر» يحمل كافة مقومات النجاح.. ومينا مسعود كان لديه رغبة قوية لتقديم فيلم مصري جيد    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    البابا تواضروس يستقبل رئيس وزراء صربيا    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات حماس أمام صلاة العراءودلالات القمع
نشر في محيط يوم 11 - 09 - 2007


خيارات حماس أمام صلاة العراء ودلالات القمع

أنور حمام

استطاعت حماس ومليشياتها المسلحة بغفلة من الزمن أن تنقلب على الشرعية الفلسطينية، وان تسيطر على كل قطاع غزة بما يحتويه من أجهزة وأسلحة ومباني وتجهيزات ووسائل نقل، ومقرات، وحسمت بالدم والنار الوضع لصالحها، وزادت ترسانتها العسكرية، وخدعها الأسبوع الأول ما بعد الانقلاب بان غزة الآن آمنة ومطمئنة تحت الحراب، وظنوا بجهل أو بعلم أن لا احد موجود سواهم، وهم الذين يقررون ويفكرون وأن أحد لن يرفع رأسه أو عينه أو رقبته، وظنوا كذلك أن الشعب الفلسطيني في غزة قد أصبح مجموعة من الخراف أو النعاج المهيأة للانقياد من قبل الراعي الحمساوي، ولكن الحركة الشعبية التي ظهرت مبكرةً في القطاع صدمت حماس وصدمت الكثيرين، فقد أغفلت حماس أن كل الظروف جاهزة لمثل هذه الحركة الشعبية التي ستنطلق وبسرعة ضدها، وكانت الصلاة في العراء بداية شرار حركة شعبية فلسطينية لن تتوقف ضد الهنجعية والاستكبار والقمع والإقصاء:

صدمة حماس.

حماس كانت ستكون بمنتهى السعادة لو أن حركة فتح قامت بأعمال هجومية عسكرية ضد حماس ما بعد الانقلاب في غزة، لأن تلك الفرضية كانت ستشكل أرضية ملائمة لحماس للاستمرار بالقمع تحت غطاء أنها ستحمي الأمن والأمان المنغمس بالدم والألم والعذاب.

لكن صدمة حماس كانت بان الشعب الفلسطيني قد قرر مواجهة حماس في عقر دارها، بتوجهه الجماعي نحو الصلاة في العراء كل جمعة، وصلاة العراء مثلت استفتاءً شعبياً لرفع الوصاية الدينية التي لطالما حاولت حماس أن تخضع بها الشعب، وهي صلاة تسلط الضوء لما وصلت إليه حالة المساجد في قطاع غزة من تحريض واستخدام حزبي، وهي صلاة ترفض الانقلاب ونتائجه، وهي صلاة أعطت مؤشرا عميقا أن حماس أصبحت عاجزة تماما عن حشد الناس خلفها، فالبسطاء من أبناء شعبنا اكتشفوا الطابق بالفهم الشعبي، ولم يعد بإمكان أحد من حماس أن يقنعهم بأنهم يجمعون بين المقاومة والسلطة، هم يجمعون بين السلطة والقمع بل وممارسات الاحتلال التي لطالما انتفض ضدها شعبنا.
احتمالان أمام حماس لمواجهة الصلاة:

ليس صحيحا أن حماس لم تفكر في كيفية التعامل مع المستجد الجديد (صلاة العراء)، بل أنها وبكل بساطة وضعت في حساباتها لمواجهة هذه المعضلة التي تعترضها احتمالان رئيسيان:

الاحتمال الأول: أن تترك حماس الناس والقوى ليعبروا عن مشاعرهم برفض التحريض في المساجد التي تسيطر عليها حماس، عبر الصلاة في الساحات العامة كل يوم الجمعة، وهذا الاحتمال من شانه أن يظهر حماس بمظهر أكثر لبيرالية من جهة ولكنه يفضحها جماهيريا ويعريها، ويترك المشاهد يدرك بكل يقين أن الشارع يرفضها، ويرفض إجراءاتها التي اتخذتها بانقلابها الدموي.

الاحتمال الثاني: أن تسعى حماس لمنع وقمع خروج الناس للشوارع وإقامة الصلوات، وهي بهذا الأسلوب تحاول أن لا تظهر بان هناك حركة جماهيرية ضدها بل أن ما تقمعه هم بضع عشرات لا غير، وهذا الاحتمال يضعها ويضع صورتها كحركة مقاومة أمام اختبار جدي، فهي بذلك تظهر كقوة بوليس قمعية ومستبدة ورجعية، وهذا ما تم فعلا فقد قامت حماس بقمع المصلين والمحتجين بل وطال القمع كل صحفي وكاميرا وقلم حاول ويحاول الحديث أو التغطية الصحفية أو التصوير ما يحدث من قمع ، وجاءت صور قمع أحد الصحفيين الذي انهالت عليه عشرات الهراوات الحمساوية كصاعقة مدوية في تاريخ الصحافة الفلسطينية التي لم تتعرض لمثل هذا الإجراء من قبل إلا من قبل الجيش الإسرائيلي، واختيار حماس للاحتمال الثاني القمعي كذلك دفعها، لاستخدام الدين كوسيلة للقمع والتحريض ضد الحركة الجماهيرية، ولكن وفعليا لم تنجح حماس في إيجاد مصوغات وفتاوي مقنعة، بل تم التعامل مع فتاوي حماس تماما كالبيانات الصحفية بدون أي آثار أو تأثيرات دينية على الجمهور الذي مل الاستخدام المقيت للدين لصالح فئة بعينها دون أخرى، ولكنها أظهرت ضعفا في قدرتها لقراءة حركة الناس ومشاعرهم، فلم يخرج للصلاة بضع عشرات بل خرج عشرات الألوف، وأصبحت صلاة العراء عنوانا لحركة شعبية ستتصاعد تدريجيا، ولن تتوقف، وزاد من ورطة حماس المتنامية أن أقدمت على اعتقال مجموعة من قيادات العمل الوطني الفلسطيني وعلى رأسهم د. زكريا الأغا وإبراهيم أبو النجا ووليد العوض وعمر حلمي الغول وجميلة صيدم وأحمد نصر وراضي عوض الله، وخالد أبو شرخ، وثلة من قيادات العمل النسوي كسناء العايدي وغيرها.

دلالات ما بعد قمع المصليين:

دلالة أولى: حماس فقد جزء كبيرا من شعبيتها- فالرصيد الذي جمعته حماس خلال سنوات العمل المقاوم وشعارات المقاومة المخلوط بصبغة دينية، هذا الرصيد بدأ بالتراجع، وكل استطلاعات الرأي توضح مدى الانحدار الذي وصلت له جماهيرية وشعبية حماس، فالجمهور وبعد سنة ونصف لم يلمس أي تطور لأوضاعه الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية بل أن هناك انتكاسات رافقت تجربة حماس على كل الصعد.

دلالة ثانية: جزءً من ممارسات حماس وضعتها في معاداة الناس بشكل مباشر ابتداءً من تعاطيها مع الإضراب والموظفين كخونة وجواسيس وانتهاءً بقتل المئات وإصابة الآلاف بإصابات خطيرة أقلها شلل جزئي، خلال سنة من ممارستها الحكم وتتويجا بانقلاب مروع، إضافة لعمليات الإقصاء والإحلال الوظيفي، كل ذلك دفع بحماس أن تكون خصما لكل هؤلاء الناس وعائلاتهم.

دلالة ثالثة: حركة فتح بدون سلاح وبدون سلطة في قطاع غزة أكثر قوة وأكثر شعبية، وهذا قانون أساسي في علم الحركات الاجتماعية والسياسية، ويؤكد فرضية انه كلما اقتربت من الناس وهمومهم كلما التف حولك الناس، وفوضوك لطرح إجابات على أسئلتهم المصيرية، ألان قيادة فتح في قطاع غزة أكثر من أي وقت مضى ملتصقة بالناس، والدليل الأكيد على ذلك هو الاستجابات الشعبية للنداءات التي تطلقها حركة فتح وفصائل المنظمة من اعتصامات وصلاة في العراء وإضراب.

دلالة رابعة: فصائل منظمة التحرير بما فيها فتح والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والنضال الشعبي والعربية وتحرير فلسطين أدركت أخيرا أنها بتحركها المشترك وتحت خيمة المنظمة تكون أكثر قوة وأكثر صلابة، وأدركت أن الهجوم على هذا العنوان من قبل حماس لم يكن في يوم من الأيام من اجل إصلاح المنظمة وتطويرها بل من اجل المزيد من إضعافها لإحلال جسم جديد بديل عنها تقوده حماس وحدها، أدركت فصائل منظمة التحرير أن حماس تريد شهاد زور، وهي حركة شمولية لا تقبل الشراكة.

دلالة خامسة: حماس بانقلابها وبإجراءات قمع الصلوات في الساحات العامة تؤكد أن الانقلاب كان جزءً من استراتيجيتها وهي لن تقلع عنه بسهولة.

دلالة سادسة: أن حماس الآن أبعد ما تكون عن طرح برنامج وطني قادر على حشد الناس خلفه، بل هي قضت على أي مرونة شكلية كانت قد أبدتها في ظل حكومة الوحدة الوطنية التي تلت اتفاق مكة.

دلالة سابعة: الخطاب الإعلامي لدى حماس يؤسس لمزيد من الصراعات والصدامات والانقلابات وان بأشكال مختلفة في الضفة الغربية.

دلالة ثامنة: حماس لن تعود عن انقلابها بسهولة، فقد بنت خطابها الشعبوي على وضع نفسها كخصم وعدو لقوى وشرائح اجتماعية فلسطينية عريضة، وعلى هذا العداء بنت تربيتها الحزبية، فهي حسب تربيتها قضت على جواسيس ومنافقين ومتآمرين، وليس شركاء فلسطينيين الدم والانتماء.

دلالة تاسعة: تبريد الجبهة الخارجية مع المحتل عبر تسخين الوضع الداخلي في غزة، وهذه التكتيكات ستحمي حماس من أي هجوم إسرائيلي، ولكنها ستجلب مزيد من الدم والفرقة.

دلالة عاشرة: كل الخلافات الفلسطينية الداخلية منذ 1948 لم تترك انعكاسات قاسية على بنية العلاقات الاجتماعية الفلسطينية، لكن سلوك حماس ترك وسيترك انعكاسات خطيرة على بنية العلاقات الاجتماعية ومكونات هذه البنية العائلية والعشائرية والجهوية، بل سيطال الخلل تصدعا في الجانب الثقافي والنظر للوجود برمته لدى الفلسطينيين لأجيال قادمة، وللأسف حتى الأطفال أخرجوا وأبعدوا الإسرائيلي من ألعابهم الصغيرة، فبعد عشرات السنوات من ألعاب الأطفال التي تعكس صراعا ما بين واليهود والعرب، أصبح الصراع في ألعاب الأطفال ما بين فتح وحماس.

أخيرا:

وضعت حماس نفسها في هذه اللحظة التاريخية الصعبة والمعقدة في وضع لا تحسد عليه، ووضعت القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني على حافة الانهيار، فهي من جهة بدأت تظهر كحركة قمعية لا تقبل الشراكة، وكحركة مقاومة بدون مقاومة فعلية، حتى جملة من الشعارات التي رفعتها طوال سنوات خلت بدأت تخبو وتبهت، وفي ذات الوقت ورب ضارة نافعة أعطت حماس مزيدا من القوة لمنظمة التحرير الفلسطينية ولفصائلها وبرنامجها السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.