إذاً .. ما هو وضع المرأة في بلادنا؟ عبدالله بن يحيى المعلمي كتبت قبل أسابيع عن الحجج الواهية التي يستخدمها البعض للدفاع عن أوضاع المرأة في بلادنا ومن بينها انهم يخلطون بين المبادئ الأصيلة للإسلام ويتصدون للدفاع عنها في حين ان الانتقادات تنصب على الممارسات الخاطئة وليست على هذه المبادئ، ومنها احتجاج بعضهم بأن وضع المرأة في الغرب سيئ وكأنهم يطالبون بأن تترك لنا حرية إساءة التعامل مع المرأة نظراً لأن المرأة تساء معاملتها في الغرب، ومنها مقارنة وضع المرأة حالياً مع ما كان عليه سابقاً وكأنهم بذلك يقولون انه ليس بالإمكان افضل مما كان، وأخيراً لجوء بعضهم الى التشكيك في نوايا المنتقدين وهي حجة ضعيفة تبتعد عن الموضوع وتلجأ الى تغييره بدلاً من معالجة الأخطاء وجوانب القصور إن وجدت. إذاً هل هناك حجج أقوى للدفاع عن أوضاع المرأة، أم ان الانتقادات التي توجه إلينا في هذا الصدد لها وجاهتها ومشروعيتها؟ .. للإجابة على هذا السؤال وجب ان نتعرف على ماهية تلك الملاحظات وبصفة خاصة ما ورد منها في التقرير الصادر بتاريخ 1/2/2008م عن لجنة “ ازالة التفرقة ضد النساء" المنبثقة عن مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الأممالمتحدة. اشتمل التقرير على عشر ملاحظات اساسية حول اوضاع المرأة في بلادنا، أولها قضية سلطة “المحرم" على النساء والتي رأت اللجنة ان ممارستها الفعلية تؤدي الى الحد من الأهلية الشرعية المستقلة للمرأة، كما تطرق التقرير الى ان حرمان المرأة من حقها في قيادة السيارات يشكل انتقاصاً من حرية الحركة لديها ونوعاً من انواع الممارسة التمييزية ضدها. تطرقت الملاحظة الثانية للتقرير الى العنف ضد النساء وخصت بالذكر العنف المنزلي الموجه نحو الزوجات أو البنات وكذلك العنف الذي تكون ضحيته العاملات المنزليات الأجنبيات.. ويركز التقرير على ان المرأة التي تقع ضحية هذه الممارسة لا تكون لديها في الغالب القدرة أو الوسيلة الفعالة للتظلم من هذه الممارسة والحصول على الحماية اللازمة لها. الملاحظة الثالثة للتقرير تركزت حول ضعف المشاركة النسائية في الحياة العامة وفي وسائل صنع القرار وقنواته، وخصت بالذكر عدم المشاركة المباشرة للمرأة في مجلس الشورى، وعدم السماح لها بالاشتراك في الانتخابات البلدية، وعدم وجود تمثيل أقوى لها في المجالس العليا والوظائف القيادية، وفي السياق نفسه جاءت الملاحظة الرابعة لتنتقد ضعف مشاركة المرأة في قوة العمل، وعدم تهيئة الظروف الملائمة لها لذلك مثل ايجاد المرافق المناسبة لرعاية الاطفال في مواقع العمل. الملاحظة الخامسة في قراءتي للتقرير تتعلق بعدم مساواة المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي مع الرجل السعودي المتزوج من اجنبية في ما يتعلق بحقوق الاطفال في اكتساب الجنسية السعودية وما يترتب على ذلك من محدودية فرص التعليم والتوظيف لهؤلاء الاطفال. الملاحظة السادسة انتقدت ارتفاع معدل الأمية بين النساء مقارنة بالرجال وطالبت بضرورة وضع برامج خاصة لمحاربة الامية عند النساء وخاصة في المناطق النائية. ثم تطرق التقرير لينتقد محدودية فرص المرأة في الدخول الى عدد من الكليات العلمية المتاحة للرجل مثل الهندسة والقانون، كما انتقد التقرير محدودية فرص المرأة في الوصول الى الخدمات الصحية الملائمة وخاصة ما يتعلق برعاية الأمومة والرعاية أثناء الحمل، واعتبر التقرير ان القيود على حرية الحركة واشتراط وجود المحرم يشكلان عائقين اساسيين يعترضان سبيل حصول المرأة على الرعاية الصحية اللازمة في الوقت المناسب. ويتحدث التقرير ايضاً عن حقوق المرأة غير السعودية وخاصة العاملات المنزليات اللائي لا يتمتعن بحقوق تعاقدية واضحة ولا يحظين برعاية نظام العمل ويخضعن في كثير من الحالات الى ظروف عمل ومعيشة لا تتلاءم مع كرامة الانسان او حقوقه وتشكل انتهاكاً واضحاً لحقوق المرأة. وأخيراً تطرق التقرير الى ان عدم فرض حد أدنى لسن الزواج للاولاد والبنات يمكن أن يؤدي الى الزج بأطفال في سن المراهقة في خضم تجربة زوجية قد لا يكون هؤلاء الأطفال مؤهلين لها، خاصة وان البنات أكثر عرضة من الأولاد لهذا المحذور ويقترح التقرير ان يتم تقنين سن الزواج بحيث لا يقل عن ثمانية عشر عاماً للأولاد والبنات على حد سواء. تلك هي أهم ملاحظات التقرير .. تأملوا فيها واستنتجوا ما ترونه من حيث وجاهتها أو عدم وجاهتها، ولعلنا نناقش بعضاً منها في لقاءات قادمة من “أفكار للحوار" ان شاء الله. عن صحيفة المدينة السعودية 3/3/2008