رغم أن عدد من الجماعات والناشطين في مجال الحقوق المدنية يقولون إن هناك تقدما ملموسا في مكاسب المرأة السعودية، فإن تقريرا أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش،" المعنية بحقوق الإنسان هذا الشهر، أشار إلى أنه ما زال هناك المزيد يجب تحقيقه بشأن حقوق المرأة في المملكة. والتقرير الذي جاء في 52 صفحة تحت عنوان "هامش أوسع ومكاسب غير مؤكدة"، قيّم سنوات الإصلاح الخمس تحت لواء الملك عبد الله، واعتبر المكاسب الأقوى للنساء السعوديات شملت تغيير السياسات في عام 2008، بشأن السماح للنساء بالحجز في الفنادق دون ولي أمر، وتحدّث عن تغيير في نظام العمل لعام 2005 بموجبه يمكن للنساء العمل في جميع المجالات "المناسبة لطبيعتهن". وطالبت المنظمة الملك عبد الله بالمبادرة بإعداد تشريع للقضاء على التمييز ضد المرأة والأقليات الدينية، وأن يفرض تدابير الحماية لحرية التعبير، والخطوة الأولى قد تكون إعداد قانون عقوبات في السعودية، وكذلك التأكد من أن يضم القانون تدابير حماية لحقوق الإنسان. تقول الأكاديمية السعودية الدكتورة سعاد الحارثي، إن السعودية فتحت أبوابها للمنظمات الحقوقية؛ لتفرد في تقاريرها عن الإصلاحات التي تمت للمرأة السعودية خلال الخمس السنوات التي مضت." وأضافت الدكتورة الحارثي: "أن المرأة السعودية أثبتت حضورها ووجودها بدعم من خادم الحرمين الشريفين لها والدولة والمجتمع السعودي المتفهم". ومضت تقول: "إن المرأة السعودية حظيت بحقوق مثلها مثل الرجل لتمكينها من تفعيل دورها في التنمية الوطنية.. فأين تجد المرأة السعودية اليوم: تجدها مدير جامعة، ونائبا لوزير التعليم، ومديرة للإدارة العامة في وزارة الصحة، وعضوا في مجلس الغرف التجارية الصناعية، وتعمل في قطاعات تعددت وتنوعت". غير أن الحارثي قالت لCNN بالعربية: "إن هناك ممارسات فردية تسيء للمرأة السعودية، وتلك الممارسات تكون من أفراد أو جهات لا تطبق الأنظمة المنصوص عليها.. فتلك الممارسات الفردية تسيء للنظام والدولة والإسلام أيضا". وتقول "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها، "إن التمييز الممنهج ضد النساء مستمر تحت نظام ولاية الأمر السعودي، وما زالت النساء يعتبرن قاصرات من وجهة نظر القانون، إذ لا يمكنهن اتخاذ القرارات الأساسية دون موافقة ولي الأمر، بما في ذلك قرارات الزواج والتعليم والعمل وبعض أنواع الرعاية الصحية والسفر". لكن الحارثي ترى أن "الوضع الحالي للمرأة السعودية في تحسن، وإن كانت طموحاتنا أكثر مما نلمسه، فأننا كسعوديات نستوعب أهمية التدرج في عملية التغيير الاجتماعي، وبما يتناسب مع مستقبل الدولة ونظامها". وأضافت قائلة: "هناك أمر مهم يجب أن لا نغفله، وهو أن المسؤولية تقع على عاتق المرأة السعودية في المطالبة بحقوقها أو تعديلها، فيجب أن تكون واعية وتعرف حقوقها لترفع صوتها وتطالب بحقوقها بالتوافق مع نظام الدولة والشريعة الإسلامية وثقافة مجتمعها". وانتقدت الحارثي تقارير المنظمات الحقوقية قائلة: "إن عليها بعض الملاحظات الواضحة؛ حيث تكون مضامين التقارير أو توقيتها مسيسا، ومما لمسته في بعض التقارير تهويل وتضخيم الحالات الفردية وتعميمها، بالإضافة إلى أن بعض مصادر معلوماتها غير موثوق بها". وطالبت "هيومن رايتس ووتش" السعودية بتفعيل تشريعات من أجل "القضاء على ولاية الرجل على المرأة والتأكيد على مساواة المرأة، بما في ذلك ما يخص قضايا العمل، وحماية النساء والفتيات من العنف ضد المرأة، لا سيما قضية الزواج المبكر". كما أكدت أهمية إنفاذ التشريعات المتعلقة "بالمساواة في حقوق المرأة، بما في ذلك قيادة السيارات والعمل، عن طريق أمر الجهات المختصة بإلغاء مطالبة المرأة بموافقة ولي الأمر على عملها،" و"حق النساء في الحصول على العدالة واللجوء للمحاكم، عبر ضمان حق المرأة في المثول شخصياً أمام المحكمة وتوفير المساعدة القانونية المجانية لها". من جهته، يرى الصحفي السعودي، سلمان إبراهيم، أن الإنجازات التي تحققت في مجال حقوق المرأة في السعودية، "سطحية ولا تمثل المطالب الحقيقية لقطاع كبير من المجتمع، الذي لا يزال ينظر له على أنه مغيب حتى الآن". وقال إبراهيم، الذي يقيم في الولاياتالمتحدة، إن القيود التي يفرضها النظام السياسي المستند إلى الدين على النساء في السعودية متعددة، وهي تشكل في مجملها عوامل تحد بشكل كبير من المشاركة الفاعلة للمرأة في تنمية مجتمعها ومحيطها." وأضاف: "موافقة ولي الأمر مثلا، وعدم السماح بقيادة السيارة، كلها عوامل تعزز نظرية المرأة القاصر التي هي بحاجة إلى رعاية دائمة ووصاية من الرجل، ما يجعل ازدهار المرأة وتطورها أمرا متعذرا في مجتمع ذكوري حتى النخاع." وبحسب "هيومن رايتس ووتش" فإن عقد الثمانينيات، شهد "اتخاذ المجتمع السعودي خطوات دفاعية أثرت على التمتع بالحقوق، بدعم من الحكومة.. تلك الفترة تعتبر تذكرة بفكرة أن الإرادة السياسية مطلوبة من أجل سن التشريعات وإحداث التغييرات المؤسسية؛ كي لا تتمكن الحكومات التالية بسهولة من التراجع على مسار مكاسب المملكة." وكانت هيئة حقوق الإنسان السعودية الحكومية قالت في بيان صدر قبيل تقرير "هيومن رايتس ووتش" إن مبادرات العاهل السعودي "الإنسانية" أحدثت نقلة جوهرية في مجال تعزيز حماية حقوق الإنسان على جميع المستويات محلياً وإقليميًا ودوليًا. وأشادت الهيئة في تقرير نشر على موقعها الإلكتروني بجهود "حكومة خادم الحرمين الشريفين المتمثلة في تعزيز وتعميق مبادئ العدل والمساواة بين كل أفراد المجتمع، وكفالة جميع الحقوق والحريات المشروعة، ودعم الدولة توجه الجامعات ومؤسسات البحث العلمي لنشر ثقافة حقوق الإنسان، وتبني الدراسات المتعلقة بحماية هذه الحقوق."