هل من سبيل لتقليص عدد الحجيج؟! سهيل حسن قاضي كلما ازداد عدد الحجيج زادت درجة المخاطر والأعباء وفي مقدمتها توفير الخدمة المناسبة وسلامة وأمن الحجيج??تتحمل?المملكة أعباء ضخمة ومسؤوليات جسامًا وهي تفتح ذراعيها لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، وشهد هذا العام زيادة في عدد الحجاج القادمين من الخارج وسجل مؤشرًا لم يسبق بلوغه، وتجاوز عدد الحجيج 1.7 مليون، وقدر عدد الحجيج المصرح لهم من الداخل بسبعمائة ألف حاج، هذا عدا حالات التسرب إلى المشاعر والتي قدرت بسبعمائة وخمسين ألفًا وفق معلومات موثقة من إحدى مصادر المعلومات. إذاً نحن إزاء مشكلة على درجة كبيرة من الخطورة، فكلما زاد عدد الحجيج زادت درجة المخاطر والأعباء وفي مقدمتها توفير الخدمة المناسبة وسلامة وأمن الحجيج، قبل عقود كانت المشاعر تشكو شحًا في المياه وانعدام التيار الكهربائي وكنا نتمنى لو وصلت الخدمات الكهربائية إلى المشاعر، وتوفرت المياه، واليوم لم تعد هذه القضية تشغل البال بعد أن تم توفيرها وإن شهدت انقطاعًا مؤقتًا لأي سبب، تذمر من تذمر وبدأ التضجر والشكوى، وكعادة بعض الناس لا يشكرون عندما يعطون بينما يشكون عندما يسلبون. وأحد الأصدقاء من الطائف شرح لي الخسائر التي تكبدها في موسم الحج من جراء منعه من دخول المشاعر لأنه لا يحمل التصريح بالحج وعادوا من حيث أتوا، وتحملوا أيضًا تكاليف شاحنات الماء التي ارتفعت إلى أربعة أضعاف بسبب سحب جزء مما يخص الطائف من مياه التحلية لحساب المشاعر، والجانب الأول يتحمل صديقي تبعاته مع الشكر لرجال الأمن لقيامهم بواجباتهم، أما الجانب الآخر المتعلق بشح المياه في الطائف وربما غيرها فهو محل نظر المسؤولين وواحدة من نتائج زيادة عدد الحجيج. الغذاء بفضل من الله كان متوفرًا والخدمات الصحية كانت أيضًا متوفرة لكن الأمر يستدعي الحيطة والحذر، ولو انتشر لا قدر الله أي وباء صحي فإن الخدمات الصحية التي توفرت حاليًا لا تستطيع الوفاء بالقيام بواجباتها فضلاً عما يسببه كثرة البشر من إعاقة في الطرقات والممرات مما قد يتعذر حتى على المسعفين القيام بواجبهم، مع ملاحظة أننا استثنينا حالات وقوع مصابين من جراء الحرائق لا قدر الله أو التدافع على جسر الجمرات أو في الطواف كما أننا استثنينا أعمال العبث أو التخريب في المشاعر أو مكة على الرغم ان في السجلات القديمة ما يؤكد حدوثها، هناك خدمات مباشرة تقدم للحجاج من قبل مؤسسات الطوافة أو من قبل مؤسسات حجاج الداخل وكلها تتأثر سلبًا بعدد الحجيج المتنامي. وهناك عبء أمني لا يقدره إلا المختصون قد يستدعي في بعض الأحيان قفل بعض الطرق كما حدث هذا العام عندما أغلق أحد الطرق المؤدية من عرفات إلى منى ثلاث عشرة ساعة وعندما وصل بعض القادرين على المشي إلى منى وجدوا سيارة جيب وموتر سيكل وثلاثة جنود قد أغلقوا الطريق تنفيذًا للتعليمات التي تلقوها في الوقت الذي يعد هذا الطريق من الشريانات المهمة التي يعول عليها دائمًا وقد يكون لهم عذر ونحن نلوم، في المقابل تكبد الحجاج ممن كانوا على هذا الطريق مشاق جمة وبينهم العجزة وكبار السن ومرضى السكر ونفد ما لديهم من مؤن للطريق وشعر بعضهم باحتقان شديد لعدم تمكنهم من استخدام (دورات المياه) لبعدها عنهم، وأما من أدرك الوصول إليها فعليه بالانتظار حتى يأتي دوره في الدخول، فضلاً عن ما يسببه الانتظار الطويل من أذى بالغ على الإنسان. مرة أخرى أليس في زيادة عدد الحجاج تأثير بالغ على الخدمة المقدمة لهم والمضايقات المتنوعة فضلا عن التدافع والتزاحم والاختناقات البشرية. أعتقد جازماً أن في وسعنا تقليص عدد الحجيج من أجل راحتهم وسلامتهم، إذا استطعنا تحقيق ما يلي: 1- تعميق مفهوم الاستطاعة في الحج حتى لا يؤديه إلا القادر صحيًا ونفسيًا ويملك الحد الأدنى من النفقة عليه أما العجزة وكبار السن والمعتلون بدنيًا أو الفقراء فهم معفون من الحج أصلاً لعدم توفر الاستطاعة، وهذا يتطلب جهدًا من الدعاة وأئمة المساجد، ويندرج ضمن المعفين من الحج كل من سبق له الحج من باب الإيثار للغير وأحسب من ترك الحج يقصد به وجه الله وهو قادر عليه حبًا في إفساح المجال لغيره سوف ينال مثوبة عظيمة، فهل في وسعنا بذل الجهد لتعميق مفهوم الاستطاعة في ضوء فقه الواقع. 2- وضع المزيد من الضوابط لمنح تأشيرات الحج (مجاملة) عبر سفاراتنا في الخارج أو أي قناة أخرى. 3- تقليص أعداد من تتم استضافتهم في الحج عبر جهات عديدة ووضع الضوابط التي تكفل تحقيق ذلك والتأكد بعدم استضافة من تم استضافتهم في السابق. 4- إقامة ورشة عمل يمثل فيها كل المختصين لمعالجة حالة المقيمين في مكة وتكرارهم للحج ويندرج في هذا من يأتي من خارج مكة مبكرًا استعدادًا للذهاب للحج. وفي سبيل راحة الحجاج وسلامتهم فإن علينا تطبيق الأوامر الملكية الثلاثة بنقل الدوائر الحكومية خارج مشعر منى بما فيها مراكز الدعوة باستثناء مراكز إرشاد الحجاج والتائهين والاستعاضة عن مراكز الدعوة باستخدام التقنية الحديثة الهاتفية للاجابة على استفسارات الحجاج على مدى 24 ساعة وقد تكون المراكز المعدة لهذه المهمة الجليلة خارج مكة. واحسب أن هناك من السبل العديدة التي تستهدف بالفعل تقليص أعداد الحجيج لاسيما من الداخل ووضع المزيد من الضوابط التي تكفل تحقيق هذا الأمر الذي يستهدف التوسيع على الحجاج في المكان وأمنهم وسلامتهم بيد أني على يقين أن الإرادة والصدق مع الله والإخلاص في العمل ثمرته مؤكدة بإذن الله. عن صحيفة المدينة السعودية 1/1/2008