المؤرخ العراقي د.عبدالعزيز الدوري عمان: فقدت الساحة الثقافية العراقية والعربية ظهر أمس الجمعة المؤرخ العراقي الكبير د.عبدالعزيز الدوري عن عمر يناهز ال 92 عام، حيث وافته المنية بالعاصمة الأردنية عمان بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والفكري.
وبحسب وكالة "أصوات العراق" من المقرر أن يشيع جثمان الفقيد بعد صلاة ظهر اليوم السبت إلى مقبرة سحاب شرقي العاصمة عمان، ويقام العزاء بجمعية خليل الرحمن بضاحية الصويفية غربي العاصمة عمان اعتباراً من السبت ولمدة ثلاثة أيام بعد الساعة الخامسة مساء.
المؤرخ الراحل حصل على بعثة علمية في المملكة المتحدة عقب حصوله على الشهادة الثانوية، ونال شهادة البكالوريوس من جامعة لندن سنة 1940، ثم حصل على شهادة الدكتوراه سنة 1942، وعقب عودته لبغداد عين مدرساً للتاريخ الإسلامي في دار المعلمين العالية، وظل بها حتى رقي إلى مرتبة أستاذ. كما أصبح رئيساً لدائرة التاريخ في جامعة بغداد، فعميداً لكلية الآداب والعلوم من 1949 1958 ورئيساً لجامعة بغداد 1962 1966.
كذلك عمل أستاذا زائراً في جامعة لندن بين عامي 1955 1956 وأستاذا زائراً في الجامعة الأمريكيّة في بيروت 1959 1960 واستقر أخيراً أستاذاً للتاريخ في الجامعة الأردنيّة.
ولد عبد العزيز الدوري في بغداد عاصمة العراق عام 1919، توفي في العاصمة الأردنية عمان يوم الجمعة الموافق 19/11/2010م، حصل على بكالوريوس شرف في التاريخ من جامعة لندن عام 1940 وعلى الدكتوراه من جامعة لندن عام 1942، ثم درس التاريخ في دار المعلمين العالية ثم كلية الآداب والعلوم قبل قيام جامعة بغداد.
عمل مؤسسا وعميدا لكلية الآداب والعلوم، ثم رئيسا لجامعة بغداد خلال الفترة 1963-1968 لينتقل بعدها للتدريس في الجامعة الأردنية.
تمكن المؤرخ الراحل عبر مؤلفاته التاريخية العديدة من تقديم صورة جديدة للتاريخ العربي الإسلامي عن طريق دمجه لأصالة البحث التاريخي في مؤلفات المؤرخين العرب القدماء مع أدوات التحليل والبحث التي استقاها من الغرب.
كذلك قدم الراحل برؤية المسلم العربي مجمل العوامل الأساسية المؤثرة في التاريخ دون تحيز لنظرية معينة تضع أحد هذه العوامل أولا فلم يعلي من شأن الإيمان مهملا الاقتصاد ولم يهمل العصبية ليركز على الاقتصاد، كما وضع صورة أكثر وضوحا لأزمات التاريخ الإسلامي مثل فتنة مقتل عثمان ومشاكل العراق الاقتصادية في تلك الفترة ونزاعات الخلافة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وغيرها.
في عام 1945 قدم الدوري كتاب "مقدمة في تاريخ صدر الإسلام" وهو الكتاب الذي يعطي صورة شاملة لتاريخ صدر الإسلام بخطوطه الأساسية، وبما تخلله من تيارات كبرى واتجاهات عامة، ويتضمن الكتاب رسائل ثلاثاً "الرسالة الأولى : مع المؤرخين" وفيها قدم الدوري تحليل نقدي لدراستنا التاريخ العربي من حيث مادتُهُ وطريقةُ بحثه في نواحي تستوجب النظر، و"الرسالة الثانية: نظرة شاملة إلى صدر الإسلام" وهي تحليلٌ لتاريخ هذه الحقبة من مختلف نواحيه بهدف التوصل إلى الاتجاهات الرئيسية التي كوّنت أحداثه وأكسبته صفاته الأساسية مع مراعاة أثر الشخصيات المهمة.
أما "الرسالة الثالثة: تطوّر المجتمع العربي في صدر الإسلام" والتي قدم فيها الراحل مجموعة ملاحظات وآراء في تطوّر المجتمع العربي آنذاك، وتُعتبر إضافةً ضرورية للإشارة إلى التطوّر الاجتماعي والاقتصادي بصورة متّصلة لتكوين فكرة أشمل عن هذه الحقبة.
كتاب أخر للمؤرخ الكبير وهو كتاب "مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي" والذي يعد أحد الكتب النادرة التي تتحدث عن مراحل تطور الاقتصاد في بدايات الدولة الإسلامية.
ومن مؤلفاته الأخرى نذكر "العصر العباسي الأول"، "دراسات في العصور العباسية المتأخرة"، "تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري"، "النظم الإسلامية"، "دراسات في علم التاريخ عند العرب "، "الجذور التاريخية للقومية العربية"، "تفسير التاريخ مع آخرين"، "التكوين التاريخي للأمة العربية : دراسة في الهوية والوعي"، "الجذور التاريخية للشعوبية"، "ناصر الدين الأسد بين التراث والمعاصرة" ، "نشأة علم التاريخ عند العرب".
كذلك كان للمؤرخ الراحل إسهامات فاعلة في كتابة التاريخ الموسوعي العالمي، فكانت له كتابات قيمة وعديدة في موسوعات عالمية منها " دائرة المعارف الإسلامية" وغيرها، كما كلف من قبل منظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" ، لتحرير مشروع كتاب عام يتناول "تاريخ الأمة العربية".
وبحسب إبراهيم خليل العلاف بموقع الحوار المتمدن يعتمد منهج الدوري في تدوين التاريخ على الرجوع إلى المصادر الأصلية ومحاكمتها محاكمة منطقية ، واستخلاص الحقائق التاريخية منها . لذلك اتسمت كتاباته بالدقة والعمق.
وقد عرف عن الدوري اهتمامه بالتاريخ الاقتصادي منذ بدايات حياته العملية، ويرى المؤرخ الراحل أن موضوع التاريخ ، موضوع حي ، ولذلك ينتظر أن تختلف الآراء حول مفهومه ، وأسلوب كتابته وتفسيره ، هذا فضلا عن انه موضوع يتصل بصورة وثيقة بالاتجاهات الفكرية والتطورات العامة ، فيتأثر بها وقد يكون له أثره في بعضها . ويؤكد على الصلة المشتركة بين المؤرخ وحقائق التاريخ، حيث أن المؤرخ دون حقائق لا جذور له والحقائق دون مؤرخ مجردة من الحياة والمعنى .