بغداد: تمر هذه الأيام ذكري رحيل الشاعر معروف الرصافي، وهو شاعر عراقي من أب كردي وأم تركمانية من عشائر القرغول والتي يرجع أصولها إلى قبيلة الشاة السوداء التركمانية التي حكمت العراق وقسماً من إيران زمناً ما قبل العثمانيين. تلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها، وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني. ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس "المبعوثان" العثماني. وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة 1918، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة 1923 فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد. وزار مصر سنة 1936، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد. من اشعاره نقرأ: لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا