السؤال: هل يجب إخراج الزكاة في غير ما اتفق عليه الفقهاء فيما أنتجته الأرض؟ ** يجيب عن هذا السؤال الدكتور محمد عبدالستار الجبالي. أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول: الزكاة تطهير للنفس من البخل والشح والأنانية وحب الذات انطلاقاً من قول اللَّه تعالي: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها".. وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة. قال رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": "بُني الإسلام علي خمس. وذكر منها إيتاء الزكاة". وبالنسبة لما ورد في السؤال فإن الفقهاء قد اختلفوا فيه ما بين قائل بعدم وجوب الزكاة تأسيساً علي حديث رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": "ليس في الخضراوات صدقة".. وما بين قائل بوجوب الزكاة كالإمام أبوحنيفة الذي قال: في كل ما أخرجته الأرض زكاة. مما يقصد بزراعته نماء الأرض واستثماره لعموم قوله تعالي: "ومما أخرجنا لكم من الأر ض" دون تفريق بين نوع ونوع. وفي معناها يقول الإمام فخر الرازي: "ظاهر الآية يدل علي وجوب الزكاة في كل ما تنبته الأرض. كما ذهب إليه فقهاء الحنفية. إلا أن المخالفين لهم قد خصصوا هذا العموم بحديث رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" السابق ذكره: "ليس في الخضراوات صدقة". لكن الحديث ليس من الصحة بحيث يخصص عموم الآية. فبقي استدلال الإمام أبوحنيفة ظاهراً جداً كما استدل إمام الحنفية بقول اللَّه تعالي: "وآتوا حقه يوم حصاده". بعد ذكر أنواع المأكولات من الجنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع والزيتون والرمان. وأحق ما يحمل الحق عليه الخضراوات لأنها هي التي يتيسر إيتاء الحق منها يوم القطع. أما الحبوب فيتأخر الإيتاء إلي يوم التنقية. وكذلك استدل بعموم قول رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": "فيما سقت السماء العُشر. وفيما سُقي بالنضح نصف العُشر من غير فصل بين زرع وزرع. ولعل هذا هو الرأي الموافق لحكمة تشريع الزكاة. فليس من الحكمة فيما يبدو أن يفرض الشارع الزكاة علي زراع الشعير والقمح ويعفو صاحب البساتين من البرتقال والمانجو وغيرهما وعن حصر الصدقة في الأقوات تأسيساً علي ما ورد عن رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" من أحاديث فلم يسلم من الطعن. وعلي فرض صحتها فقد تأول علي أنه لم يكن ثمة غيرها. وبرأي الحنفية قال ابن العربي من المالكية ور جحه الترمذي. حيث قال: وأقوي المذاهب في المسألة. مذهب أبي حنيفة دليلاً وأحوطها للمساكين وأولاها قياماً بشكر النعمة ومصلحة الفقراء.. وهذا دليل واضح علي أن الفقه يواكب كل مستجدات العصر وصالح لكل زمان ومكان ويراعي مقتضيات الحال وطبيعة البشر. المصدر: جريدة "الجمهورية" المصرية.