129 متدربا اجتازوا 4 دورات بختام الأسبوع 31 من خطة المحليات بمركز سقارة    رئيس المصرية للاتصالات: بطولة البرمجة الدولية أظهرت للعالم قدرتنا على تقديم خدمات الاتصالات الفائقة    ممثل أبو مازن بالأمم المتحدة: الشعب الفلسطيني ضحية قرارات دولية لم تكن من صنع يديه    فرحة هستيرية.. احتفالات لاعبي ريال مدريد بعد الفوز على مانشستر سيتي    شريف يقود هجوم الخليج لمواجهة التعاون بالدوري السعودي    تعرف على التصنيف العالمي للاعبي منتخب الكاراتيه قبل انطلاق منافسات الدوري العالمي    ️نائب محافظ القاهرة: لا تهاون فى إزالة العقارات المخالفة بحى مصر القديمة    النيابة تخلي سبيل 3 متهمين بالاتجار في النقد الأجنبي بالرحاب    الحماية المدنية بالفيوم تسيطر على حريق في منزل دون إصابات بشرية    طلب إحاطة لوزيري النقل والثقافة بإزالة متحف وجزء من منزل الفنان الراحل نبيل درويش    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابي بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    دخل مصر| تحذير من الذباب الصحراوي.. أغلقوا النوافذ    تنسيق 2024.. برامج طب وصيدلة لفرع جامعة وسط لانكشاير بالعاصمة الإدارية    رسالة حسام عاشور إلى الخطيب وجماهير الأهلي.. ونصيحة لإمام    بعد طرحها بساعات.. الترجي يعلن نفاد تذاكر مباراة صنداونز في دوري أبطال أفريقيا    لدعم التحول الرقمي.. جامعة سوهاج تفعل منظومة الكروت الذكية لتداول الوقود    الاتحاد الأوروبي: توقيع اتفاقية تمويل جديدة مع مصر لدعم التعليم الفني والمهني    "الإسكان" تكشف تفاصيل مبادرة سكن لكل المصريين وموعد تسليم الشقق الجديدة    جثة أمام النادي الأولمبي.. علاقة شاذة تقود جامع القمامة إلى طبلية عشماوي بالإسكندرية    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد يتفقدان التصفيات النهائية لمشروع تحدي القراءة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    المتحدة للخدمات الإعلامية تكشف عن موعد طرح فيلم "السرب" في جميع دور العرض المصرية    محافظ الشرقية: إحالة المقصرين في عملهم بالمنشآت الخدمية للتحقيق    أبرزها اقترابه من الشاشات.. علامات تكشف ضعف النظر عند طفلك    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره البولندي    عالم هولندى يحذر من زلزال مدمر بدرجة 8 ريختر غدا بسبب اقتران الأرض بعطارد    أرتيتا يرفض الاستسلام للأحزان بعد خروج أرسنال من دوري أبطال أوروبا    خاص.. لجنة الحكام تعترف بخطأ احتساب هدف الزمالك الثاني ضد الأهلي    توقعات برج العقرب في النصف الثاني من أبريل 2024: صحة جيدة ومصادر دخل إضافية    المفتي يفتتح أول معرض دولي بالتعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    أمين الفتوى: سيدنا النبي نصحنا بهذه الأدعية    ماركا: ريال مدريد استخدم أسلوب أرسنال الدفاعي لعبور مانشستر سيتي    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    توقيع الكشف الطبي على 1632 حالة في قافلة مجانية بالمنيا    برلمانية: إدخال التأمين الصحي في محافظات جديدة يوفر خدمات طبية متميزة للمواطنين    6 أمراض تهددك في الربيع- هكذا يمكنك الوقاية    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    إعدام طن مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسوهاج    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    إعادة تشكيل الأمانة الفنية للمجلس الأعلى للتعريفة الجمركية    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم بإحراز سلاح بدون ترخيص فى سوهاج    48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل.. من هم؟    اتحاد المعلمين لدى «أونروا» في لبنان ينفذ اعتصاما دعما لغزة    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    طبيب الأهلي يكشف تطورات المصابين قبل مواجهة مازيمبي    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحل مشكلة الفقر في‏3‏ سنوات
الزكاة وسيلة للإنتاج وليست للإحسان

الزكاة فرضت في الاسلام من أجل التكافل الاجتماعي و لقد كان الدور الأساسي للزكاة اعادة التوازن في المجتمع‏,‏ ولا يخفي علي كل فرد من أفراد المجتمع ما يمر به الاقتصاد المصري هذه الايام من اهتزاز علي مختلف المستويات, لذا كان السبق للفكر الديني ب الأهرام في طرح فكرة دفع الزكاة والهبات والصدقات لدعم الاقتصاد علي دار الإفتاء باعتبارها المرجعية الأولي للفتوي في مصر.. وكان الرد منها جواز ذلك ولكن بشروط, اخذنا هذه الفتوي التي شارك فيها أكثر من عشرين عالما واستغرقت مائتي ساعة عمل و طرحناها علي العلماء و المتخصصين في العلوم الشرعية و الاقتصاد الإسلامي و اخذنا آراءهم في كيفية تطبيق هذة الفتوي علي أرض الواقع, إسهاما منا في تقديم ورقة عمل إلي من يهمه الأمر حتي تخرج البلاد من أزمتها الحالية, فكان التحقيق التالي.
في البداية كان لزاما علينا أن نتذكر ما جاء في فتوي الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية حول هذا الموضوع حيث أكد جواز اخراج اموال الزكاة في المشروعات الانتاجية والاستثمارية التي تخدم مستحقي الزكاة من الفقراء والمحتاجين والغارمين وغيرهم وذلك بشروط ثلاثة, الاول: ان يتحقق من مال الزكاة مصلحة حقيقية راجحة للمستحقين كتأمين مورد دائم يحقق لهم الحياة الكريمة, الشرط الثاني: أن يخرج صاحب مال الزكاة التي وجبت عليه عن ملكية هذا المال ويتم تمليك المشروع للفقراء كأن يعمل مثلا في صورة شركة مساهمة تملك أسهمها للفقراء ولا تكون ملكيتها لصاحب المال الذي اخرج الزكاة, بل لابد أن تخرج اموال الزكاة من ملكيته لتبرأ ذمته ويتحقق إيتاء الزكاة و إخراجها وإلا صارت وقفا وليست زكاة. واشتراط تملك للفقراء يدل عليه ظاهر الآية إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم و في الرقاب والغارمين وفي سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم والشرط الثالث: أن نتخذ جميع الإجراءات التي تضمن نجاح تلك المشاريع بعد أن تملك للمستحقين ملكا تاما ولا يصرف ريعها إلا لهم.
وقد نص الفقهاء من الشافعية والحنابلة علي جواز استثمار أموال الزكاة من قبل المستحقين بعد قبضها لأن الزكاة إذا وصلت الي أيديهم أصبحت مملوكة ملكا تاما لهم وبالتالي يجوز لهم التصرف فيها كتصرف الملاك في أملاكهم فلهم إنشاء المشروعات الاستثمارية وشراء أدوات الحرفة وغير ذلك. وبناء عليه فإنه يجوز عمل مشاريع استثمارية وإنتاجية بأموال الزكاة والهبات والصدقات لدعم الاقتصاد المصري وتوفير فرص العمل للشباب وعن طريق تجهيز الجيوش من مصرف وفي سبيل الله وعن طريق معالجة الأزمات للمحتاجين والمضطرين وعن طريق تجهيز المستشفيات الخيرية بالمعدات والأدوية التي تسهم في علاج الفقراء المرضي..أما التوسع في صرفها علي بناء المساجد ودور العبادة أو بناء المستشفيات والمنشآت الخدمية فليس هو من شأن الزكاة, لأن الزكاة شرعت للإنسان لا البنيان وهي من حق الساجد قبل المساجد ويمكن الصرف علي هذه الأمور المذكورة من التبرعات والصدقات والأوقاف وغيرها من أعمال الخير وسبل البر المختلفة.
حملة إعلامية
وفي تصريحات له اكد المفتي ان مقدار ما يجمع من الزكاة في مصر نحو مليارجنيه فقط في السنة من أصل سبعة مليارات جنيه هي مقدار حق زكاة المال في مصر, هذا بخلاف الهبات والصدقات النافلة الأخري.واشار المفتي الي أنه يمكن القضاء علي الفقر في مصرخلال ثلاث سنوات إذا تم التحصل علي اموال الزكاة كاملة. وناشد المفتي كل من تجب عليه الزكاة المسارعة في إخراجها حتي يتم القضاء علي أضلاع مثلث التخلف وهي الفقر والجهل والمرض وطالب بحملة إعلامية لحث الناس علي إخراج الزكاة, خاصة أن حقها لا يسقط من ذمة الواجبة عليه إلي أن يؤديها.
وسيلة للإنتاج
في مستهل حديثه أشار الدكتور علوي امين خليل استاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر إلي ان رئيس باكستان في المؤتمرالعالمي الثاني للاقتصاد الاسلامي قال:إننا من خلال الزكاة امكننا الوصول الي فئات لم نصل اليها بدونها, وعن طريق الزكاة حققنا إنتاجا لم نستطع تحقيقه, وبذلك تعتبر الزكاة ليست وسيلة للاحسان بقدر ما هي وسيلة للتنمية والانتاج, ولم تكن دعوة الاسلام الي الزكاة دعوة نظرية, ولكنها دعوة عملية قائمة علي التنفيذ والتحديد, ولذلك حدد الاسلام الاموال التي تجب فيها الزكاة ومتي تجب والقدر الذي يجب إخراجه والحد الادني لها والفئات التي تصرف لها الزكاة.
واشار الي ان هناك من الاموال ما يجب فيها العشر كالزروع والثمار التي خرجت من الأرض بغير جهد من الإنسان, فإذا بذل الإنسان جهدا مكلفا كأن سقي بالآلات مثلا ففيه نصف العشر وهذا القدر المفروض يتكرر كل زرعة, وهناك مال يجب فيه ربع العشر وهو النقدان وعروض التجارة ويجب ذلك القدر كلما حال الحول وبلغ النصاب كماله طول العام علي أرجح الأقوال ويدخل في عروض التجارة كل مال مستثمر كالمصانع والعمارات والأسهم و غير ذلك.
وهناك مال يجب فيه الخمس وهو ما صادفه الإنسان مجموعا محصلا مدفوعا مثل السبائك و المعادن و البترول و غير ذلك وهو ما يسمي بالركاز وهذا القدر المفروض يجب إخراجه حين الظفر به ومما يؤخذ فيه الخمس أيضا الغنائم وهناك الحيوانات أو ما يعرف بالأنعام وهي الإبل و البقر و الغنم وقد وضع الإسلام لها نظاما خاصا.
مسئولية الدولة
و أكد الدكتور علوي خليل علي أن الحكومة هي التي يجب أن تتولي جمع أموال الزكاة وتوزيعها, ويكون الحاكم خازنا أمينا علي هذه الأموال فيأخذها من حقها ويصرفها إلي حقها وليس له منها إلا أن يأكل بالمعرف إذا احتاج ويستعفف إذ استغني, مشيرا إلي أن من حكمة الإسلام وحرصه الشديد علي مصلحة الفقراء وذوي الحاجات أنه وكل جمع الزكاة لتوزيعها إلي الدولة ولم يوكلها إلي ضمائر الأفراد حتي لا تحدث فوضي في التوزيع.
وأوضح أن في الزكاة شمولا يكفي لسد جميع احتياجات المجتمع أفرادا و جماعات اجتماعيا وعلميا و اقتصاديا وعسكريا, ونحن في هذه الايام ما أحوجنا إلي استثمار أموال الزكاة بالشروط الواردة في فتوي دار الإفتاء حتي يعم الخير علي مستحقي الزكاة و بما يعود علي المجتمع كله من المنفعة العامة ونجتاز الأزمة الراهنة وكم من أزمات مرت علي الأمة أكبر من تلك الأزمة فخرجت منها قوية عفية, وليعلم الجميع أن في الاقتصاد الإسلامي علاجا ناجعا لكل المشكلات الاقتصادية.
مؤسسة للزكاة
ولتفعيل الفتوي علي أرض الواقع, يطالب الدكتور فياض عبدالمنعم أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر بإنشاء مؤسسة عامة مستقلة للزكاة تكون لها الشخصية الاعتبارية, ولها ميزانية مستقلة عن الموازنة العامة, تقوم علي تنفيذ فريضة الزكاة جمعا وتحصيلا وصرفا, تنشأ لها فروع في المحافظات, وفي المدن والقري والمراكز والأحياء, تخضع جميعها لقاعدة مركزية للمعلومات تورد لها الزكاة والهبات والتبرعات,وتنفق الزكاة في مكان جمعها أولا, ويورد الفائض الي المركز الرئيسي, وإن احتاجت بعض الفروع تأخذ من المركز الرئيسي, وتقدم تقريرها السنوي للبرلمان المصري ويراقب حساباتها الجهاز المركزي للمحاسبات, وتحسب الزكاة المستحقة علي الفرد علي أساس الاقرار المقدم منه.
أما الشركات بأنواعها, فتخضع لنظام معتمد لحساب الزكاة. وهذه المؤسسة الجديدة يضم لها كل صناديق الزكاة في مصر, لتوحيد الكيان, ويمكن أن تتحول تلك الصناديق إلي فروع محلية, لكن مواردها وإنفاقها خاضعة لسياسات وقرارات وتعليمات واشراف إدارة المؤسسة, مع المحافظة علي أصل محلية الزكاة ويجوز الطعن علي ربط الزكاة أمام القضاء مثل الضرائب تماما. ولمؤسسة الزكاة الحق في طلب بعض البيانات من بعض الجهات الاقتصادية, والعاملون في المؤسسة يعاملون كموظفي الضرائب, ويجوز للمكلف أن يؤدي بنفسه نسبة من الزكاة المستحقة عليه(25% مثلا) لجيرانه وأقاربه, ولايجوز أن يتجاوز سهم العاملين عليها8/1 الزكاة أي12.5% وتسري علي مال الزكاة الأحكام المقررة لحماية المال العام, وبيانات الزكاة سرية فيما يتعلق بالاشخاص.
آلية التحصيل
وأوضح الدكتور فياض أن الزكاة المفروضة علي المال, يتم تحصيلها وفقا للنسب الشرعية, حسب طبيعة هذا المال باعتبار الزكاة تنظيما اجتماعيا, فالأصل كما كان في عهد النبي( صلي الله عليه وسلم) والخلفاء من بعده, أنه لا يتولي توزيعها من تجب عليهم وإنما الذي يتولي جمعها وتحصيلها المسئول العام المختص الذي يحدده القانون المنظم للزكاة, لأن هذا واجب منوط بمسئولية الامام في الأمة, وقد صرح النبي( صلي الله عليه وسلم) بذلك عندما كان يأمر بجمع الزكاة من الأغنياء وتوزيعها علي الفقراء, ولأن هذا ايضا فيه نفي لمعني الاحسان الفردي, والزكاة واجب علي الغني وحق للفقير, فتعطي في كرامة وبدون استجداء, وهذه نقطة هامة جدا, ثم ينظم القانون المختص طريقة جمع الزكاة وتحصيلها حسب المناسب لكل نوع من المال فيجري حساب وتحصيل الزكاة علي الشركات, ومن الأفراد ومن النشاط الزراعي والتجاري والحيواني وعلي الاسهم.
أهل الذمة شركاء
وأضاف الدكتور فياض عبد المنعم أنه يستفيد من تلك المؤسسة كل المواطنين بما فيهم الإخوة الأقباط فالاسلام يكفل حق المواطنين غير المسلمين في الدولة المسلمة باعتبارهم شركاء في الوطن يشاركون في بنائه وفي رخائه وفي الدفاع عنه لذا تقيم شريعة الاسلام مجتمعا حرا كريما لكل فرد فيه, في نظام تكافلي متكامل دون تمييز أو طائفية, فالاسلام في اصله ينظر الي المال علي انه نعمة يستخلف فيها الانسان,فالمال مال الله والعباد عباد الله, قال تعالي وما ارسلناك الارحمة للعالمين, وروي ابن زنجويه في كتابه الاموال عن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلي الله عليه وسلم تصدق علي اهل بيت من اليهود بصدقة, فهي تجري عليهم. وذهب زفر والزهري وابن شبرمة الي ان الزكاة تعطي للذمي, واستدلوا علي ذلك بعموم آية الصدقات وبقوله تعاليلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين, كما ذهب ابو حنيفة ومحمد الي اعطائهم من زكاة الفطر, وعلي ذلك يعطي الفقير الذمي من الزكاة عند تطبيقها علي المستوي القومي في بلادنا وتؤخذ من أغنيائهم بشروط الزكاة وهي معدلات منخفضة للغاية(2.5%), مقارنا بمعدلات الضريبة20% الآن ومن السهولة تنظيميا الفصل أو التخصيص إذا أرادوا ذلك بدون إكراه بأي شكل من الاشكال وخاصة مع تطور اجهزة الحاسوب والمعلوماتية, ونشير كذلك الي اهمية إعمال مبدأ المحلية علي مستوي الاحياء والقري حتي تكون المعلومات صحيحة والوصول الي الفقير ايسر وبالصورة التي تنتشله من الفقر نهائيا.
دراسة حديثة
وفي رسالة دكتوراة للباحثة إيمان أحمد محمد خليل كلية دار العلوم بالقاهرة أكدت الباحثة أن علاج التخلف الذي يحيق بالأمة ويوردها المهالك يكون بالتنمية في جميع المجالات وعلي رأسها المجال الاقتصادي, وهو يعتبر القاطرة التي تجر بقية المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية, والتنمية أحد مقاصد الإسلام عقيدة وشريعة, فردا وأمة وهو قائم علي منظومة من القيم الأخلاقية وعلي التوازن الدقيق بين موارد الأمة وأوجه إنفاقها.
ولما كانت الزكاة وعاء ماليا يشترط فيه الملك التام والنماء وبلوغ النصاب, وأن يكون زائدا عن الحاجات الأصلية, ويحول الحول عليه أو تستحق عند حصاده كالزروع والثمار أو عند الحصول عليه كالكنوز المدفونة والمعادن, فإن حصيلة الزكاة في مجموع أفراد الأمة تمثل رصيدا هائلا بالنظر إلي الأموال التي تجب فيها الزكاة كالنقدين وما في حكمهما والثروة التجارية والصناعية والزراعية والحيوانية.
وأشارت الدراسة إلي إن استثمار أموال الزكاة يضمن للفقراء والمساكين نفعهم ومواساتهم بإيجاد وسائل استثمارية تنتج حرفا دائمة تعينهم وتستوعب احتياجاتهم. كما يضمن زيادة العائد المادي للعاملين عليها وزيادة استيعاب المؤسسات الزكوية لأعداد من أصحاب الكفاءات والخبرات التشغيلية والتسويقية والإغاثية والإعلامية والدعوية والعلمية. بالإضافة إلي استيعاب المؤلفة قلوبهم الذين يستحقون نصيبهم من أموال مؤسسات الزكاة سواء كانوا كفارا يرغب في دفع أذاهم عن المسلمين, أم يتم دعوتهم ليدخلوا في دين الله, أو حتي حديثي العهد بالإسلام يتم استيعابهم بهذا المال, وهذا من أوجب الواجبات في عصرنا الحاضر الذي انتشرت فيه هجمات الشرق والغرب علي الأمة لإذابة هويتها.
نظام شامل
اضافت الدراسة أن الضمان الاجتماعي الذي يحققه استثمار أموال الزكاة وتعظيم عائدها يهدف إلي اطمئنان كل فرد في الأمة الإسلامية إلي وقوف الدولة بجانبه إذا اعتورته يد المصائب, أو أحاطت به جائحة الفقر والعوز, كما أن هذا الضمان يقوم علي أساس التوزيع العادل المتوازن بين مصارف الزكاة الشرعية هذا في حالة تساوي الأعداد والحاجات, أما إذا اختلفت الأعداد والحاجات فمن العدل ان يصرف لكل صنف ما يفي بحاجته..واوضحت إن استثمار أموال الزكاة يضاعف تداول الأموال ويبعث الحركة في الأسواق ويؤدي إلي زيادة الإنتاج ومن ثم ارتفاع معدلات العرض الكلي الإنتاجي فتنتعش الأسواق ويزيد المال مما يوسع دائرة المستفيدين من أموال الزكاة, فيزيد الطلب الكلي الإستهلاكي, مما يحفز المنتجين علي زيادة الإنتاج والاستثمار, فتزيد فرص العمل وتشغيل العمالة, وتزيد حركة المال وتداوله بين الناس بصورة أوسع وأسرع. ويؤدي استثمار أموال الزكاة أيضا إلي تعميق دور الزكاة في إعادة تخصيص بعض الموارد بحيث تنتقل من إنتاج السلع الكمالية التي كانت حصيلة الزكاة ستنفق عليها لو بقيت في أيدي الأغنياء, إلي انتاج السلع الكفائية التي ينفق عليها أغلب ما يتلقونه من حصيلة الزكاة.
خطوات واجبة
واختتمت الباحثة إيمان خليل دراستها بعدد من الخطوات العملية التي تمكن مؤسسة الزكاة من تحقيق الأدوار التنموية المنوطة لها, تتمثل في:
أولا:إنشاء مراكز للدراسات والأبحاث الاستراتيجية المؤهلة لدراسة واقع الأمة وإمكانات العالم الإسلامي وطاقاته العقلية وتفتيت العوائق التي تحول دون الاستفادة من هذه الطاقات لتفاديها أو معالجتها ثم وضع خطة تدريجية تقدم فيها الأولويات كل حسب أهميته, ولابد من الإشارة إلي ضرورة الاستفادة من كل ما هو حديث سواء كان أساليب أو وسائل أو مناهج علمية معاصرة ما دام لا يصادم التشريع. ورفع مستوي القدرة الفقهية ومؤسسات الاجتهاد الجماعي وذلك لظهور أنواع جديدة من الأموال, ومجالات الاستثمار وأساليب التحويل وتعقيداته يتطلب مواكبة فقهية لها من خلال وجود آلية للاجتهاد في هذه المسائل, وتفعيل قرارات مؤسسات الاجتهاد الزكوي التي تراكمت عبر السنين للاستفادة منها في مكافحة الفقر ومحوه. وتخصيص جزء من أموال الزكاة في تمويل المشروعات الصغيرة الخاصة بالفقراء باستخدام أساليب التمويل الإسلامية المعاصرة.
ثانيا: التيسير علي أرباب المال عند جبايتها للزكاة فلا تلزم المتصدقين بالصورة التقليدية في الصدقات, وإنما تأخذ بالإجتهادات المعاصرة بحيث تقبل من المتصدق كل ما هو مال سواء كان نقدا أو عينا أو منفعة أو حقا ما دام يحقق مصلحة مشتركة للغني والفقير والبعد عن التعصب المذهبي والتقيد بآراء مذهب علي حساب ما تقتضيه مصلحة الفقراء والأموال الواجبة لهم جباية وحفظا وتوزيعا.
ثالثا:تكوين جهاز إعلامي يتبع مؤسسة الزكاة يكون قادرا علي التأثير بشكل متطورومتنوع بعيدا عن الصور المنفرة والمحزنة أو المغالية المفرطة, وإبراز دور الزكاة في تنمية رأس المال البشري من خلال تعزيز دورها في مواجهة الجهل والأمية ونشر العلم, والمحافظة عليه وتدريب الفقراء علي مهارات فنية جديدة.
رابعا:تعزيز دور الرقابة علي مؤسسة الزكاة المعاصرة من خلال تعددها وتنوعها ووجوب أن تتضمن الرقابة الشرعية من خلال العلماء المجتهدين الثقات الذين يجمعون بين رسوخ العلم الشرعي وقدرتهم علي استيعاب مقتضيات العصر, ثم الرقابة المالية والإدارية والتي يجب أن يقوم بها أساطين علم الاقتصاد والإدارة المعاصرين الذين يجب أن يستوعبوا جميع النظريات والأطروحات والتجارب المعاصرة وإعادة صياغتها بما يفيد العمل الزكوي الإستثماري ولا يصطدم مع محكمات الشرع واجتهاد المجتهدين المجمع عليه, وأخيرا رقابة الأمة( الرقابة الشرعية الشعبية) التي تراقب عمل المؤسسة فإذا رأت اعوجاجا أو انحرافا بادرت بالمساءلة والمحاسبة وايقاف كل متجاوز عند حدوده أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وحسبة لله ورسوله وللمؤمنين.
خامسا: انشاء اتحاد عالمي لمؤسسات الزكاة علي مستوي العالم الإسلامي وذلك لتبادل الخبرات والتجارب وتذليل الصعوبات والتعاون في سد العجز والنقص في الوسائل أو الأساليب أو حتي في العنصر البشري. والعمل علي إنشاء بنك عالمي تضخ فيه أموال الزكاة الإستثمارية, وتنتقي فيه أدوات الاستثمار وآلياته بما يتوافق مع محكمات الشرع. وإنشاء جائزة خاصة لأفضل المشاريع الزكوية الاستثمارية, وأفضل الأبحاث لإثراء موضوع استثمار أموال الزكاة, وأفضل مؤسسة, وأفضل العناصر البشرية التي حققت أفضل عائد لاستثمار أموال الزكاة.
سادسا: وضع آليات لتعظيم تمويل مؤسسة الزكاة من خلال تشجيع بعض الأساليب والأدوات الشرعية مثال: تعجيل الزكاة والقروض الحسنة واعتماد عقود المشاركة والمضاربة والإجارة والإستصناع والمزارعة, وكذا عقود المرابحة للآمر بالشراء, وايضا عقود السلم ثم التمويل بالصدقات الجارية والوقف والوصية قبل الموت. والاستفادة من عقود الضمانات التي تضمن بها مؤسسة الزكاة أموالها واستثماراتها وتقليل الخسارة المتوقعة ومن هذه العقود: عقود الرهن وعقود الكفالة وعقود التأمين التعاوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.