زيوريخ: قدر المشاركون في مؤتمر "نحو توزيع عادل للثروات" أن حجم الرشاوى التي تهرّب من أفريقيا إلى الملاذات الضريبية تبلغ 30 مليار دولار سنوياً، مما يدفع سكانها للعيش في ظل الفقر المدقع على رغم ثرائها بالخامات الأولية مثل النفط والماس والذهب والنحاس والبلاتين وغيرها. وناقشت منظمات غير الحكومية العاملة في مجال التنمية الاقتصادية هذا الملف ،مؤكدة أن التغلب على تلك المشكلة المزمنة يتطلب السير في طريقين متوازيين، أولهما يستوجب تطوير أنظمة حكم رشيدة تدرك كيفية التعامل مع موارد البلاد الطبيعية بما يضمن حقوق شعوبها، ويقضي الثاني بالتزام شركات استخراج المواد الخام والتجارة بها، الشفافية في التعاملات المالية مع حكومات الدول لضمان التصدي للرشاوى وعمليات غسل الأموال. وفي هذا الصدد تقول رئيسة منظمة "سويس آيد" السويسرية غير الحكومية كارولين موريل، لصحيفة "الحياة" اللندنية إن الموارد الطبيعية يجب أن تكون نعمة على شعوب الدول التي تنتجها، وليست نقمة عليها، فنحن نرى أن أغلب الصراعات المسلحة والكوارث التي تعقبها تحدث في دول من المفترض أن تتمتع بالاستقرار نتيجة ثرواتها. وترى موريل أن الشفافية في التعاملات المالية بين الشركات والحكومات "تصب في مصلحة الطرفين"، ومن جهة ثانية "ستجد الحكومات ذاتها مضطرة إلى الالتزام بالكشف عما تحصل عليه حقيقةً من شركات التعدين، نتيجة السماح لها بالتنقيب واستخراج ثرواتها الطبيعية، ومن ثم يمكن الشعوب أن تحاسب تلك الحكومات حول معدلات الإنفاق وأوجهه لتطوير مجتمعاتها بما فيها البنية التحتية الأساسية". وتؤكد موريل أن "من مصلحة الشركات الكبرى أن تستقر الأوضاع السياسية والاجتماعية في الدول التي تمارس فيها أنشطتها، لأنها تنعكس إيجاباً على جميع الأطراف ولمدة طويلة". ويرى رئيس "مباردة الشفافية في تعاملات شركات النفط والتعدين" بيتر أيغن، من المفارقات "أن نحو ثلاثة مليارات ونصف المليار انسان محسوبون على فقراء العالم، بينما يعيشون في دول تتمتع بثروات طبيعية مختلفة" ويبرر أسباب التناقض ب "الرشاوى التي تسددها شركات التعدين واستخراج النفط إلى حكومات لا تستند إلى شرعية دستورية أو قاعدة ديموقراطية، فتضيع ثروات الشعوب". وحظيت "المبادرة" إلى الآن بتأييد من تسعة وعشرين حكومة أغلبها في أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية، واليمن كدولة عربية وحيدة انضمت إليها، إضافة إلى سويسرا والنروج.