- أرهقه الظل الثقيل لوالده, الذي انتشر فوق حياته يشعره بالاختناق إلى حد صار معه ينظر بعين الحسد لكل من جاء إلى الدنيا لقيطا أو صار فيها يتيما بلا أب. - الرصاصة التي اخطأت في أن تصيب قلبي, من تراه علمها كل هذه القسوة؟ - تلك هي الشمس الساطعة الوهاجة تضيء الكون وتملأه دفئا يكاد أن يصبح قيظا, فلماذا ينتفض قلبي مرتعشا من قشعريرة البرد؟ - رأيتهم يجلسون, رجالا ونساء, إلى المائدة وفي ايديهم الشوك والسكاكين يأكلون من صحاف فارغة, هكذا تصورت العالم بعد استفحال أزمة الغذاء. - تركته يتكلم, ويتكلم, ويتكلم, دون أن أشاركه الحديث أو أرد علي عبارات الاستفهام التي يسوقها في كلامه, لأنني كنت أعرف أنه لم يكن يريد حوارا, وانما يريد افراغ شحنة من الكلمات محشورة في صدره. - هناك بشر ترتقي بهم المناصب وتزداد شرفا, لأنهم أكبر قيمة منها وجاءوا إليها من مواقع أكثر ارتفاعا, وهناك من صعدوا إليها من مواقع متدنية فسعوا للارتتهاد ومثابرة للارتفاع بسلوكهم إلى المستوي الذي يناسبها, وهناك صنف ثالث من الناس تسلقوا إليها تسلقا فهبطوا بها وهبطت بهم مرتطمين بالقاع. - يضوع العبير من حديقة بيتي, وكنت أعرف أن بين ورود الحديقة ورودا لا رائحة لها, لكنني لم أشعر إطلاقا إنني احتاج إلي فرزها لأعرف من صاحبة العبير ومن حرمها الله منه, شعرت أن في مثل هذا الفعل شيئا مجافيا للذوق والأخلاق. - الصديق الذي قضي أعوام شبابه يبحث عن الحب, رافضا أن يتزوج حتي يجد الحب الذي يبحث عنه, فر هاربا من هذا الحب عندما جاء, فقد اكتشف أنه مسئولية لم يعد قادرا عليها بعد ان اعتاد علي العيش وحيدا وأنس إلى حياة خالية من المسئوليات والأعباء العاطفية. - راكضا تحت المطر, مضى الرجل يطارد كرة تجري, دون أن يدركها, راقبته من مكان آمن تحت أحد الشرفات بكثير من الفضول حتي اختفى خلف احدى البنايات, زاد الفضول في قلبي اشتعالا, فتركت الاحتماء بالشرفة وانطلقت خلفه ليرى الناس بدل الرجل الواحد رجلين يلاحقان الكرة, ثم مالبث أن صار هؤلاء الناس ينضمون إلينا في ملاحقة الكرة التي تأبى ان تتوقف, حتى صنعنا زحاما كبيرا يركض تحت المطر وأمامه كرة تجري. - أمسكت الفتاة بالوردة تقطف أوراقها وهي تقول مع كل بتلة تقطفها يحبني, ومع بتلة أخرى, لايحبني وانتهت البتلة الأخيرة مع كلمة لايحبني, لم ترضها النتيجة وظنت أن الوردة تعاكسها وتناكفها فأخذت من سلة الورد وردة أخرى وصارت تقطف بتلاتها, قائلة مرة, يحبني وفي المرة التالية لايحبني وانتهت من قطف بتلات الوردة مع كلمة يحبني ومع ذلك لم تعجبها النتيجة فقد أحست بأن الوردة تجاملها وتضحك في سرها منها وقالت في نفسها أن الثالثة ثابتة وجاءت النتيجة لايحبني, ظلت تقلب نظرها مع الورود القتيلة التي تتناثر اشلاؤها فوق الارض, ونسيت في هذه اللحظة الحبيب الذي قتلت من أجله هذه الورود, غير عارفة ان كان حقا يحبها أو لايحبها ودون ان تراجع نفسها لتعرف ان كل هذا الشك في قلبها يعني بالضرورة أنه ليس جديرا بحبها. - كان رجلا يشبهني ظننت عندما رأيته أنه صورة لي, فتقدمت منه وأنا احاذر ان أصطدم بالمرآة إلا انه لم تكن هناك مرآة كانت هناك امرأة فائقة الجمال تقف بمحاذاته تشبك يدها في يده وكان الطريق سالكا نحوه, وعندما وصلت وجدت المرأة الجميلة بمفردها ولم يكن هناك أحد بمحاذاتها فرجعت اسائل نفسي هل كان الرجل مجرد صورة تصورتها عن نفسي, وأمنية للفوز بتلك الفاتنة روادت خيالي فانتج ذلك الخيال صورة لي بصحبتها لارضائي, ربما اذ لا حدود أبدا لألاعيب الخيال, كما يقول أهل الحكمة في دفاترهم. ** منشور بصحيفة "الأهرام" المصرية 28 أكتوبر 2008