خصوم مشرف يضيقون الخناق عليه حزب بوتو يرفض تقاسم السلطة معه وحمله مسئولية اغتيالها محيط - وكالات مشرف في موقف لا يحسد عليه إسلام آباد: يبدو ان الأيام القادمة سوف تشهد بداية النهاية لحياة الرئيس الباكستاني برويز مشرف السياسية في ظل استمرار تضييق الخناق عليه من قبل زعماء المعارضة الباكستانية والتي ألحقت به هزيمة مدوية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الثامن عشر من فبراير الماضي وذلك رغم الضغوط التي تتعرض لها المعارضة من قبل واشنطن للإبقاء على مشرف في منصبه. فبعد التهديدات التي أطلقها حزب الرابطة الإسلامية- جناح رئيس الوزراء السابق نواز شريف، بسحب الثقة من مشرف في البرلمان وإجباره على الاستقالة، جاء الدور على حزب الشعب، حيث رفض رئيسه بالنيابة آصف علي زرداري زوج زعيمة الحزب الراحلة بي نظير بوتو، قبول اتفاقية تقاسم السلطة معه والتي أبرمتها معه بوتو قبل عودتها الى باكستان. وعلل الحزب موقفه بسبب مسؤولية مشرف عن اغتيال بوتو, وعدم تأمين الحراسة الأمنية لها والتستر على العناصر التي اغتالتها, وإعلان حالة الطوارئ في 3 نوفمبر وهي خطوة لم تكن ضمن بنود الاتفاق, وإصرار مشرف على عدم رد اعتبار رئيس القضاة محمد افتخار تشودري وكافة قضاة المحكمة الدستورية والمحاكم العليا الذين أقالهم, ورفض حزب الشعب كافة التعديلات التي أدخلها مشرف على الدستور الدائم. كما رفض حزب الشعب في بيان نتائج رئيس لجنة التحقيق في اغتيال بي نظير تشودري عبد الحميد الذي قال إن التحقيق توصل إلى أن رئيس حركة طالبان باكستان بيت الله محسود هو المسؤول عن اغتيالها. واتهم الحزب عبد الحميد بالانحياز للحكومة وطالب مجدداً بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في اغتيال بوتو. وكان نواز شريف قد رفض في وقت سابق النداءات المطالبة بخروج سياسي لمشرف يحفظ ماء وجهه. وقال في مؤتمر صحفي عقد في مدينة لاهور شرق البلاد "إن العفو عن جرائم مشرف ليس محل نظر، لا توجد حماية من التصرفات غير القانونية والدستورية التي اقترفها إلى الآن". وأضاف "أدلى الشعب بحكمه، وحكمه هو وجوب خروج مشرف من السلطة". ودعا شريف مشرف إلى التنحي عن السلطة قبل أن يجبر على ذلك. وأكد "في حالة عدم استقالة مشرف فلن يترك لي أي خيار سوى سحب الثقة منه في البرلمان وإجباره على الاستقالة". وكان مشرف قد تعرض لضربة أخرى ولكنها هذه المرة جاءت من حزبه، حيث انشق ستة من كتلة الحزب المؤيد له في مجلس الشيوخ الباكستاني عن "حزب الرابطة الاسلامية - جناح القائد الأعظم" الحاكم سابقاً و "حزب بلوشستان الوطني" الموالي له، وشكلوا كتلة مستقلة في المجلس تمهيداً على ما يبدو للانضمام إلى حزب "الرابطة الإسلامية - جناح نواز شريف" قبل عقد البرلمان الجديد جلسته الافتتاحية الأولى بعد أيام. كانت تقارير إخبارية قد ذكرت في وقت سابق أن مشرف قد يتخلى عن الرئاسة خلال بضعة أسابيع، وسيسمح له بمغادرة البلاد. وأضافت أنه تقرر أن يتسلم نواز شريف منصب رئيس الجمهورية بديلا له. وقالت صحيفة "نوائي وقت" الباكستانية، أنه فور تسلم نواز شريف منصب الرئاسة سيأمر برد اعتبار رئيس القضاة محمد افتخار تشودري وكافة قضاة المحكمة الدستورية الذين عزلهم مشرف بعد إعلان حالة الطوارئ. ويرى محللون ان نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة كانت بمثابة استفتاء على رفض سياسات مشرف بالكامل باعتبار ان القيادات السياسية المؤيدة له خرجت من الساحة السياسية ولم تكتفي بذلك وحسب بل اخفق عدد منها من الفوز بمقاعد برلمانية. ضغوط غربية على المعارضة للإبقاء على مشرف نواز شريف واصف زرداري من ناحية أخرى، تزايدت الضغوط الخارجية على القوى الباكستانية المختلفة، خصوصاً حزبي الشعب والرابطة الإسلامية، لعدم تصعيد الموقف في وجه مشرف بما يؤدي إلى تقليص صلاحياته أو عزله من منصبه. وبدأ سفراء البلدان الغربية في اسلام اباد، وفي مقدمهم السفيران الأميركي والبريطاني، لقاءات مع قيادات في الحزبين لإقناعها بعدم اللجوء إلى عزل مشرف وضرورة التأقلم معه على رغم خسارة الحزب المؤيد له الانتخابات النيابية. وشددت الولاياتالمتحدة في تصريحات على لسان ريتشارد باوتشر مساعد وزيرة الخارجية لشؤون جنوب آسيا ووسطها على دور لمشرف، حليف واشنطن في الحرب على الإرهاب، ضمن التركيبة السياسية الجديدة في باكستان، غير أنه لفت الى ان تقاسم الصلاحيات بين رئيس الوزراء الجديد ومشرف يعتبر مسألة داخلية باكستانية. وحذر صديق الفاروق الناطق باسم نواز شريف من الضغوط على الحزبين، وأشار إلى ما سماه مؤامرة كبرى تحاك لمنع الشعب الباكستاني من ممارسة حقه واختياره الدستوري. وتحدّث الفاروق عن ضغوط قوية تمارسها بلدان غربية، من دون أن يسميها، على حزبي الرابطة والشعب للاتفاق مع مشرف وعدم تقليص صلاحياته أو عزله من منصبه. تدهور الأوضاع الأمنية أحد ضحايا العنف في باكستان من ناحية أخرى، لقي شخصان على الأقل, بينهما مسؤول أمني, مصرعهما وأصيب عشرون آخرون أمس في هجوم انتحاري استهدف قافلة أمنية في منطقة باجور شمال غربي باكستان. ونقلت جريدة "الوطن" السعودية عن المسؤول بالحكومة الإقليمية إقبال ختك قوله، إنه تم العثور على جثة الانتحاري وهي ممزقة داخل السيارة, وتجري أجهزة المخابرات العسكرية حاليا تحرياتها لمعرفة هويته. وجاء التفجير بعد يوم واحد من الهجوم الانتحاري الذي استهدف المشيعين في جنازة نائب رئيس الشرطة جاويد إقبال والذي قتل في وقت سابق أول من أمس بانفجار عبوة ناسفة، وأسفر الهجوم الانتحاري عن مقتل 42 شخصا وإصابة 81 آخرين في منطقة وادي سوات بإقليم الحدود الشماليةالغربية. وذكر المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال أطهر عباس أن قوات الجيش والأمن والشرطة فرضت حظر التجول مساء أول من أمس في مدينة سوات. وتقوم مختلف الأجهزة بتمشيط المنطقة والبحث عن أتباع الملا فضل الله الذين يشتبه في تنفيذهم الهجومين. وأضاف عباس أن الجيش قرر فصل 35 جنديا من حرس الحدود بعد أن سلموا أسلحتهم لعناصر حركة طالبان باكستان عند محاصرتهم في إحدى القرى في بيشاور بدلا من مواجهتهم وقتالهم. كما وضعت أجهزة الأمن والشرطة في أقصى حالة استنفار عندما دخل 4 مهاجمين انتحاريين مدينة روالبندي حيث تقع القيادة العامة للجيش. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إنه يتوقع حصول تفجيرات انتحارية جديدة، مما دفع السفارة الأمريكية في إسلام أباد إلى تحذير مواطنيها بأخذ الحيطة في باكستان، كما نصحت رعاياها بعدم السفر لباكستان إلا في حالة الضرورة القصوى.