اتهم سياسيون باكستانيونواشنطن بالوقوف وراء انهيار الائتلاف الحكومي في باكستان والذي كان قائما بين حزب "الشعب" بزعامة آصف زرداري وحزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف، وظل صامدا لأكثر من ستة أشهر. وأكدوا إن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش نجحت في تحقيق أول اختراقاتها في باكستان بعد استقالة حليفها الرئيس السابق برويز مشرّف في 18 الشهر الجاري، عبر دفع حليفها الجديد آصف زرداري أرمل رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو، إلى التخلّي عن جميع اتفاقاته مع شريف. ويمهد انهيار الائتلاف الحكومي الطريق أمام الحزب الرئيسي، حزب الشعب الباكستاني بزعامة زرداري لاحكام قبضته على السلطة. وجاء انهيار الائتلاف إثر إعلان نواز شريف، الشريك الرئيسي الثاني في الائتلاف، انسحابه من الحكومة وتحوله إلى المعارضة. وسارعت وزارة الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسمها روبرت وود، إلى اعتبار أن ما يجري في باكستان شأن داخلي. غير أنّ ما يؤكد تورط واشنطن في الشأن الداخلي الباكستاني، تصريح زرداري، أول من أمس، بأنه واقع تحت ضغوط أصدقاء في الخارج والداخل. وفيما يؤكد مراقبون أن أصدقاء الخارج هم الولاياتالمتحدة، كشف زرداري عن أن أصدقاء الداخل هم: حزب "عوامي" القومي البشتوني، وحزب الجبهة القومية المتحدة في كراتشي. وكان زرداري وشريف عقدا اتفاقا لتشكيل ائتلاف حكومي إثر نجاح الحزبين في الفوز بالانتخابات التشريعية التي أجريت في فبراير الماضي. واتفق الحزبان على هدف واحد وهو خلع مشرف وهو ما تحقق لهما في الثامن عشر من هذا الشهر عندما أعلن مشرف استقالته ليترك الساحة خالية لحليف أمريكا الجديد في محاربة ما يسمى الإرهاب. ولكن سرعان ما ظهرت الخلافات الحادة بين الحزبين والتي تركزت حول اختيار مرشح للرئاسة خلفاً لمشرف، ومسألة اعادة القضاة الذين عزلهم مشرف إلى مناصبهم. في غضون ذلك، ذكرت مصادر باكستانية أنّ إدارة بوش ضغطت على زرداري لمنع عودة القضاة إلى مناصبهم، وخصوصاً افتخار تشودري، للحيلولة دون فتح سجلات المفقودين الذين سلّموا إلى الاستخبارات الأميركية في مقابل 5 آلاف دولار عن كل معتقل، وملفات مشرف المرتبطة بتعاونه مع الولاياتالمتحدة في حربها على الإرهاب. وخلصت المصادر إلى أنّ إدارة بوش هي الأكثر نفوذاً في باكستان، حيث كانت وراء قرار الرئيس المستقيل إرسال الجيش الباكستاني إلى منطقة القبائل عام 2003، ومنعه من إعلان حالة الطوارئ في أغسطس 2007، لتعود وتسمح له بذلك للتخلص من تشودري. كما قامت السفيرة الأميركية لدى باكستان، آن باترسون، بالضغط على حزب الشعب لمنعه من تنفيذ اتفاق إعادة القضاة الذي توصل إليه الائتلاف الحاكم في إسلام آباد. وحين أراد زرداري الجلوس مكان مشرّف، أقنع شريف بدعمه في مقابل أن يعيد القضاة بعد 24 ساعة على رحيل مشرف. لم يصدقه شريف، مما دفعه إلى القسَم على نسخة من القرآن. وما إن استقال مشرّف، حتى تراجع زرداري عن قسمه. وتقول تقارير إن زرداري حصل على تعهد أميركي بدعمه للفوز بالرئاسة في الانتخابات التي ستجرى في سبتمبر المقبل، في مواجهة مرشح حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) القاضي سعيد الزمان صديقي. كما لمّحت تقارير عديدة إلى أن استقالة مشرف جاءت في إطار صفقة سياسية يأتي بموجبها زرداري رئيساً للجمهورية، لمحاصرة حزب الرابطة الإسلامية وزعيمه شريف بسبب رفضه الانصياع لمطالب واشنطن.