في الوقت الذي فقدت فيه الشركات متعددة الجنسيات (Multinational Company) أو الشركات عبر الوطنية حماسها بعدما لمست الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية فتراجعت أرباحها، وازدادت عمليات تصفية استثماراتها وتسريح العاملين فيها، وشهد عدد منها عمليات إعادة هيكلة أو حالات إفلاس كبرى، أكد تقرير دولي حديث أن الشركات الأجنبية التابعة للشركات متعددة الجنسيات لا تزال تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي، إذ تستأثر بما لا يقل عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتؤمّن فرص عمل لقرابة 78 مليون شخص. ووفق قاعدة البيانات التي ترصدها "أنكتاد" للتوزيع الجغرافي للشركات متعددة الجنسيات، بلغ عدد هذه الشركات الأم ( الرئيسة) في الدول العربية 487 شركة من أصل 82 ألف شركة حول العالم، إلى 4686 شركة تابعة (زميلة أو منتسبة أو فرع) من أصل 807 آلاف شركة على مستوى العالم. وتتركز تلك الشركات عربياً في تونس (142 شركة رئيسة و2895 شركة تابعة) وسلطنة عمان (92 شركة رئيسة و49 تابعة) والإمارات (77 شركة رئيسة و796 تابعة) والكويت (45 شركة رئيسة و31 تابعة) والسعودية (35 شركة رئيسة و97 تابعة) والبحرين (26 شركة رئيسة و64 تابعة) ولبنان (26 شركة رئيسة و58 تابعة) والأردن (11 شركة رئيسة و33 تابعة) ومصر (10 شركات رئيسة و271 شركة تابعة). وفي هذا الصدد أكد المدير العام للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فهد الإبراهيم، - في افتتاحية النشرة الفصلية الثالثة لهذه السنة، الصادرة عن المؤسسة، بعنوان "استثماراتنا لحماية اقتصاداتنا في ظل الأزمة"، - عن أمله في أن تنجح التدفقات الاستثمارية الواردة إلى المنطقة في حماية اقتصاداتها في ظل الأزمة المالية العالمية، خصوصاً أن تقرير الاستثمار في العالم لسنة 2009، أظهر ارتفاعاً في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى الدول العربية (21 دولة) بمعدل 19.4% إلى 96.5 مليار دولار في 2008 وبنسبة 5.3% من الإجمالي العالمي، مقارنة مع 80.8 مليار في 2007، ما يؤكد توجهات تقرير مناخ الاستثمار 2008 الذي أشار إلى ارتفاع التدفقات الواردة إلى الدول العربية (17 دولة) خلال العام الماضي. وتقلت صحيفة الحياة اللندنية عن الإبراهيم أن التقرير العالمي ،الذي رعت المؤسسة إطلاقه في الكويت أخيراً، اتفق مع تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية الذي تصدره المؤسسة سنوياً في إعلانه إلغاء أو تأجيل مشاريع إنمائية في دول عربية إثر اختناقات أسواق الائتمان العالمية، وما يشهده الاقتصاد العالمي من انحسار، ورصد استمرار اتجاه دول في المنطقة لانتهاج سياسات أكثر تحرراً بغرض تهيئة مناخ الاستثمار وبيئة ممارسة الأعمال، وإتباع آليات أكثر فعالية للترويج للاستثمار في المنطقة خلال 2008. أما في ما يتعلق بإجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي الصادرة عن الدول العربية، فأشار الإبراهيم إلى أنها شهدت تراجعاً وفقاً للتقرير العالمي بنسبة 23.3% إلى 39.7 مليار دولار مقارنة مع 51.8 مليار دولار عام 2007. ويعزى ذلك، بدرجة كبيرة إلى انخفاض ملحوظ في قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود إلى أقل من 24 مليار دولار (شراء)، ونزوع الشركات العربية إلى تجنب أخطار الاستثمار في الخارج نتيجة الأزمة العالمية، وتفضيلها توجيه الاستثمارات المباشرة داخل المنطقة العربية، حيث بلغت نحو 34 مليار دولار وفقاً لبيانات المؤسسة. وعلى صعيد عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود التي شهدتها الدول العربية مجتمعة، أشار التقرير إلى عمليات شراء بقيمة 23.850 مليون دولار خلال 2008 بتراجع 36.7% وبنسبة 23.9% من إجمالي الدول النامية البالغ 99.8 مليار دولار وبنسبة 3.5% من الإجمالي العالمي البالغ 673.2 مليار، وأشار التقرير إلى عمليات بيع بقيمة 19.3 مليار دولار ونمو 112%.