انتعاش أسعار النفط يعيد لدول الخليج 100 مليار دولار من خسائرها محيط – زينب مكي في الوقت الذي أجمع فيه الخبراء على أن الدول العربية المصدّرة للنفط تأثرت بصورة مباشرة بأزمة المال والاقتصاد العالمية، متوقعين أن تتراجع إيرادات الدول العربية الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) 43% منخفضة أكثر من 250 مليار دولار، رسم صندوق النقد الدولي صورة متفائلة لاقتصاديات منطقة الشرق الأوسط ومن بينها دول الخليج بخصوص توقعاته للنمو خلال المرحلة المقبلة، وفي ضوء بوادر التعافي التي أظهرها الاقتصاد العالمي. وقال الصندوق إنه مع ارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش المنتظر في الطلب العالمي، يتوقع أن ترتفع الإيرادات النفطية فتسمح للبلدان المصدرة للنفط بإعادة بناء أرصدة احتياطياتها الدولية بأكثر من 100 مليار دولار في عام 2010، ما سيسهم بدوره في وضع الأساس اللازم للحفاظ على مستوى الإنفاق العام. ومن جانبهم توقع خبراء النفط في إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، أن تتراجع إيرادات الدول العربية الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) 43% منخفضة إلى 350 مليار دولار العام الجاري مقارنة بأكثر من 600 مليار في 2008، وبنوا توقعاتهم على انخفاض محتمل في متوسط أسعار برميل النفط (الخام الأمريكي الخفيف) إلى 60 دولاراً من 99.57 دولار في السنة الماضية. كما توقع خبراء النفط الأمريكيون أن تعاني الدول العربية المصدّرة للنفط من انهيار إيراداتها وفوائضها التجارية والمالية، من 380 مليار دولار في 2008 إلى 50 ملياراً السنة الحالية، لكنها ستستعيد جزءاً لا بأس به من قدراتها المالية، وتزيد وارداتها العام المقبل، استمراراً لمساهمتها القوية في انتعاش الاقتصاد العالمي. و في تقريره للربع الثالث من العام الجاري 2009 رجح الصندوق أن تسجل اقتصاديات الشرق الأوسط نموا بنحو 2% للعام الجاري قبل أن يتضاعف إلى 4.2% العام المقبل وأن تتراجع الضغوط التضخمية من 8.3% العام الجاري إلى 6.6% العام المقبل. وفي هذا الصدد نقلت صحيفة "الاقتصادية" الإلكترونية عن مسعود أحمد مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الذي كان يتحدث أمام ندوة عقدها الصندوق أمس في مركز دبي المالي العالمي لعرض توقعاته لاقتصاديات المنطقة خلال المرحلة المقبلة إن اقتصاديات الشرق الأوسط شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة بعد أن انتعشت أسعار النفط العالمية من المستويات المنخفضة السابقة. وتوقع الصندوق في تقريره عودة الاقتصاديات الخليجية إلى النمو القوي خلال العام المقبل محققة نموا بنسبة 5.2% بفضل ارتفاع إيرادات النفط مقارنة بتباطؤ متوقع للعام الجاري إلى 0.7%، كما رجح الصندوق أن تسجل السعودية وخمسة من البلدان المصدرة للنفط في المنطقة فوائض مالية تبلغ 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي العام الجاري مقارنة ب 27.4% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2008، وأن تقدر الفوائض بنحو 10.4% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة خلال العام المقبل. وأوضح أن البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تضررت بصورة مباشرة من الأزمة المالية العالمية نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط والتوقف المفاجئ في تدفقات رؤوس الأموال الداخلة، وكان انخفاض إنتاج النفط قد أسفر عن انخفاض بنسبة 3.5% في إجمالي الناتج المحلي النفطي، بينما واصل إجمالي الناتج المحلي غير النفطي نموه، رغم تراجعه إلى 3.2% ومن المتوقع أن ينتعش إجمالي الناتج المحلي النفطي وغير النفطي لهذه البلدان ليصل إلى 4% تقريباً في عام 2010. وقال الصندوق إنه مع ارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش المنتظر في الطلب العالمي، يتوقع أن ترتفع الإيرادات النفطية فتسمح للبلدان المصدرة للنفط بإعادة بناء أرصدة احتياطياتها الدولية بأكثر من 100 مليار دولار في عام 2010، ما سيسهم بدوره في وضع الأساس اللازم للحفاظ على مستوى الإنفاق العام. ودعا مسعود بلدان المنطقة إلى أهمية العمل على عودة القطاعات المالية إلى وضعها الصحي وتهيئة الأوضاع إلى استقرار أكبر، مشددا على قيام البنوك المركزية بمزيد من الإشراف لمراقبة صحة الأوضاع لدى المؤسسات المالية. كما دعم أيضا فكرة تطوير سوق إقليمي للسندات والصكوك، تكون عاملا مساعدا على تنشيط حركة الإقراض الإقليمية وفتح نوافذ جديدة لتمويل مشاريع البنية التحتية في المنطقة والتي يقدر حجمها بنحو 1.8 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة، بحسب تقديرات د. ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو إجمالي الناتج المحلي في دول الشرق الأوسط المستوردة للنفط 4.5% خلال العام الجاري وهو ما يزيد على ثلاثة أمثال معدل النمو في الدول المصدرة للنفط ويرجع السبب إلى أن البلدان غير المنتجة للنفط استفادت من قوة الإنفاق العام في الدول المنتجة للخام.