شهدت أسعار السلع الغذائية قفزات سعرية مجنونة أرهقت كاهل المواطنين في أغلب دول العالم ومما لاشك فيه أن دول الخليج عانت بصورة كبيرة من ارتفاع الأسعار نتيجة الاعتماد على الاستيراد مما أدي إلى تفاقم الفاتورة الغذائية إلى نحو 12 مليار دولار سنويا. وفي هذا الإطار أكد منظمو أكبر معرض للتجارة الزراعية في المنطقة أن دول الخليج العربية تحتاج إلى معالجة مخاوف أمنها الغذائي المتزايدة بتقليص الاعتماد على استيراد المواد الغذائية وتشهد منطقة الشرق الأوسط تزايداً في الطلب على العديد من السلع الغذائية الأساسية ومنها القمح والأرز ومنتجات الألبان. وتستورد المنطقة حاليا ما قيمته 60% من احتياجاتها من اللحوم التي يقدر حجمها ب5.1 مليون طن متري سنوياً، و90% من إجمالي احتياجاتها الغذائية سنويا. ونقلت صحيفة البيان الإماراتية قول جوتام مالهوترا مدير معرض "اجرا الشرق الأوسط", الذي ينعقد في مركز دبي الدولي للمعارض و المؤتمرات في الفترة من 30 مارس - 1 ابريل 2009: أعتقد أن تبني استراتيجية واضحة تجاه موضوع الزراعة المستدامة لتعزيز الأمن الغذائي في منطقة مجلس التعاون الخليجي بات ضروريا أكثر من أي وقت مضى خاصة مع النمو السكاني المضطرد، وتدني أسعار النفط، ومحدودية الموارد المائية ومساحة الأراضي الصالحة للزراعة إضافة إلى التداعيات السلبية للازمة الاقتصادية العالمية. ومع هذا الوضع تبذل دول المنطقة جهودا كثيفة للتغلب على الظروف المناخية والموارد المائية المحدودة والتربة الفقيرة لتأمين جزء من احتياجاتها الزراعية من خلال تبني تقنيات متطورة ومعدات وآلات وخبرات وتوفير استثمارات للقطاع الزراعي. وفي السياق أعلنت السعودية خلال السنة الماضية أنها قررت التخلي عن إنتاج القمح بسبب ارتفاع تكلفة توفير المياه المطلوبة لإنتاجه. بينما تحاول الإمارات ايجاد حل للمشكلة القائمة عن طريق الاستثمار في أراض زراعية بالخارج في أماكن مثل السودان وماليزيا. وأضاف مالهوترا: سوف يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة تقريبا خلال 40 سنة وأن إجمالي المحاصيل الزراعية سوف ينخفض بنسبة 5.1 % تقريبا خلال نفس الفترة. وبشكل محدد، فإن نمو إنتاج القمح في الدول النامية انخفض بنسبة 3 % منذ عام 1980، في حين تناقص إنتاج الأرز والذرة بنسبة 2 % خلال نفس الفترة. وأوضح أنه مع تزايد المشاريع العمرانية واتساع رقعتها وتأثيرات الظروف المناخية، فإن الحصول على أرض صالحة للزراعة أصبح أمراً صعباً على مستوى العالم. واختتم مالهوترا قوله: مع تنامي أعداد السكان في المنطقة وما يترتب عليه من تزايد الطلب على السلع الغذائية، فان المنطقة تحتاج إلى حزمة من الحلول للتغلب على الظروف المناخية ومحدودية الموارد المائية والتربة غير الصالحة من أجل تأمين جزء من احتياجاتها الزراعية من خلال تبني تقنيات حديثة ومعدات وآلات وخبرات وتوفير استثمارات للقطاع الزراعي. وكانت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" قد حذرت من حدوث فجوة غذائية عالمية جديدة بسبب الانخفاض الملحوظ في محصول الحبوب العام الحالي مقارنة بالحصاد الوفير عام 2008. وقالت المنظمة في بيان لها إن المؤشرات الأولية المتوافرة تظهر انخفاض الإنتاج العالمي الكلي من الحبوب عام 2009 قياسا على سجل الإنتاج العالمي لعام 2008. وعزت المنظمة هذا الانخفاض إلى تقلص عمليات الزرع مقرونة بالظروف الجوية غير المواتية لافتة إلى أن التزام هذا الاتجاه من المرجح أن يفضي إلى هبوط إنتاج الحبوب لدى البلدان المنتجة الرئيسية للحبوب في العالم. وأوضح تقرير المنظمة الذي أوردته وكالة انباء الإمارات "وام" أن أوضاعا ملائمة تسود جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة لإنتاج محاصيل الحبوب الشتوية لكن الرقعة المخصصة لزراعة الحبوب قد تقلصت عموما. وينطوي ذلك على إمكانية تسجيل هبوط حاد في العائدات من مبيعات هذه المحاصيل مقارنة بالسنة الماضية خاصة مع ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية السائد.