ذكر تقرير دولي حديث أن القوة الشرائية لأجور العاملين فى أوروبا والعالم ستتراجع متأثرة بالأزمة المالية العالمية التي اجتاحت كبرى الاقتصادات الدولية متوقعا نشوب نزاعات اجتماعية في مختلف دول العالم في حال اتساع الفجوة بين الأجور المتدنية والعالية ،وداعية خطط الإنقاذ الاقتصادية التي تتبناها الحكومات ان تعالج ليس فقط قضايا المصارف بل مخاوف الاشخاص حول العمل والرفاهية أيضا. وجاء في تقرير صدر مؤخرا عن فرع منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة في برلين أن الزيادة الوسطية للأجور على المستوى الدولي ستبلغ 1.7% خلال هذا العام و1.1% العام المقبل. ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن خبير المنظمة دانيال فاوجان، إن القوة الشرائية في ألمانيا ستتراجع عملياً السنة المقبلة على رغم الزيادات التي حصلت، ما يوسع الفجوة بين الأجور المتدنية والعالية، مضيفاً أن ظاهرة التباعد في الأجور تسم ألمانيا وبولندا والولايات المتحدة أكثر من غيرها من الدول الصناعية، لافتا أن دولاً مثل فرنسا وإسبانيا تمكنت من تقليصها.
ورأت الدراسة أن الفروقات في الأجور لا تزال كبيرة بين الرجل والمرأة التي تحصل على نحو70 إلى 90% من أجر الرجل في معظم البلدان، فيما تتضاءل هذه الفروقات في الدول الآسيوية، داعية المنظمة الحكومات إلى لحظ زيادة الأجور في برامج الدعم الاقتصادي وخفض ضريبة الدخل لتشجيع الاستهلاك الداخلي. وشدّد على أن "لا شيء يناقض مبدأ تحديد حد أدنى للأجور"، وأن لا تأثيرات سلبية له على وضع العمالة في البلاد، في تلميح إلى رفض دولٍ، من بينها ألمانيا، إقرار حد أدنى للأجور. ووفي نفس الاتجاه قال رئيس منظمة العمل الدولية خوان سومافيا خلال لقاء اقليمى للمنظمة فى العاصمة البرتغالية لشبونة أول أمس إن "الازمة الراهنة تولد مزيدا من عدم الرضى والفوضى على صعيد الطبقات الاجتماعية", مشيرا إلى أن "هناك حالة من الاحباط تتشكل وسط الطبقات الشعبية". ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن سومافيا قوله أن " البلدان الاوروبية ودول اسيا تتجه باتجاه إنحدار خطير فى وقت تتباطأ فيه اقتصاداتهم الوطنية بشكل كبير", محذرا من أن "انتكاسة الاقتصادات هذه قد تتسبب بالاستغناء عن خمسين مليون موظف فى انحاء العالم خلال العام الحالي". ودعا سومافيا إلى "معالجة مخاوف الطبقات الشعبية", وقال إن " خطط الإنقاذ الاقتصادية التي تتبناها الحكومات يتعين ان تعالج ليس فقط قضايا المصارف بل مخاوف الاشخاص حول العمل والرفاهية أيضا". وعلى الصعيد الأخر توصل خبراء التضخم المالي وتحديد الأجور في ألمانيا، إلى نتيجة مخالفة لما ذكره تقرير منظمة العمل في مسألة العلاقة بين انخفاض معدل التضخم في البلاد وتراجع أسعار المواد الخام المستوردة، بخاصة سعر النفط، والزيادات التي تحققت على الأجور أخيراً في عدد غير قليل من قطاعات العمل. وأعلنت دراسة لمؤسسة "هانس بوكلر" القريبة من النقابات العمالية، أن المفارقة هنا تتمثل في توقع خبراء ارتفاع القدرة الشرائية للعمال هذه السنة في ظل أقسى انكماش اقتصادي يحصل في البلد منذ الحرب العالمية الثانية. وقال خبير التعريفة في المؤسسة راينهارد بيسبينك، إن الهبوط الحاد في الأسعار حالياً "يسمح بتحقيق ما كان غير ممكن"، ون انتزاع زيادة ولو طفيفة على الأجور حالياً، "يكفي لتحسين القوة الشرائية خلال السنة الحالية". وأضاف بيسبينك أن مؤسسته تنطلق من أن المواطنين يلمسون التحسن قريباً للمرة الأولى منذ 2004 بعدما قضم التضخم المرتفع في الأعوام الأربعة الماضية كل الزيادات المتواضعة في الأجور. ومن جانبه ذكر كبير خبراء مصرف "بوست بنك" ماركو بارغل، أن معدل التضخم سيبلغ هذه السنة 1ً% فقط، أقل معدل منذ 2003 في مقابل نحو 3% العام الماضي، فيما ستبلغ زيادات الأجور للسنة الحالية وجزئياً لعام 2010 فسترتفع بين 2.8 و4.2% بحسب القطاعات. وذكرت خبيرة معهد الاقتصاد في كولونيا كلاوديا كمفيرت، أنه في حال بقي سعر النفط والغاز منخفضاً بنسبة الثلث عن سعره السابق، (150 دولاراً البرميل)، سيوفر الاقتصاد الألماني حتى أواسط السنة الحالية، مبلغ 10مليارات يورو. لكن كبير خبراء النمو في معهد الاقتصاد الدولي في هامبورغ ميشائيل بروينيغر قلل من أهمية تراجع التضخم، معتبراً أن انخفاض أسعار الطاقة "لن يمنع حصول انكماش في الاقتصاد مثلما لم يتمكن ارتفاع أسعارها من منع النمو" في السنوات الثلاث الماضية، ورأى أن كل ما يمكن أن يحصل من انعكاسات إيجابية لن يتجاوز حد تخفيف وطأة الأزمة على المواطن.