أسفر التراجع الجديد في سعر صرف الدولار عن مأزق للسلطات الأمريكية التي تسعى إلى دعم صادرات اقتصاد لا يزال هشا إنما من دون أن تنتقص مع ذلك من الثقة في "الورقة الخضراء". ولامس سعر صرف العملة الأمريكية الاسبوع الماضي أدنى مستوياته هذه السنة أمام اليورو، ومنذ عشرة أشهر أمام الين، نتيجة المخاوف حيال العجز المالي الأمريكي وضعف معدلات الفائدة التي تجعل من العملة اقل مردودية. وقد أنعش تراجع سعر الدولار التكهنات حيال التخلي عن الدولار كعملة مرجعية لتسديد اسعار النفط، وهو ما يهدد وضعه كعملة احتياطية. وبحسب محللين فإن البنك المركزي الأمريكي أن "الاحتياطي الفيدرالي" قد يضطر للإستجابة للضغوط لصالح زيادة معدلات الفائدة التي تبلغ حدود الصفر حاليا، للمساعدة على تصحيح الخلل العالمي بين العملات. ويعتبر بعض المحللين أن السلطات الأمريكية سترضى برؤية سعر صرف العملة يتراجع لأن ذلك يدعم الصادرات الأمريكية. ويرى المحللون ايضا أن خطر التضخم أقل من خطر الانكماش. لكن هذه الاستراتيجية قد تنقلب على الولاياتالمتحدة اذا ما فقد الدولار ثقة المستثمرين، وهو ما سيشكل ضربة جديدة للنظام المالي العالمي ، ويتزامن ذلك مع تدخل ثلاثة مصارف مركزية آسيوية لدعم الدولار. لكن تعليقات رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" يوم الخميس أسهمت في تهدئة المضاربات وأعادت بعض القوة إلى الدولار، فقد ألمح بن برنانكي بالفعل إلى أنه سيشدد السياسة النقدية ما أن يبدأ الاقتصاد بالانطلاق مجددا. إلا أن كيتي لين من جلوبال فوريكس تريدينج ، اعتبرت مع ذلك أنه "طالما لا وجود لانهيار مفاجىء، فإن الضعف يبقى تدريجيا لأن الاحتياطي الفدرالي سيأخذ وقته على ما يبدو ويستفيد من النتائج الإيجابية لدولار ضعيف". وسياسة معدل فائدة من صفر في المئة والذي يبقي عليه الاحتياطي الفدرالي منذ ديسمبر، ولدت تقنية مضاربة تشتمل على الاقتراض بالدولار والاستثمار في سندات سيدة لدول اخرى بحيث تكسب 3% او أكثر. وأفسح هذا الوضع في المجال أمام "ضغوط كبيرة من جانب اليابان وفرنسا والمانيا وايطاليا التي تبدي قلقها من الضعف السريع لسعر الدولار لأنها تعتمد بقوة على الصادرات"، بحسب ما أعلن سايمون جونسون كبير الاقتصاديين سابقا قي صندوق النقد الدولي والذي بات استاذا في جامعة "ام آي تي". لكن جونسون يرى أن الدولار الضعيف "ضربة حظ مذهلة لادارة اوباما" يمكن أن تساعد على التحسن الاقتصادي. وأوضح "إذا بقي سعر الدولار ضعيفا أو انخفض أكثر، فإن شركات تصنيع السيارات والآلات والتوربينات لدينا ستعمد قريبا إلى إعادة التوظيف وسنشهد أخيرا نموا في العمالة في خضم النهوض الاقتصادي". هذا في حين اعتبر اخرون أن العقبات ستسيطر على الوضع. وحذر جوزيف بروسويلاس من "أن تاريخ الدول التي حاولت تخفيض قيمة عملاتها لبلوغ الازدهار ليس مشرقا ، إن عملة ضعيفة تنتهي مع الوقت بطلب معدلات فوائد مرتفعة أكثر لجذب المستثمرين لتغذية النمو والعمالة ، وهذا يجلب ايضا التضخم عن طريق المبادلات التجارية".