في 19 يناير الجاري تتجه أنظار الأمة العربية إلي دولة الكويت التي تستضيف القمة الاقتصادية العربية علي مدار يومين في ظل ظروف صعبة تستدعي اتخاذ قرارات حاسمة, فالأزمة المالية العاليمة ما زالت أثارها تسري في جسد الاقتصاديات العالمية والعربية , وقطاع غزة يواجه حرب إبادة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي, وبسبب كل ذلك وأكثر منه يعلق البعض الكثير علي قمة الكويت. ويرى وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، أن القمة الاقتصادية العربية في الكويت تمثل طوق نجاة للدول العربية في ظل الظروف الصعبة في المنطقة والعالم, كما تمثل انطلاقة جديدة نحو عمل اقتصادي عربي موحد, مؤكدا أن النيات الطيبة لا تكفي وحدها لإنجاح القمة وبدء مرحلة جديدة من تعميق التعاون الاقتصادي العربي. وأوضح رشيد أنه علي مدار 50 عاماً رفع العرب فيها شعارات ودعوات كثيرة للتكامل الاقتصادي العربي، لكننا لم نستطع أن نحوّلها إلى آليات على أرض الواقع لإنشاء السوق العربية المشتركة أو تعميق التعاون للوصول إلى تكامل اقتصادي، كما فعلت تجمعات وتكتلات مثل الاتحاد الأوروبي. وأرجع رشيد, في حوار مع صحيفة الحياة اللندنية, السبب في عدم تحقق التكامل الاقتصادي العربي إلى وجود مقاومة لإنشاء سوق عربية مشتركة تحكمها نظرة ضيّقة لمصالح فردية، وفشلت معظم الهيئات والمنظمات في نطاق جامعة الدول العربية، التي كانت تتبنى هذه الشعارات، في تحويل تلك الطموحات والشعارات إلى حقيقة على أرض الواقع. لذا لا بدّ من إعادة النظر في هذه المنظمات والهيئات, موضحا أن فشلها قد لا يرجع إلى الأشخاص القيِّمين عليها، وإنما إلى عدم صدق نيات الحكومات العربية في العمل. وأكد أن العمل الاقتصادي العربي الموحد يحتاج إلى أفكار وآليات جديدة ليتجسد على أرض الواقع، إضافة إلى إعادة تنظيم العمل العربي المشترك بآلياته وهيئاته. ولا بد أيضاً من "أن تكون لدينا رؤية واضحة وخريطة طريق نتفق عليها لتحقيق ما نريده من العمل الاقتصادي العربي الموحد، يتطلب منا تحمل تبعات وآثار سلبية قد تظهر في دولة أو في أخرى. لكن البداية يجب أن تكون في مزيد من حرية انتقال رؤوس الأموال العربية بين الأقطار العربية ومزيد من حرية انتقال السلع والخدمات وكذلك الأفراد". واعتبر أن الاتحاد الجمركي أساس لا بد منه لقيام السوق العربية المشتركة إلى جانب تحرير التجارة، فمن دونهما لا يمكن قيام سوق مشتركة, موضحا أننا الدول العربية بلغت شوطاً كبيراً وحققت نجاحات من خلال اتفاق التجارة الحرة العربية، وان لم تنضم لها كل الدول العربية، إلا أنها أرست قاعدة يمكن البناء عليها مع الاتحاد الجمركي العربي, كما أكد أن ربط شبكات الطاقة والمواصلات، أهم المحاور التي تبنى عليها التجمعات الاقتصادية الإقليمية. وتحدث رشيد عن الأمن الغذائي، الذي صار قضية مهمة جداً في ظل تقلب أسعار الغذاء في العالم خصوصاً وأن العالم العربي رغم إمكانياته الهائلة في مجال الزراعة إلا أنه يستورد أكثر من 60 % من غذائه، مع توفر إمكانيات كبيرة في دول عربية مثل السودان. وعرض لخطة طموحة في مصر تهدف إلى إنشاء مناطق زراعية صناعية، لزراعات وصناعات غذائية، تحتاج إلى رؤوس الأموال العربية. ورأى أن الأزمة المالية العالمية الراهنة قد تحمل جوانب إيجابية على العمل الاقتصادي العربي، يتمثّل في احتمال حشد رؤوس الأموال العربية وتوظيفها في مشروعات تنموية عربية داخل المنطقة، خصوصاً في البنية الأساسية التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة لاستيعاب الاستثمارات الجديدة وتوسعات حركة التجارة العربية - العربية. وكانت المنسق العام للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية السفيرة ميرفت التلاوي قد أكدت أن القمة الاقتصادية سوف "تتناول عددا من القضايا التنموية التي تمس المواطن العربي البسيط بشكل مباشر". وأوضحت التلاوي أن المقترحات التي تم مناقشتها خلال فترة الإعداد للقمة بلغت إلى 442 مقترحا من بينها 70 مقترحا حول قضية الطاقة و62 في البنية التحتية و30 اقتراحا لإنشاء مؤسسات تمويل للتنمية ومشروعات صغيرة ومشروعات كبيرة. وقالت أن الأمانة العامة للجامعة العربية قامت بدراسة هذه المشاريع وتم اختيار خمسة مشروعات محددة تستشعر كل الدول العربية الفقيرة والغنية أهميتها مثل الربط الكهربائي والسكك الحديدية والطرق البرية والأمن الغذائي والمياه وإعادة تأهيل العمالة العربية. ولفتت إلى تحديات عدة تواجه المواطن العربي وهي تدني مستوى المعيشة والفقر والبطالة وتدهور أوضاع المواطن العربي بشكل عام وتواضع حجم التجارة العربية البينية وهجرة رؤوس الأموال والعقول العربية الى الخارج فضلا عن ضعف البنية التحتية وعدم مواكبة مخرجات التعليم مع سوء العمل ومتطلبات التنافسية العالمية.