تستضيف العاصمة العمانية خلال الساعات القليلة المقبلة قمة مسقط لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وسط آمال خليجية عريضة بأن تسهم تلك القمة في إعطاء المزيد من الدعم لمسيرة التعاون الخليجي وصولا إلى تحقيق التطلعات والطموحات في المزيد من التقدم والرقي ولعل الأهم من ذلك تجنب ويلات الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد العالمي. وتأتي قمة مسقط وهي القمة ال 29 التى تنتظرها شعوب الخليج جمعاء في أوقات عصيبة تلقي بالمسؤولية على عاتق القادة المجتمعين لاتخاذ قرارات مغايرة لأي قرارات سابقة لما تمثله تلك القمة من خصوصية في وقت يمر فيه الاقتصاد العالمي بأزمة اقتصادية طاحنة اعتبرها البعض هي الأكبر منذ "الكساد العظيم" في ثلاثينيات القرن الماضي. ومن المفترض ان تكون المواضيع الاقتصادية وانعكاسات الازمة المالية العالمية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجى الست ،السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، فى صلب اهتمامات القمة، اضافة الى التوقيع المرتقب على اتفاقية الاتحاد النقدي. القضايا المطروحة يرى البعض أن كل ملف من ملفات القضايا التي ستوضع على مائدة قمة مسقط المقرر عقدها الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الجاري في حقيقة الأمر في حاجة إلى قمة بذاتها ولعل أهمها: الأزمة المالية العالمية: وذلك بعد موجة الهبوط الحادة التي أصابت كافة البورصات الخليجية بعد انهيار سوق العقارات في الولاياتالمتحدةالأمريكية وما تبعه من انهيار في أسواق المال على المستوى الدولى ،وهو ما يحتم قيام الدول الخليجية وحكوماتها ، بدور فاعل في أسواق المال. انهيار أسعار النفط: فلا شك أن عائدات النفط هي المورد الأساسي في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، وأن انخفاض أسعار النفط بنسبة قاربت حاجز ال 60%، يعني توجيه ضربة قوية للاقتصادات الخليجية، يمكن أن تصيبها بحالة من الركود والكساد. العملة الموحدة: فلاشك وأن الإسراع بالإصلاحات النقدية يساعد اقتصادات دول الخليج على تقويتها ضد التقلبات المالية المستقبلية،وعلى الرغم من إقرار وزراء مالية دول الخليج في شهر سبتمر الماضي إطار الوحدة النقدية بين دولهم، إلا أنهم لم يجيبوا عن التساؤلات بشأن إطلاق العملة الموحدة التي تقع في صميم المشروع. المشروعات المستقبلية: ويتعلق ذلك الملف بالشراكات المستقبلية لدول مجلس التعاون والتي ينتظر إنجازها،مثل الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، والاتحاد النقدي بالأضافة إلى اتخاذ قرارات بشأن عدد من الملفات التي شبعت بحثا ودراسة من خلال اللجان الفرعية في السنوات السابقة، ومنها الربط الكهربائي ومشروع الربط الحديدي وكذلك الربط المائي، اضافة الى العوائق التي تقف امام السوق الخليجية المشتركة وقضية التركيبة السكانية والعمالة الوافدة، فيما سيبحث القادة أمن البحار وكيفية التصدي للقرصنة البحرية في خليج عدن. قضايا مستبعدة في الوقت الذي تأتي فيه الأزمة الاقتصادية المالية في مقدمة الملفات المطروحة على مائدة قمة مسقط إلا أن ملامح خطة خليجية موحدة للتعامل مع تلك الأزمة على غرار التحرك الجماعي في خطة الانقاذ الأوروبية بات مستبعدا، بعد أن أكد الوزير المسئول عن الشئون الخارجية في سلطنة عمان إن دول الخليج لن تبحث في القمة المرتقبة خطة إنقاذ اقتصادية، مشددا على استعداد الدول الخليجية لضخ المزيد من السيولة في اقتصاداتها لمواجهة الأزمة المالية العالمية "إذا احتاج الأمر". ويؤكد الوزير يوسف بن علوي أن التأثيرات السلبية على اقتصادات دول مجلس التعاون تعتبر في حدها الأدنى، وأن وزراء الاقتصاد والمالية الخليجيون عقدوا أكثر من اجتماع لمواجهة تأثيرات هذه الأزمة الكونية وتداولوا في أكثر من اجتماع كيفية مواجهة هذه الآثار والتي خلصوا إلى أنها في حدود الإمكان أن يواجهها ويسيطر عليها كل بلد من بلدان المنظومة الخليجية ضمن جهود داخلية، ولذلك فالأمر لم يتطلب حتى الآن وجود خطة مشتركة. ومن المتوقع أيضا أن قمة مسقط لن تفتح ملف أنضمام أي أعضاء جدد للمجلس الخليجي، الذي يضم في عضويته ست دول، خاصة أن هناك شبه أقتناع من قبل الدول الأعضاء، بضرورة حصر عضوية المجلس على الدول المؤسسة له، في حين تقتصر مشاركة الدول الراغبة في الانضمام للمجلس، مثل العراق واليمن، عبر مشاركتها لدول المجلس في المنظمات والهيئات المنضوية تحت مظلة مجلس التعاون، مثل الصحة والتربية والعمل والشؤون الاجتماعية، وكذلك مشاركتها في كأس الخليج لكرة القدم. وفي هذا الصد دعا وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس، خلال مشاركته في مؤتمر حوار المنامة الشهر الجاري، دول الخليج لضم العراق لعضوية مجلس التعاون الخليجي، كما كرر اليمن أيضا دعواته السابقة بأنضمام صنعاء للمجلس التعاوني. وعلى الجانب الآخر صرح دبلوماسي خليجي لصحيفة "الشرق الأوسط" إن الحكومات الخليجية متفقة على أن "مجلس التعاون عندما أسس كانت ظروف الدول الست متشابهة للدرجة التي تسمح باستمرار المجلس بنفس الوتيرة طوال ما يقارب من ثلاثة عقود وهو الأمر الذي لم ليكن لو تم ضم أي دول عربية أخرى"، مضيفا أن مسألة انضمام أعضاء جدد للمجلس شبه محسومة، فالمجلس مقصور على أعضائه الحاليين ولن يفتح الباب مطلقا لمثل هذه الدعوات. مطالب ملحة في إطار حرصه على مد أواصر التعاون والتنسيق مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وأجهزتها المختلفة طالب القطاع الخاص الخليجى قمة مسقط بعد التسرع في إطار إصدار التشريعات الخاصة بتحديد مدة بقاء العمالة الأجنبية في دول المجلس. وبرر الدكتور عصام عبد الله فخرو، رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، مطالب القطاع الخاص بعد تحديد فترة خمس سنوات وهى التوصية التي تثير جدلا في أوساط التجار الخليجيين بأن الظروف الاقتصادية الراهنة التي يمر بها العالم أجمع تستوجب وجود المزيد من المرونة على السياسات الخاصة بأسواق العمل بهدف تحفيز الاقتصاد ،مشيرا إلى ضرورة التفريق بين العمالة الماهرة التي سوف تبقى دول مجلس التعاون بحاجة إلى بقائها فترة زمنية أطول وبين العمالة غير الماهرة التي يمكن استبدالها خلال الفترة الزمنية المقترحة. وختاما لا يستطيع أحد إنكار أن مجلس التعاون الخليجي قد حقق خلال المراحل الماضية الكثير من الإنجازات ورغم تلك النجاحات، إلا أن المراحل القادمة من مسيرة التعاون لا تخلو من التحديات التي تتطلب تفعيل آليات عمل المجلس والتهيؤ للمستجدات التي تفرض نفسها على الساحة الإقليمية.